قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، الأربعاء، إن الأراضي الفلسطينية المحتلة تشهد توترات مزعزعة للاستقرار، وتحدث عن توترات في القدس والمخيمات ومناطق مختلفة من الضفة.
وأشار وينسلاند إلى زيادة عنف المستوطنين وهدم المنازل وطرد العائلات بالقدس ومحيطها، وأكد أن كل ذلك يزيد من تجزئة الضفة الغربية، وهو ما يقوّض حكم السلطة الفلسطينية ويؤدي إلى تضاؤل آفاق السلام، وحذر من الأزمة المالية التي تواجهها السلطة، واعتبر أنها تقوض قدرتها على تقديم الخدمات والاقتصاد.
وجاءت تصريحات وينسلاند خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحول الوضع في غزة، تحدّث عن هدوء هشّ، وحذّر في الوقت ذاته من أن غياب أي تغيير جذري سياسي يعني أن هذا الهدوء سيبقى مؤقتاً، وأضاف: "إن سيطرة حماس على قطاع غزة والانقسامات الفلسطينية الداخلية ونظام الإغلاق الإسرائيلي (حصار غزة) تخلق جيلاً عانى من حروب وأزمات إنسانية متعددة ولديه فرص قليلة لحياة أفضل"، وأكد على ضرورة أن تقوم إسرئيل بـ"تخفيف القيود المفروضة على حركة البضائع والأشخاص من القطاع وإليه، بهدف رفعها بما يتماشى مع القرار 1860 (2009)".
وحول العنف المستمر الذي تشهده الضفة الغربية والقدس، لفت الانتباه إلى مقتل "ستة فلسطينيين، بينهم طفلان، على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية خلال مظاهرات واشتباكات وعمليات بحث واعتقال وهجمات مزعومة ضد إسرائيليين وحوادث أخرى، إلى جانب جرح 205 فلسطينيين، من بينهم 25 طفلاً". وحول عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، قال وينسلاند: "ارتكب مستوطنون إسرائيليون أو مدنيون آخرون 55 هجوماً على فلسطينيين، نتجت عنها 18 إصابة وألحقت أضراراً بممتلكات فلسطينية"، وذلك خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة، أي منذ آخر إحاطة له أمام المجلس.
كما تطرّق وينسلاند لبعض التفاصيل المتعلقة بقتل الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين والأطفال بالذات، وقال في هذا السياق: "أكرر أن الأطفال يجب ألا يكونوا أبداً هدفاً للعنف أو لما يعرضهم للأذى. يجب على قوات الأمن ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واستخدام القوة المميتة فقط عندما يكون ذلك أمراً لا مفر منه من أجل حماية الأرواح".
وفي ما يتعلق بالتوسع الاستيطاني، قال: "قدمت لجنة التخطيط المركزية في القدس خططاً لنحو 400 وحدة سكنية جديدة بدلاً من 80 وحدة قائمة في مستوطنة جيلو في القدس الشرقية المحتلة"، وكرر تأكيده على أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي وتبقى عائقاً أساسياً أمام تحقيق السلام. وخلال الأسابيع الأخيرة هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي 72 مبنى وبيتاً فلسطينياً، أو أجبرت أصحابها على هدمها، ما أدى إلى تهجير 73 فلسطينياً، من بينهم 32 طفلاً. وأضاف وينسلاند: "نُفِّذت عمليات الهدم بسبب عدم وجود تصاريح بناء إسرائيلية، والتي يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها"، وعبر عن قلقه خاصة "من احتمال إخلاء (طرد) عدد من العائلات الفلسطينية من منازلها التي عاشت فيها لعقود في الشيخ جراح وسلوان في القدس الشرقية المحتلة".
ومن جهته، قال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة في نيويورك رياض منصور، خلال مداخلته: "إن الحرب لمصادرة ممتلكات الفلسطينيين وطردهم مستمرة منذ نكبتهم قبل 75 عاماً تقريباً"، وقال: "إن النظام الإسرائيلي هو نظام فصل عنصري (أبارتهايد)، تشرع فيه إسرائيل لمصادرة أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم، وطردهم، وتمنع عودتهم وتقرير مصيرهم"، وأشار إلى تطبيقها قوانين مختلفة على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال والمستوطنين لإعطائهم الأفضلية، ثم تحدث عن التوسع الاستيطاني ومنح تراخيص البناء بشكل مستمر في الوقت الذي يتم فيه منع الفلسطينيين من البناء.
وقال منصور: "إسرائيل تحتل الأراضي ويرى الفلسطينيون بيوتهم تهدم في حين تتوسع المستوطنات من حولهم. وفي ما يسمى بالمنطقة (جيم) في الضفة الغربية يعيش الفلسطينيون على واحد بالمئة من أراضي تلك المنطقة، بينما تصادر إسرائيل ثلثي هذه المنطقة بمواردها كلها، وتخصص للمستوطنات الإسرائيلية. وتنشئ إسرائيل مناطق طبيعية وحدائق بينما تقتلع أشجاراً يتجاوز عمرها ألاف السنين لمصادرة أراضينا، وهذا فصل عنصري أيضاً". وحول قطاع غزة، قال منصور: "يعيش الفلسطينيون تحت الحصار ويتحملون العدوان واحداً تلو الآخر"، وأضاف: "إسرائيل تعتبر أن لها الحق في الأمن، وأنه يبرر كل جرائمها بينما تحرم الشعب الفلسطيني من الحق في الأمن وتحرمه من أبسط أشكال الحماية والحق بالدفاع عن النفس. وهي تقتل الفلسطينيين وتشوههم بمن فيهم الأطفال والشيوخ وذوو الاحتياجات الخاصة في الشوارع والمدارس والمنازل".
وأشار إلى أن المحاكم الإسرائيلية تجرم وجود الفلسطينيين على أراضيهم ونضالهم المشروع، في حين يفلت المستوطنون من العقاب. وتحدث منصور عن سجن إسرائيل وإيقافها منذ النكبة قرابة مليون فلسطيني، وقال إن أي انتقاد لإسرائيل وتقارير تصدر عن منظمات دولية حول خرقها لحقوق الإنسان قائمة على الوقائع، تصفها إسرائيل بـ"معاداة السامية".
وعن جلب ممثل إسرائيل في جلسة الشهر الماضي لحجارة ادعى أن الفلسطينيين يقذفونها على المراكب الإسرائيلية، قال منصور: "ممثل إسرائيل أحضر حجارة ليبين العنف الذي يعانيه الإسرائيليون بسبب الفلسطينيين، ولكن للأسف فإن أبواب هذه القاعة لن تسمح بإحضار الطائرات من طراز إف 16 والدبابات والمركبات المصفحة والطائرات المسيرة والصواريخ وجميع الأسلحة والعتاد العسكري والترسانات العسكرية كلها التي نشاهدها في شوارع القدس والخليل وقطاع غزة والقرى التي تعاني من إرهاب المستوطنين".
وأضاف السفير الفلسطيني: "لا يمكن أن يدخل ملايين الفلسطينيين من هذه الأبواب حتى تروا ملايين اللاجئين الذين حرموا من العودة إلى أراضيهم. هذه الأبواب لن تسع الفلسطينيين في منطقة النقب الذين حرموا من أراضيهم وتمردوا مئات المرات"، وقال: "إن كل مخيم للاجئين الفلسطينيين يقول لكم إن الفصل العنصري حقيقي، هؤلاء يقولون لكم إن شعبنا لن يستسلم"، وذكّر مجلس الأمن بأن إسرائيل وقفت إلى جانب نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، مؤكداً أن ذلك غير مستغرب لأن إسرائيل تمارس نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، وتحدث عن إدانة أغلب المجتمع الدولي لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ولكن بعدما هُزم ذلك النظام، وأشار إلى إدانة الكثير من الدول لممارسات إسرائيل الاستيطانية وخروقاتها، مؤكداً في الوقت ذاته أن ذلك يجب أن يترجم لأفعال تنهي الفصل العنصري (أبارتهايد) الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين، وختم حديثه بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله الشرعي من أجل حريته وكرامته بغض النظر عما تفعله باقي دول العالم.