استمع إلى الملخص
- مصر وافقت على تحويل المساعدات مؤقتًا بعد مكالمة بين بايدن والسيسي، مع ترقب لمدى جدية إسرائيل في السماح بتدفق المساعدات ومخاوف من استخدام المعبر كضغط سياسي.
- الأزمة تفاقمت بفشل الميناء العائم الأمريكي وتزايد المجاعة، مع دعوات دولية لوقف الهجوم العسكري وتحسين الوضع الإنساني في غزة عبر فتح معبر رفح.
بعد ثلاثة أسابيع من بدء الاحتلال عملية عسكرية برية في مدينة رفح، ما أدى إلى إغلاق معبر رفح البري الذي يصل القطاع بمصر منذ 7 مايو/أيار الحالي بعد أن سيطرت القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني منه، وبالتالي توقف دخول مساعدات إلى غزة عن طريق البر، بدا أن إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة قد سلّمتا بحتمية الخيار البري لإدخال المساعدات، على قلّتها، إلى القطاع، هو ما دفع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الدفع نحو تجاوز عقدة معبر رفح، وذلك عبر الاتفاق مع مصر على دخول مساعدات إلى غزة متكدسة عند حدودها عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة، لكن هذا الاتفاق واجه أول اختبار له أمس الأحد، إذ أفيد بأن الشاحنات المصرية المحملة بالمساعدات، كانت، حتى ساعات بعد ظهر أمس، تصطف داخل معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي من دون تفريغها، وأن الاحتلال أعاد الشاحنات الفلسطينية التي كان يفترض أن تنقل المساعدات من المعبر إلى داخل غزة.
تريد مصر عودة السيطرة الفلسطينية على معبر رفح من جهة غزة
وترفض مصر إعادة فتح جانبها من معبر رفح البري، الذي كان يشكل نقطة الدخول الرئيسية للإغاثة الإنسانية وبعض الإمدادات التجارية، حتى تعود السيطرة عليه من جانب غزة إلى الفلسطينيين، لكنها وافقت على تحويل حركة المرور مؤقتاً عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، وذلك بعد مكالمة هاتفية بين بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وستظهر الأيام المقبلة مدى جدية الاحتلال في السماح بتدفق دخول مساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، إن من خلال العراقيل المباشرة على غرار ما جرى أمس أو غير المباشرة بعدما سمحت السلطات الإسرائيلية لمستوطنين بعرقلة دخول الشاحنات سابقاً.
الاتفاق على دخول مساعدات إلى غزة
وجاء الاتفاق على دخول مساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم بعد أن بدأت بعض الإمدادات الغذائية المتكدسة في مصر والمخصصة إلى غزة تفسد بسبب إغلاق معبر رفح. كما أتى بعد تعثر تجربة الميناء العائم الذي شيدته الولايات المتحدة، إن بسبب محدودية دخول مساعدات إلى غزة عبره أو بسبب جرف الأمواج جزءاً منه في الأيام الماضية، وهو ما فاقم من أزمة المجاعة في القطاع، حيث تفرض إسرائيل حصاراً على غزة أدى إلى حرمان سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة من المياه النظيفة والغذاء والأدوية والوقود.
كذلك، جاء الاتفاق بالتزامن مع إصدار محكمة العدل الدولية أمراً للاحتلال تطالبه فيه بالوقف الفوري لهجومه العسكري وأي عمل آخر في رفح، مشددة على ضرورة محافظة إسرائيل على فتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، فيما كان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان قد طلب أخيراً إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية"، بما في ذلك تحميلهما مسؤولية استخدام تجويع المدنيين أسلوباً من أساليب الحرب باعتباره جريمة حرب. وبدأت أمس الأحد شاحنات مساعدات آتية من مصر التوجه إلى معبر كرم أبو سالم الحدودي بين إسرائيل والقطاع، بحسب ما أوردت قناة "القاهرة الإخبارية". وبحسب القناة، انطلقت 200 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية من الجانب المصري لمعبر رفح مع غزة إلى كرم أبو سالم.
وأشارت إلى أن القافلة تتضمن "أربع شاحنات تحمل وقوداً". من جهته، قال خالد زايد، رئيس الهلال الأحمر المصري في العريش إلى حيث يصل الجزء الأكبر من المساعدات المخصصة للقطاع الفلسطيني المحاصر، لوكالة فرانس برس، إنه من المتوقع أن تدخل نحو 200 شاحنة مساعدات، منها أربع شاحنات وقود، إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم اليوم الأحد. وكان البيت الأبيض أعلن، يوم الجمعة الماضي، أن الرئيس المصري تعهد خلال مكالمة هاتفية مع بايدن بـ"السماح بإدخال المساعدة الإنسانية التي تؤمنها الأمم المتحدة عبر معبر كرم أبو سالم". وتخضع جميع المساعدات من مصر لتفتيش صارم من قبل السلطات الإسرائيلية، ويجرى توزيعها عبر الأمم المتحدة. من جهتها، قالت الرئاسة المصرية يومها إن مصر والولايات المتحدة اتفقتا على دخول مساعدات إلى غزة وإرسال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم لحين اتخاذ ترتيبات قانونية لإعادة فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني.
كما أعلنت الرئاسة الفلسطينية، يومها، أنها اتفقت مع مصر بشأن دخول مساعدات إلى غزة لا سيما المساعدات الإنسانية من خلال معبر كرم أبو سالم، بشكل مؤقت، وذلك إلى حين الاتفاق على تشغيل الجانب الفلسطيني الرسمي لمعبر رفح. وتظهر الأرقام الأممية حجم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة التي تفاقمت منذ بدء الاحتلال العملية البرية في 6 مايو، إذ قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للمنظمة الأممية (أوتشا)، في بيان قبل أيام، إنه منذ بدأت العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح في 7 مايو "كان دخول المساعدة إلى غزة محدوداً جداً". وأضاف المكتب الأممي أنه بين 7 و23 مايو "دخلت 906 شاحنات فقط تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة عبر مجمل نقاط الدخول العاملة، بينها 143 عبر معبر كرم أبو سالم و62 عبر إيريز و604 عبر إيريز الغربي و97 انطلاقاً من الرصيف العائم (الذي شيدته أميركا)". ولا يحصي المكتب وصول شاحنات القطاع الخاص التي تعبر كرم أبو سالم وتحظى بأولوية لدى الإسرائيليين، بحسب المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني.
بدأت الشاحنات أمس الدخول إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم
كذلك، لا يحصي المكتب السلع "التي توضع عند المعبر" من دون توفر الشروط الأمنية واللوجستية الضرورية لتحصل المنظمات الإنسانية عليها، وفق البيان. من جهته، أوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في تصريحات صحافية قبل أيام، أنه من أصل 906 شاحنات، فإنّ نحو 800 من تلك الشاحنات كانت عبارة عن "إمدادات غذائية". وفيما أكد أن اقامة الرصيف الأميركي المؤقت على ساحل غزة أتاح وصول 97 شاحنة مساعدات إنسانية خلال أسبوع فقط، لفت إلى أن العملية شهدت استقراراً بعد "بدايات صعبة".
وفي السياق، أوضح دوجاريك أنه في الأيام الأولى من عمليات التسليم عبر الميناء، أخذ سكان يائسون حمولات بعض الشاحنات المتجهة إلى المستودعات، لكن الوضع استقر الآن. وأنهت الولايات المتحدة إقامة هذا الرصيف بعد إعلان بشأنه أصدره الرئيس جو بايدن في مارس/آذار الماضي. وكان الهدف المعلن منه هو تعويض القيود التي فرضتها إسرائيل على إيصال المساعدات إلى قطاع غزة من طريق البر، لكن هذه المهمة اصطدمت بعراقيل عدة. وفيما أوضحت القيادة المركزية في الجيش الأميركي "سنتكوم" أنه جرى تسليم 1005 أطنان مترية من المساعدات عبر البحر إلى نقطة النقل الشاطئية اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، مع نقل 903 أطنان مترية من نقطة النقل إلى مستودعات الأمم المتحدة، أقرت، أول من أمس السبت، بأن أربع سفن تابعة للجيش الأميركي تدعم عمل الرصيف العائم، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، جنحت وسط الأمواج العاتية، وأن جهود سحبها جارية.
وجاء الإقرار الأميركي بعدما كشفت القناة "12" العبرية، أول من أمس السبت، عن انفصال جزء من ميناء غزة العائم على سواحل قطاع غزة ووصوله إلى شاطئ مدينة أسدود في الأراضي الفلسطينية المحتلة من جراء الأمواج القوية. ولم يحقق الميناء العائم الأهداف المرجوة منه، إذ تفاقمت خلال الأسابيع الماضية الكارثة الإنسانية في القطاع. وبالنسبة للغزيين، تقلّص حجم المساعدات المقدمة من أونروا وبرنامج الأغذية العالمي، خصوصاً للنازحين الحاصلين على ما يسمى "الكابونة اليومية". كذلك تقلصت منذ أسبوعين أعداد المعلبات الغذائية الجاهزة التي كان يتسلمها غزّيون. كما لم يحصل عدد كبير من الغزيين على الخيام التي ينتظرون تزويدهم بها في ظل نقص حاد فيها، ما جعل عشرات الآلاف بلا مأوى منذ نزوحهم من رفح عقب بدء الاحتلال العملية العسكرية البرية في المنطقة.
وفي السياق، قالت علياء أبو السعيد التي نزحت من رفح إلى المواصي في حديث مع "العربي الجديد": "نحن 25 فرداً نعيش في خيمة كبيرة، ونحن من العائلات التي نزحت أخيراً من مدينة رفح. خرجنا من دون طعام أو أي شيء، والمساعدات التي كنا نتلقاها من قبل كانت أصلاً قليلة". وأضافت: "سابقاً كنا في منزل كبير ونستضيف نازحين، لكن جميعنا الآن في خيام النزوح ومن دون مساعدات". وتابعت: "لم نتلق أي مساعدات سوى القليل من الطعام لا يكفي لوجبة واحدة يومية... ليست لدي آمال بتحسين المساعدات، هناك عائلات كثيرة وأطفال في منطقة المواصي بحاجة لطعام وحليب صحي ومياه جيدة". وأضافت: "ما سيقومون بإدخاله عبارة عن مساعدات لإبقائنا أياماً محدودة على قيد الحياة"، متساءلة: "متى تنتهي المذلة التي نراها". من جهته، لخص فادي أبو الرقب، في حديث مع "العربي الجديد"، صعوبة الوضع للنازحين من رفح إلى المواصي قائلاً: "الناس تزداد في منطقة المواصي، نحن نريد أن نأكل، ليس المهم كيف وأين ومتى".
وأضاف: "منذ أن نزحنا إلى هنا قبل ثلاثة أسابيع، نتلقى كل أربعة ايام مساعدات قليلة، في المقابل، لا نملك المال لشراء شيء من السوق لأنني بصفتي عاملاً مثل الكثير من العمال فقدت عملي في البناء منذ بداية العدوان، وأنا الآن فقط أعيش على المساعدات مثل بقية الناس هنا". وفي السياق، قال عضو لجنة الطوارئ الإنسانية في غزة، الأخصائي الاجتماعي محمد أبو العطا، وهو من ضمن القائمين على توزيع والتخطيط لمسار المساعدات الغذائية والصحية، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "لا يشعر بأي آمال قريبة لتحسن حالة المساعدات الإنسانية من دون فتح معبر رفح البري، في ظل حاجة الغزيين والمرضى والجرحى على وجه التحديد للسفر وكذلك لتقليص ساعات فحص المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع".
ولفت إلى أنه "في الأشهر الأخيرة، كانت المساعدات عبر معبر رفح تأخذ من ساعة إلى ساعتين للفحص الأمني حتى يقومون بإدخالها إلى الجانب الفلسطيني ثم فرزها، بينما المساعدات التي تدخل من جهة إسرائيل كانت تخضع لتدقيق أمني يصل إلى ما يزيد عن يوم، خصوصاً الشاحنات التي كانت متجهة لأونروا وبرنامج الأغذية العالمي". كما لفت إلى مخاوف بشأن ضمان الجانب الإسرائيلي في ما يتعلق باستمرار دخول مساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، مبدياً هواجسه من لجوء الاحتلال إلى اعتباره ورقة ضغط سياسية عندما يتعلّق الأمر بملف المفاوضات أو ورقة تهديد لعدم إطلاق الفصائل صواريخ من قطاع غزة إلى الأراضي المحتلة.
بطء نقل المساعدات عبر الممر البحري
وبخصوص الممر البحري، قال أبو العطا إن "عملية نقل المساعدات كما رأيناها بطيئة على الجانب البحري وبنفس السياسة الإسرائيلية التي تتضمن رقابة وفحص السفن في ميناء أسدود المحتل، لذا لن يتغير الأمر إلا في حال فُتح معبر رفح"، معتبراً أن "السياسة الحالية هي إبقاء الحال على ما هي عليه وليست لحل المشكلة". من جانبه، قال مدير جمعية أجيال للإبداع والتطوير عبد الله شرشرة، لـ"العربي الجديد"، إن إغلاق المعابر أثر بالسلب على العمل الإنساني الإغاثي، إذ لم تعد المؤسسات الإنسانية قادرة طوال فترة الإغلاق على ممارسة عملها نظراً لعدم وجود منافذ برية، علاوة على ارتفاع تكلفة المواد الغذائية اللازمة لتوزيع الطرود على الأسر المحتاجة.
ولفت إلى أن الميناء الأميركي والمعابر البرية الموجودة لا تفي بالغرض، ويجب أن تكون هناك توسعة في المعابر من أجل تمكين الجهات الإنسانية والإغاثية من أن تستورد وتدخل البضائع والمواد التي تحتاجها في عملها. أما الشاب محمد المدهون، وهو أحد المبادرين في مجال العمل الإنساني، فاعتبر في حديث مع "العربي الجديد" أن إغلاق المعابر أسهم في شل العمل الإنساني نظراً لشح المواد المتوفرة في السوق، وزاد من الأسعار وهو ما انعكس بالسلب. وشدد على أن إغلاق معبر رفح البري وبوابة صلاح الدين (المحاذية لمعبر رفح البري والتي تدخل منها بضائع التجار) انعكس سلباً على مختلف مناحي الحياة وعزز من تجويع الفلسطينيين في القطاع. وأشار إلى أن الكثير من السلع والأدوية التي كانت مبادرته تعمل على توزيعها لم تعد تصل إلى القطاع. ولفت المدهون إلى أن الميناء الأميركي عمله محدود للغاية وتبدو أهدافه سياسية أكثر من كونها إغاثية، وهو أمر يعرقل العمل الإغاثي نظراً لشح الكميات التي يسمح لها بالوصول عبره إلى القطاع عند مقارنته بالمعابر البرية مثل رفح وكرم أبو سالم.
وأشار إلى أن المطلوب بشكل واضح هو فتح المعابر البرية وزيادة كميات الشاحنات التي يسمح لها بالوصول إلى القطاع، إذ عندها يمكن للعمل الإنساني والإغاثي أن يزيد من وتيرة الخدمات المقدمة لمئات الآلاف من الأسر المحتاجة في ظل الحرب. في هذه الأثناء، برزت مخاوف لدى مراقبين في مصر من أن يكون إدخال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، بموجب اتفاق جديد لتجاوز معبر رفح مع مصر، حسماً من الدور المصري في الأزمة الحالية، ودورها تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، بالنظر إلى أن معبر رفح كان المنفذ الوحيد لقطاع غزة مع العالم الخارجي، قبل إنشاء الرصيف البحري المؤقت على سواحل القطاع، وهو ما أثار حفيظة مصر.
الكاتب والمحلل في الشؤون الأوروبية والدولية حسام شاكر قال، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "يظهر من جديد أن القاهرة غائبة عن أن تكون طرفاً فعالا في إدارة الموقف، وهذا تأكد بعد أوامر محكمة العدل الدولية الخاصة برفح، حيث لم تقم مصر بأي تصرف استغلالاً لهذا القرار باتجاه يحرج الاحتلال، كما أنها لم ترد على ادعاءات الاحتلال بأنها من تغلق معبر رفح، ولم تنفذ قرار القمة الإسلامية العربية الطارئة في الرياض في الحادي عشر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الداعي لكسر الحصار". واعتبر أن القاهرة "بقيت ملتزمة بسياسة الإغلاق الشامل والمنع والحصار المطبق التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي، من دون أن تتصرف بشكل يتناسب مع وزنها وحجمها وإمكانياتها ومصالحها أيضاً، كما أن القاهرة تلقت إهانات موجعة من الجانب الإسرائيلي مع بدء عملية عسكرية في رفح تحديداً ورفع العلم الإسرائيلي عند المعبر، ثم احتلال محور فيلادلفيا صلاح الدين في رفح، وهذا كله لم يقابل برد مصري". من جهته، أشار المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير عبد الله الأشعل إلى أن "مصر قادرة على إيصال المساعدات إلى قطاع غزة حتى لو رفضت إسرائيل ذلك"، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد" أن القاهرة "تمتلك أوراقاً سياسية ودبلوماسية وعسكرية كافية لإيصال هذه المساعدات".
وأوضح الأشعل أن مصر، "حال تبنيها موقفاً أكثر إصراراً على دخول مساعدات إلى غزة ستجد دعماً إقليمياً ودولياً، حتى من قوى غربية حريصة على عدم المساس بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية". وبيّن أن مصر "تستطيع الاستفادة من الغضب الدولي تجاه إسرائيل والتعاون مع منظمات أممية لدخول مساعدات إلى غزة بشكل يُعجز إسرائيل عن الرفض ولا يخل بالتزامات مصر ورفضها احتلال معبر رفح وأجزاء من ممر فيلادلفيا". من جهته، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير رخا أحمد حسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "من أسباب نقل مرور المساعدات مؤقتاً إلى معبر كرم أبو سالم المساهمة في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إلى أن يُعاد فتح معبر رفح، حيث جرى الاتفاق على أن تسلم المساعدات إلى الأمم المتحدة وليس إلى إسرائيل، وأن تعود التعاملات في معبر رفح عند فتحه وفقاً لاتفاقية المعابر 2005 التي تقضي بأن يكون المسؤول في قطاع غزة هو الفلسطينيون وليس قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأنه يتعين انسحاب القوات الإسرائيلية من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) لتأمين دخول مساعدات إلى غزة وخروج الجرحى والمصابين الفلسطينيين للعلاج فى مصر".
وأضاف حسن أنه "يجرى حالياً بحث ترتيبات عودة معبر رفح للعمل، خصوصاً بعد أن ثبت أن الميناء الأميركي العائم ليس فعالاً، ولا يمكن أن يغني بأي حال عن المعابر البرية لإدخال المساعدات الإنسانية، وبكميات كافية لسكان قطاع غزة المهددين بحدوث مجاعة". إلى ذلك، رأى الخبير الاستراتيجي العقيد حاتم صابر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "رسالة الرئيس السيسي لبايدن واضحة، ومفادها أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه المأساة الإنسانية في قطاع غزة، تأتي ترجمة لقرار استراتيجي مصري رافض تماماً احتلالَ إسرائيل لمعبرَ رفح وسيطرتها على أجزاء من ممر فيلادلفيا، وهو ما يتجاوز جميع الخطوط الحمراء". وشدد صابر على أن مصر "تمتلك الوسائل اللازمة من أجل دخول مساعدات إلى غزة بكل الطرق خلال المرحلة المقبلة، سواء بحراً أو براً أو جواً".