ألمانيا: بدء محاكمة طبيب سوري بجرائم ضد الإنسانية

جلال بكور

avata
جلال بكور
19 يناير 2022
طبيب سوري يواجه في ألمانيا تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية
+ الخط -

بدأت محكمة فرانكفورت الإقليمية العليا في ألمانيا، اليوم الأربعاء، محاكمة الطبيب السوري علاء موسى، المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، منها تعذيب وتصفية معتقلين في مستشفى حمص العسكري.

وبحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن مكتب المدعي العام الاتحادي الألماني يوجه لموسى 18 اتهاماً بتعذيب وتصفية معارضين للنظام السوري في المستشفى العسكري بمدينة حمص، في عامي 2011 و2012، إضافة إلى توجيه تهمة القتل العمد، وإلحاق أضرار جسدية ونفسية بالمعتقلين لدى مخابرات النظام.

ويبلغ علاء موسى 36 عاماً، وأوقفته السلطات الألمانية في 21 يونيو/حزيران عام 2020، للاشتباه بضلوعه في جرائم بسورية، والتعاون مع مخابرات النظام السوري بعد تسجيل عدة اتصالات له مع سفارة النظام في ألمانيا، بحسب بيان نشره "المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية"، وهو أحد المساهمين في ملف الادعاء على المتهم.

وبحسب ما نشره المحامي السوري ميشيل شماس على "فيسبوك"، "فقد كشف المدعي العام أن المتهم علاء موسى قام بسكب الكحول على العضو التناسلي لطفل عمره 14 سنة في المشفى العسكري، وقال له لنشوف إنك رجال أم لا".

وتأتي محاكمة علاء موسى بعد أيام من إصدار محكمة "كوبلنز" الألمانية حكماً بالسجن المؤبد على أنور رسلان، وهو ضابط منشق عن أمن النظام السوري، ومتهم بارتكاب جرائم أثناء ترؤسه لقسم التحقيق في فرع الخطيب ذائع الصيت بمدينة دمشق عام 2012.

وكان القضاء الألماني قد قضى في فبراير/شباط 2020، بالسجن أربع سنوات ونصف سنة على إياد الغريب (44 عاماً)، بتهمة التواطؤ مع مخابرات النظام السوري في ارتكاب جرائم بحق متظاهرين عام 2011.

رسالة إلى النظام وحلفائه

وفي حديث لـ"العربي الجديد" مع رئيس تجمع "المحامين السوريين الأحرار" المحامي السوري غزوان قرنفل، قال إن هذه المحاكمات تأتي نتيجة للجهود التي بذلت من قبل المنظمات الحقوقية السورية بمجال توثيق الجرائم والانتهاكات، بالتعاون مع منظمات حقوقية أوروبية في مسألة اللجوء إلى خيار الولاية العالمية للمحاكمة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سورية.

وأوضح أن هذه الجهود جاءت بعد لجوء الصين وروسيا إلى وضع الفيتو على نقل ملف محاكمات مجرمي الحرب في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، عبر مجلس الأمن. وأوضح قرنفل أن هذا الخيار "طالما هو متاح، فهو يعبّر عن إصرار الشعب السوري على إنصاف الضحايا، ويعبّر عن عدم الرضوخ لثقافة الإفلات من العقاب".

ويؤكد قرنفل أن الأحكام التي صدرت سابقاً عن المحاكم الألمانية كانت موضوعية جداً، وأن المحاكمين نالوا أحكاما عادلة. وأوضح أن محاكمة الطبيب علاء موسى تأتي ضمن هذا السياق.

وعبّر قرنفل عن أمله في توسيع النطاق ما أمكن، وضمن ما هو مؤكد ومدعّم بوثائق ليشمل أي مرتكب لجريمة أو انتهاك بحق السوريين، وهو متواجد أو غير متواجد على الأراضي الأوروبية، وتطاوله يد العدالة.

وأشار قرنفل إلى أن هذه المحاكمات رسالة للمجتمع الدولي وللنظام بأن السوريين لن يتركوا جهداً في سبيل إنصاف ضحاياهم وطي صفحة الاستبداد، وطي فكرة الإفلات من العقاب، مضيفا: "هذه الثقافة المرسخة لعقود في سورية يجب أن تطوى صفحتها".

جرائم لا تسقط بالتقادم

وأكد المحامي أن مثل هذه الجرائم، أي الجرائم ضد الإنسانية، لا يسري عليها التقادم ولا تسقط به، ويشير إلى الفرق بين المحاكمات في الدول الأوروبية.

وكانت فرنسا تجري محاكمة ضد رفعت الأسد الذي هرب أخيراً إلى سورية، وهو متهم بارتكاب جرائم في العام 1982، وهروبه مجدداً إلى سورية وجّه صفعة للقضاء الفرنسي والأوروبي عموماً، بحسب ما رآه كثيرون. وقال "قرنفل": "إن موضوع الولاية العالمية لم يكن جزءاً من التشريعات الوطنية الأوروبية في السابق، وهذا الاختصاص حديث النشأة نسبياً في أوروبا".

وأضاف أنه "لم يكن لدى السوريين سابقاً الخبرة الحقوقية التي تساعدهم على أداء هذا الدور، كما لم تكن هناك توثيقات للجرائم بالشكل الذي حصل خلال سنوات الثورة، ولم يتقدم الضحايا الناجون سابقاً، المتواجدون في أوروبا، بدعاوى أمام المحاكم ربما لضعف إمكاناتهم أو ضعف خبراتهم."

وطوال سنوات تواجد رفعت الأسد في أوروبا، لم يتعرض لأي محاكمة، ويرجع ذلك إلى عدم رفع دعاوى بحقه من قبل الضحايا الناجين، وخصوصاً من مجزرة حماة عام 1982، والمتهم الأول بتنفيذها هي سرايا الدفاع التي كان يقودها رفعت.

وأوضح رئيس تجمع "المحامين السوريين الأحرار"، أن "نطاق تطبيق الولاية العالمية الآن يختلف من دولة إلى دولة في أوروبا، بعضها يشترط أن تكون الجريمة وقعت على أرضها، أو يكون المجرم أو أحد الضحايا يحمل جنسيتها، وهذا يجعل المحاكمات ممكنة في دول دون أخرى".

لا تمييز بين المجرمين

بدوره قال المحامي السوري ميشيل شماس الذي حضر الجلسة الأولى من محاكمة علاء موسى، إنّ أهمية محاكمة علاء موسى في فرانكفورت "تؤكد أننا ماضون في ملاحقة ومحاسبة الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب السوري"، مضيفاً أنّ "الحكم الذي صدر بحق العقيد أنور رسلان لم يكن سوى خطوة أولى في طريق طويل نحو العدالة لكل الضحايا".

أما عن أهمية محاكمة علاء موسى، فقال "شماس"وهو عضو في "هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير في سورية" إنها: "تؤكد أننا لا نستهدف الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم بسبب لونهم أو أرائهم أو انتمائهم الديني أو لأنهم منشقون، بل لأفعالهم الجرمية التي ارتكبوها. الأسبوع الماضي انتهت محاكمة عقيد في مخابرات الأسد، واليوم بدأت محاكمة طبيب كان يمارس القتل والتعذيب بحق المرضى في المشافي العسكرية، وبعد أشهر قليلة ستبدأ محاكمة "موفق. الد" وهو عنصر تابع لمليشيات أحمد جبريل الجبهة الشعبية - القيادة العامة".

وأكد شماس: "نحن مستمرون في ملاحقة هؤلاء المجرمين ما استطعنا إلى ذلك وهي جرائم لا تسقط بالتقادم".

ألمانيا تحكم بالسجن المؤبد على ضابط سوري لقتله وتعذيبه معتقلين

أما عن موضوع محاكمة رفعت الأسد فقد أوضح شماس أنّه "أمر مختلف قليلاً"، مبيّناً: "لقد ارتكب جرائمه في الثمانينيات من القرن الماضي ومعظم الضحايا والشهود قد ماتوا للأسف، والقضاء هنا في فرنسا لا يتحرّك من تلقاء نفسه بل يحتاج إلى مدعين وشهود وأدلة، ويتحمل الإخوان المسلمون في سورية مسؤولية عدم ملاحقة رفعت الأسد كونهم لجؤوا إلى أوروبا منذ الثمانينيات ولم يحركوا ساكناً فمعظم الأدلة والشهود بحوزتهم"، وفق قوله.

وأضاف أنه سبق منذ سنة أن "طلبنا شهوداً على مجزرة تدمر فلم يرد علينا أحد. وبكل الأحوال هناك دعوة قائمة على رفعت الأسد في سويسرا ومازالت تستمع للشهود، وأقيمت هذه الدعوى من قبل منظمة "ترايل" (Trial)  السويسرية وقد دعم المركز السوري للدراسات والاستشارات القانونية هذه القضية بثلاثة شهود".

وأوضح شماس متفقاً مع ما قاله المحامي غزوان قرنقل، أنّ "هناك اختلافاً بين الدول الأوروبية في كيفية ملاحقة هذه الجرائم استناداً لمبدأ الاختصاص العالمي أي ملاحقة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فكل الدول الأوروبية تضع شروطاً مختلفة لقبول الادعاء في مثل تلك الجرائم كأن تشترط أن يكون المتهم موجوداً على أراضيها أو تكون له إقامة فيها، أو تشترط أن يكون المدعي يحمل جنسية الدولة الأوروبية، وهناك ثلاثة دول لا تشترط مثل ذلك وهي ألمانيا والسويد والنرويج حيث يكفي أن يكون المدعي والشهود موجودين في أوروبا".

ذات صلة

الصورة
المصورة الوثائقية الألمانية ــ الإيرانية شيرين عابدي/ فيسبوك

منوعات

واجهت المصورة الوثائقية الألمانية ــ الإيرانية شيرين عابدي موجة انتقادات بعد قولها عبارة "فلسطين حرة" أثناء تسلمها جائزة الجمعية الألمانية للتصوير
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
وزيرة الخارجية الألمانية خلال مؤتمر صحافي، 23 يوليو 2024 (فرانس برس)

سياسة

دعت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، اليوم الأربعاء، إلى فتح تحقيق ضد وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، من قبل المحكمة الجنائية الدولية.