الدعاوى القانونية ضد دونالد ترامب تتساقط

27 نوفمبر 2024
دونالد ترامب في بالم بيتش بفلوريدا، 14 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تحرر ترامب من المتاعب القضائية: بعد فوزه بولاية ثانية، بدأت الدعاوى القضائية ضد ترامب تتساقط، حيث وافقت القاضية تانيا تشوتكان على ردّ الدعوى المتعلقة بمحاولة قلب نتائج انتخابات 2020، مع إمكانية إعادة فتحها لاحقاً.

- التحديات القانونية المستقبلية: رغم تعليق بعض القضايا، قد تصبح ملاحقة ترامب بلا جدوى بعد أربع سنوات. لا يتمتع ترامب بالسلطة للتدخل في الملاحقات القضائية في جورجيا ونيويورك.

- الانتصار القانوني والسياسي: فوز ترامب في الانتخابات يمثل انتصاراً سياسياً وقانونياً، حيث تعهد بطرد المدعي الخاص جاك سميث، مما يضمن توليه مهام منصبه بعيداً عن التدقيق القانوني.

في سيناريو كان متوقعاً إلى حدّ بعيد في حال فوزه بالرئاسة مجدداً، بدأت الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تتساقط تباعاً، بعضها مع "حفظ الحقوق"، أي مع إمكانية إعادة فتحها فور مغادرته السلطة بعد 4 سنوات، في وقت يعوّل فيه ترامب على مناورات قضائية سينفذها فريقه القانوني خلال السنوات الأربع المقبلة، للتخلص مما يصفه بملاحقة الدولة العميقة له، وكذلك على المحكمة الأميركية العليا، التي قد تحميه في قضايا مدنية. وتمثل قرارات عدة اتخذت على المستوى القضائي الأميركي خلال الأيام الماضية، في هذا الشأن، انتصاراً قانونياً لترامب الذي كان تمكن من الفوز بولاية ثانية، رغم 4 قضايا فيدرالية ومدنية تلاحقه في المحاكم، ومنها ما أدين به بالفعل.

دونالد ترامب يتحرّر من متاعبه القضائية

ووافقت القاضية الأميركية تانيا تشوتكان، أول من أمس الاثنين، على طلب النيابة العامة ردّ الدعوى المرفوعة ضدّ دونالد ترامب بتهمة محاولة قلب نتائج انتخابات الرئاسة عام 2020، والتي خسرها بمواجهة جو بايدن. وكان المدعي الخاص جاك سميث، الذي حقّق في القضية، وكذلك تابع قضية احتفاظ ترامب بوثائق سرّية في منتجعه بفلوريدا بعد خسارته الانتخابات في ذلك العام، طلب يوم الاثنين من تشوتكان، في مذكرة من 6 صفحات، ردّ دعوى "محاولة الانقلاب على نتائج الانتخابات"، لأن سياسة وزارة العدل تنصّ على عدم ملاحقة رئيس يمارس مهام منصبه، وهو ما ستكون عليه الحال مع ترامب بعد أن يؤدي اليمين في 20 يناير/كانون الثاني المقبل. ووافقت القاضية على الطلب، لكن ضمن قاعدة "حفظ الحقوق"، أي مع حفظ إمكانية إعادة إحياء هذه الدعوى ما إن يغادر ترامب السلطة، لافتة إلى أن ذلك "قرار مناسب". واعتبرت أن "الحصانة الممنوحة لرئيس يمارس مهام منصبه هي حصانة مؤقتة وتنتهي عند مغادرته منصبه".

قد تصبح ملاحقة ترامب بعد أربعة أعوام بلا جدوى

ويترك ذلك الباب مفتوحاً لأن تتواصل الحرب بين ترامب والقضاء الأميركي بعد 4 سنوات، ولكن بهامش يصعب التنبؤ به، مع انتظار تعيينات ترامب في الجسم القضائي، وعودة المحافظين لشغل المناصب الرفيعة في وزارة العدل وغيرها، علماً أن ترامب اختار المدعية العامة في فلوريدا، بام بوندي، وهي من أشدّ المؤيدين له، لشغل منصب وزيرة العدل. كما أن موقع "ذا هيل" اعتبر أمس، أنه من الناحية النظرية، يمكن اعتبار الدعاوى مجمدة الآن، لحين انتهاء ولاية دونالد ترامب الثانية، لكن من الناحية العملية وفق قانونيين، سيكون ترامب قد بلغ 82 عاماً حين يغادر السلطة، بوصفه أكبر رئيس يغادر السلطة، ما يعني أن موضوع ملاحقته قد يصبح بلا جدوى.

وترامب متهم بالتآمر لقلب نتائج انتخابات 2020، وبالاحتفاظ بوثائق مصنّفة سرّية بعد مغادرته البيت الأبيض، لكن لم تبدأ الجلسات في أي من هاتين القضيتين. كما أنه متهم بمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية في ولاية جورجيا قبل 4 أعوام، وقد أدين بقضية دفع رشى لممثلة إباحية.

وقال سميث في مذكرته للقاضية تشوتكان، الاثنين، إنه يجب ردّ الدعوى في ضوء سياسة وزارة العدل بعدم توجيه الاتهام إلى رئيس في منصبه أو مقاضاته. كما أعلن أنه، وللسبب ذاته، لن يلاحق ترامب بتهمة حيازته وثائق سرّية. وكتب: "لم يتغير موقف الحكومة بشأن الأسس الموضوعية لمقاضاة المدعى عليه، لكن الظروف تغيّرت"، لافتاً إلى أنه "نتيجة لذلك، يجب إلغاء هذه المحاكمة قبل تنصيب المدعى عليه". لكن في قضية الوثائق السرّية، فإن سميث سيمضي قدماً لمحاكمة اثنين من المتهمين الآخرين، مساعد ترامب والت ناوتا، ومدير دارة الرئيس في مارآلاغو، كارلوس دي أوليفيرا.

وكان سميث استأنف قرار القاضية الفيدرالية إيلين كانون في فلوريدا، بإلغاء إجراءات ملاحقة ترامب في يوليو/تموز الماضي، على أساس أن تعيين المدعي الخاص في القضية غير دستوري، إلا أنه عاد وعلّق خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، الإجراءات في قضية التآمر لقلب نتائج الانتخابات، بعد فوز ترامب في الانتخابات.

وعلّق ترامب على قرار القاضية، أول من أمس، وكتب على منصته "تروث سوشال"، أن هذه القضايا "فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها". وأضاف: "لقد تمّ إهدار أكثر من مائة مليون دولار من أموال دافعي الضرائب في معركة الحزب الديمقراطي ضد خصمهم السياسي، الذي هو أنا"، مشدداً على أن "أمراً كهذا لم يسبق أن حدث في بلدنا". كما رحّب مدير التواصل في فريق ترامب، ستيفن تشونغ، بالخطوة التي وصفها بأنها "انتصار كبير".

انتصار قضائي

ويقول المدعون العامون العاملون مع سميث، إن سياسة وزارة العدل الأميركية التي تعود إلى السبعينيات من القرن الماضي، وتقضي بعدم مواجهة الرؤساء للملاحقة الجنائية في أثناء شغلهم المنصب، تستدعي رفض القضية المتعلقة بانتخابات 2020، والتي يدخل فيها أيضاً اتهامه بتحريض أنصاره في 6 يناير 2021 لاقتحام الكونغرس، وذلك قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وبموجب هذه السياسة، فإن الملاحقة الجنائية لرئيس في منصبه من شأنها أن تنتهك الدستور الأميركي من خلال تقويض قدرة الرئيس على أداء مهامه.

لا يتمتع بالسلطة مع عودته إلى البيت الأبيض للتدخل في الملاحقات القضائية التي رفعتها ضده سلطات ولايتي جورجيا ونيويورك

ورغم أن دونالد ترامب سيكون رئيساً خلال أسابيع، إلا أنه لا يتمتع بالسلطة مع عودته إلى البيت الأبيض للتدخل في الملاحقات القضائية التي رفعتها ضده سلطات ولايتي جورجيا (بتهمة الابتزاز لقلب نتائج الانتخابات) ونيويورك (قضية دفع الرشى لستورمي دانيالز)، بينما لا يزال يتعين على المحاكم التي تتابع هاتين القضيتين حلّ أسئلة الحصانة والقضايا التي أثارتها عودة ترامب إلى البيت الأبيض. والأسبوع الماضي، أرجأ القاضي المشرف على قضية ترامب الجنائية المتعلقة بإدانته بقضية دفع رشى للممثلة الإباحية، خوان ميرشان، إلى أجل غير مسمى، وأدين ترامب في هذه القضية من قبل هيئة المحلفين في مايو/أيار الماضي، بارتكاب 34 تهمة جنائية، منها تزوير سجلات تجارية للتغطية على دفع أموال من أجل الصمت خلال حملة عام 2016 لنجمة الأفلام الإباحية، التي زعمت أنها كانت على علاقة سابقة مع الرئيس المنتخب، علماً أنه ينفي إقامته علاقة معها. وهذه كانت المرة الأولى التي يدان فيها رئيس أميركي سابق بتهم جنائية.

وأرجأ القاضي إصدار الحكم (كان مقرراً في 26 نوفمبر الحالي) للبت في طلب محامي الدفاع عن ترامب الذين دفعوا بأن أي إدانة يجب أن تلغى عملاً بقرار المحكمة العليا الصادر في يوليو الماضي، والقاضي بتمتع الرؤساء السابقين بحصانة شاملة تحميهم من الملاحقة القانونية.

وتُظهر هذه التحركات أن فوز ترامب في انتخابات 5 نوفمبر الحالي على نائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس، لم يكن مجرد انتصار سياسي، بل أصبح أيضاً انتصاراً قانونياً. وكان ترامب تعهد خلال حملته الرئاسية بطرد سميث إذا عاد إلى الرئاسة. وقد تمثل القرارات القضائية الأخيرة، نهاية الجهود التاريخية لوزارة العدل الأميركية، لمحاسبة ترامب على ما وصفه المدعون العامون بأنها مؤامرة إجرامية للتشبث بالسلطة. ويرقى القرار، بحسب تقرير لوكالة أسوشييتد برس، أيضاً، إلى "استنتاج يمكن التنبؤ به ولكنه مذهل"، للقضايا الجنائية بحق ترامب، والتي كان ينظر إليها على أنها أكثر التهديدات القانونية المتعددة الخطورة التي واجهها، وهو يعكس النتائج العملية لفوزه، ما يضمن توليه مهام منصبه بعيداً عن التدقيق بشأن اكتنازه للوثائق السرّية للغاية وجهوده لإلغاء نتائج انتخابات 2020، وفق الوكالة.

وجاءت هذه التطورات، في وقت كان بعض هذه القضايا يكتسب زخماً للمفارقة، قبل انتخابات الرئاسة، إذ كان فريق سميث قدّم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مذكرة مطولة يعرض فيها أدلة جديدة يعتزم استخدامها ضد ترامب في المحاكمة، متهماً إياه باستخدام "اللجوء إلى الجرائم" في محاولة يائسة على نحو متزايد لقلب إرادة الناخبين بعد خسارته أمام بايدن.

وكان ينظر إلى القضية المنفصلة الخاصة بالوثائق السرّية على نطاق واسع على أنها واضحة من الناحية القانونية، وتضمنت لائحة الاتهام عشرات التهم الجنائية التي تتهم الرئيس المنتخب بالاحتفاظ بسجلات سرّية بشكل غير قانوني من فترة رئاسته في منزله الخاص، وعرقلة الجهود الفيدرالية لاستعادتها. ولكن سرعان ما تعثرت القضية بسبب التأخير، حيث تباطأت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية إيلين كانون في إصدار الأحكام، بعدما فضّلت استراتيجية دونالد ترامب المتمثلة في تأجيل المواعيد النهائية في جميع قضاياه الجنائية، مع السماح أيضاً بتنفيذ طلبات الدفاع والحجج التي قال الخبراء إن القضاة الآخرين كانوا سيتخلون عنها من دون عقد جلسات استماع. وفي مايو الماضي، ألغت كانون موعد المحاكمة وأجّلتها إلى أجل غير مسمى وسط سلسلة من القضايا القانونية التي لم يتم حلها قبل رفضها التام للقضية بعد شهرين. واستأنف فريق سميث ضد القرار، لكنه تخلى الآن عن هذا الجهد.

(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)

تقارير دولية
التحديثات الحية