على الرغم من تهليل الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية لرئيس حكومة تصريف الأعمال يئير لبيد، ووزير أمنه بني غانتس بشأن العدوان على غزة الأسبوع الماضي؛ فإنّ استطلاعات الرأي الإسرائيلية، تشير إلى أنّ قوة معسكر زعيم المعارضة ورئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو هي التي زادت في المحصلة، الأمر الذي يرفع حظوظه لتشكيل الحكومة المقبلة في إسرائيل بعد الانتخابات المقررة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.
وقد أظهر استطلاع شامل، أجراه موقع "معاريف" ونشرت نتائجه اليوم الجمعة، أنه على الرغم من أنّ حزب لبيد "ييش عتيد" سيكسب مقعدين إضافيين في حال جرت الانتخابات اليوم، وسيتراجع "الليكود" إلى 33 مقعداً، مقابل 35 مقعداً في استطلاعات سابقة؛ فإنّ المعسكر المؤيد لنتنياهو، سيحتفظ بـ59 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست، مع ازدياد احتمالات استمالة زعيمة حزب "يمينا" سابقاً، أيليت شاكيد، وحزبها الجديد "الروح الصهيونية"؛ إلى خيار الائتلاف مع نتنياهو ومعسكره، المتشكل تحت شعار تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ووفقاً لنتائج "معاريف"، فإنه مقابل 59 مقعداً لمعسكر نتنياهو (دون حزب "الروح الصهيونية" الذي سيجتاز نسبة الحسم ويحصل على 4 مقاعد)؛ فإن معسكر لبيد لن يتجاوز 47 مقعداً، في ظل عدم تمكّن حزب "ميرتس" اليساري من اجتياز نسبة الحسم.
كما تبين النتائج أنه مع انضمام "القائمة الموحدة" بقيادة منصور عباس، سيصل معسكر لبيد إلى 51 مقعداً، أما في حال انضمت أيليت شاكيد وحزبها الجديد إلى المعسكر نفسه؛ فإن هذا المعسكر سيصل إلى 56 مقعداً، وبالتالي فإنه سيبقى دون أي فرصة أو أمل بتشكيل حكومة ائتلافية جديدة.
وبعد قرار رئيس الحكومة السابق، نفتالي بينت، أمس، التخلّي عن كل مسؤولية أو علاقة بحزبه "يمينا"، ونقل قيادة الحزب لأيليت شاكيد؛ تتحرر الأخيرة من التزامها السابق بعدم تشكيل حكومة مع نتنياهو، على الرغم من تحالفها مع يوعاز هندل وتسفي هاوزر، اللذين انسحبا سابقاً من "الليكود" بسبب موقفهما الشخصي المناهض لنتنياهو.
وعلى الرغم من أنه لا تزال أمام لبيد وحزبه مهلة تزيد عن شهرين حتى موعد الانتخابات، فإنه ينبغي الأخذ بالاعتبار أنّ العدوان على غزة وارتقاء أكثر من 44 شهيداً وسياسات الاقتحامات والاغتيالات والتصفيات لعناصر المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة؛ ستساهم كلها في تقليص فرص أن تعلن "القائمة المشتركة" بقيادة أيمن عودة، ضم مقاعدها الستة التي تحصل عليها في الاستطلاع الحالي، إلى كتلة لبيد، إلى الصفر.
وفي هذا السياق، يمكن القول إنّ لبيد الذي حاول بناء مجده والتعويض عن قلة خبرته العسكرية، بعدوان على غزة؛ سيكتوي بالنيران نفسها التي اكتوى بها أسلافه؛ إيهود باراك، الذي خسر الانتخابات المباشرة مقابل أرئيل شارون بعد "هبة القدس والأقصى" عام 2022، حين قتلت شرطة حكومته 13 شهيداً من الداخل الفلسطيني، فقاطع فلسطينيو الداخل الانتخابات المباشرة، الأمر الذي مكّن شارون في نهاية المطاف من التغلّب عليه.
والأمر نفسه كان من نصيب رئيس الحكومة الأسبق، شمعون بيريز، الذي خسر الانتخابات المباشرة بعد اغتيال إسحاق رابين، مقابل بنيامين نتنياهو، إثر العدوان الذي شنه على لبنان تحت مسمى "تصفية الحساب" عام 1996، حيث ارتكب جيش الاحتلال مجزرة قانا، التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 127 لاجئاً فلسطينياً ومواطناً لبنانياً، الأمر الذي أدى إلى إحجام فلسطيني الداخل عن التصويت له ودعمه في الانتخابات، فخسر لصالح نتنياهو بفارق لا يزيد عن 27 ألف صوت.
يُضاف إلى ما سبق، أنّ تخلّص شاكيد من "مظلة نفتالي بينت"، المهووس بإسقاط نتنياهو بأي ثمن؛ يمنحها وحزبها الجديد "الروح الصهيونية"، فرصة مساومة نتنياهو بعد الانتخابات، لتشكيل ما قد يطلقون عليه حكومة وحدة وطنية، تحت ذريعة عدم الذهاب لانتخابات جديدة. والأمر نفسه ينسحب على تحالف غانتس - ساعر.
وإذا كان وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس قد يضع شروطاً شديدة على نتنياهو للتحالف معه؛ فإنه من المحتمل أن يتمكن نتنياهو هذه المرة، من استمالة شاكيد وأعضاء حزبها، إلى جانب عدد من المرشحين على قائم تحالف غانتس - ساعر، الذين أعلنوا منذ الآن، أنهم غير معنيين بأي حال من الأحوال بالدخول في ائتلاف حكومي يعتمد على أصوات عربية، حتى لو كانت لـ"القائمة الموحدة" التي يقودها منصور عباس.