قالت وسائل إعلام إسرائيلية، بعد ظهر اليوم الجمعة، إن الكابينت السياسي والأمني لدولة الاحتلال أقر، أمس الخميس، في أول اجتماع له بعد تشكيل الحكومة الجديدة، سلسلة عقوبات على السلطة الفلسطينية، لتوجهها إلى الأمم المتحدة لطلب فتوى من محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.
وأشارت وسائل إعلامية إسرائيلية إلى أن الخطوات التي أقرها الكابينت الإسرائيلي هي:
- اقتطاع 139 مليون شيقل (الدولار يساوي 3.6 شواقل تقريباً) من أموال الضرائب والجمارك التي تجبيها دولة الاحتلال للسلطة الفلسطينية، وتحويلها إلى "ضحايا العمليات الإرهابية"، كما تزعم إسرائيل، وذلك ضمن مساعي إنفاذ قرار محكمة إسرائيلية في ملف "ليتبيك" الذي أقرت بموجبه المحكمة العليا دفع تعويضات لعائلات إسرائيليين قتلوا في عمليات فدائية فلسطينية.
- مباشرة حسم جزء من الأموال الفلسطينية مقابل المخصصات التي تدفعها السلطة الفلسطينية للشهداء والأسرى وعوائلهم، تبعاً لتقرير المنظومة الأمنية.
- تجميد مخططات البناء الفلسطينية في مناطق "ج" (وفقاً لاتفاق أوسلو) في الضفة الغربية، على أثر ما تدعيه حكومة الاحتلال، من محاولات فلسطينية للسيطرة على الأراضي في هذه المنطقة بشكل غير قانوني، بحسب الزعم الإسرائيلي للاتفاقيات الدولية.
- إلغاء امتيازات وسحب بطاقات الشخصيات المهمة "VIP" ممن يقودون المعركة القانونية - السياسية الفلسطينية ضد إسرائيل.
- اتخاذ خطوات ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، التي يدعي الاحتلال أنها تنشط أو تدعم "نشاطات إرهابية" أو أي نشاطات معادية، بما فيها نشاطات سياسية وقانونية ضد إسرائيل، تحت ستار نشاطات إنسانية، كما تزعم إسرائيل.
التنسيق الأمني: استثناء
واستثنت عقوبات دولة الاحتلال كلاً من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، وقادة الأجهزة الأمنية.
وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، ليل الجمعة، أن استثناء عباس والشيخ وقادة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة هدف إلى الحفاظ على التعاون الأمني بين جيش الاحتلال وهذه الأجهزة، وعدم السماح بانهيار السلطة الفلسطينية.
ومن بين المشمولين بالعقوبات، بحسب القناة، وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، وممثل فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور، ونائب رئيس الوزراء الفلسطيني زياد أبو عمرو.
وأشارت القناة إلى أن إسرائيل أبلغت، الخميس، السلطة الفلسطينية بنيتها فرض العقوبات قبيل إعلانها، بهدف تقليص فرص أن تردّ السلطة بخطوات يمكن أن تفضي إلى تدهور الأوضاع الأمنية.
إرهاب دولة
إلى ذلك، وصف مسؤول فلسطيني قرار الاحتلال الإسرائيلي تبني 5 عقوبات على الفلسطينيين، على أثر تحرك السلطة الفلسطينية في مؤسسات الأمم المتحدة بـ"إرهاب الدولة".
وأضاف مساعد وزير الخارجية الفلسطيني، أحمد الديك، في تصريح لـ"الأناضول": "هذه الإجراءات تعبير عن العقلية الاستعمارية العنصرية التي باتت تسيطر على الحكم في دولة الاحتلال". وزاد: "هي شكل من أشكال إرهاب الدولة المنظم الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني وقيادته".
وقال المسؤول الفلسطيني: "هذه العقوبات لن تثني الشعب والقيادة عن مواصلة الحراك السياسي والقانوني والدبلوماسي الذي يأتي في إطار ما يسمح به القانون الدولي لفضح انتهاكات الاحتلال وجرائمه، وصولاً إلى مساءلة إسرائيل ومحاسبتها على انتهاكاتها وجرائمها".
الديك قال أيضاً إن "هذه الإجراءات تصعيد خطير"، وطالب الإدارة الأميركية بـ"وقف التغول الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية التي تعدّ الأكثر تطرفاً".
من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، في تصريح صحافي: "إن تلك الإجراءات مدانة ومرفوضة، سواء حسم الأموال، أو أية إجراءات أخرى".
وشدد أبو ردينة على أن الحقوق الفلسطينية غير قابلة للمساومة، وأن الشعب الفلسطيني وقيادته قادرون على حماية الحقوق الفلسطينية التي أقرتها قرارات الشرعية الدولية مهما كان الثمن، وقال: "سنواصل نضالنا السياسي والدبلوماسي والقانوني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية".
وطالب أبو ردينة المجتمع الدولي، وعلى رأسه الإدارة الأميركية، بـ"التحرك الفوري لوقف هذه التهديدات الإسرائيلية المنافية لجميع قرارات الشرعية الدولية، التي تؤكد أن حكومة الاحتلال المتطرفة تسعى للتصعيد وجرّ المنطقة إلى حافة الانفجار، وتتجاهل بشكل صارخ القانون الدولي والشرعية الدولية، الأمر الذي يتطلب موقفاً دولياً حازماً تجاه هذا الانفلات الإسرائيلي".
بدوره، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في تصريح له: "إن القرصنة الإسرائيلية المستمرة لعائداتنا الضريبية، رغم أنها تفاقم من أزمتنا المالية، وتسبب تعميق العجز في الخزينة، لكنها لن تثنينا عن مواصلة نضالنا السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية؛ لنيل حق شعبنا في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة؛ على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين؛ وفق القرار 194".
ودعا اشتية "الدول التي دانت اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى المبارك، وانتهاك متطرفين يهود لحرمة المقبرة الإنجيلية في مدينة القدس، وعمليات القتل والإعدامات الميدانية التي يواصل جنود الاحتلال ارتكابها ويقع ضحيتها المئات من الأطفال والشبان، إلى ترجمة بياناتها لإجراءات وسياسات عملية تضع حداً لتلك الجرائم والانتهاكات وتعاقب مرتكبيها لمنع تكرارها".
من جهتها، دانت حركة "حماس"، مساء الجمعة، إقدام حكومة الاحتلال "الفاشية" على فرض ما سمته "إجراءات عقابية" ضد الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، و"لا سيّما سرقة المزيد من أموال شعبنا المخصّصة لعوائل الشهداء والأسرى، وحرمان الفلسطينيين البناء فوق أرضهم".
وعدّت "حماس"، في بيان، ذلك "جريمة وتغولاً صهيونياً ضد حقوقنا الطبيعية، ومحاولةً منه للتأثير في القرار الأممي بملاحقته أمام محكمة العدل الدولية".
ودعت "حماس" السلطة الفلسطينية إلى "عدم الرضوخ لتلك التهديدات والابتزازات، والمضي قدماً في ملاحقة الاحتلال الصهيوني أمام المحاكم الدولية، وتعزيز جبهتنا الوطنية الداخلية لمواجهة غطرسة الاحتلال وحكومته الفاشية التي تمعن في انتهاك حقوق شعبنا في أرضه ومقدساته".