أعلن عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة رفضهم لمخرجات لجنة 6+6 المكلفة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بإعداد القوانين الانتخابية، مؤكدين على "بطلان الأساس الدستوري لاجتماعات" اللجنة.
وقال 54 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة، في بيان مشترك اليوم الأحد، إنهم تابعوا "بقلق وتوجس واستهجان" اجتماعات لجنة 6+6 في بوزنيقة، مؤكدين أنها اجتماعات "باطلة الأساس الدستوري من حيث المنشأ والذي بالضرورة منعدم النتائج"، مستندين في ذلك لاستمرار رفضهم للتعديل الدستوري الذي أقرته رئاستا مجلسي النواب والدولة "المطعون في دستوريته أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا".
وسبق أن أعلن الأعضاء الموقعون على البيان عن رفضهم، في بيان آخر في مارس/آذار الماضي، إقرار رئاسة مجلس الدولة للتعديل الدستوري المقر من مجلس النواب، والذي انبنى على نصوصه تشكيل لجنة 6+6.
وفيما جدد الأعضاء الـ54 رفضهم للتعديل الدستوري، أكدوا أن أساس تشكيل اللجنة "يفتقد للدستورية والقانونية من حيث المبدأ، يضاف له ما أسند لها من مهام واختصاصات وصلاحيات دستورية خطيرة، ما كان لها أن تمتلكها لولا الممارسات العبثية للرئاستين بالمجلسين.. لكن الاختصاصات التي هي اختصاص أصيل لكافة أعضاء المجلسين - النواب والدولة - لا يجوز سلبها منهم أو التنازل عنها تحت أي مبرر بنص الإعلان الدستوري".
ودعا البيان كافة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والشعب الليبي إلى ضرورة التعبير عن رفضهم "ما يروج له مؤخرا من خديعة الوصول لتوافق حول مخرجات لما يسمى بلجنة 6+6، والتي إن صح إقرارها وتبنيها من أجل تمريرها عبر عملية التفاف مخادعة على إرادة وخيار الشعب الليبي، فإنها ممارسات تعيدنا لحكم الفرد التسلطي من خلال السماح بالترشح لمزدوجي الجنسية والعسكر والمحكومين جنائيا لرئاسة دولة ليبيا، في سابقة خطيرة لم تعهدها دساتير دول العالم".
كما دعا البيان البعثة الأممية والمجتمع الدولي إلى ضرورة "احترام إرادة الشعب الليبي وسلطته القضائية وأحكام محاكمه الصادرة، ونطالبها بعدم التعاطي مع أجسام ومخرجات لجان ونصوص يدعى بدستوريتها، ومنظورة أمام القضاء الدستوري الليبي، حتى يتم الفصل فيها بأحكام قضائية باتة".
كما دعا البيان الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لضرورة مساندة خيار "إجراء انتخابات برلمانية توحد السلطة التشريعية وتنتج حكومة شرعية جديدة تفصل في مشروع الدستور المنجز المتوقف على التوافق عليه من خلال استفتاء يقول فيه الشعب الليبي كلمته الفصل".
وليل الأمس، أصدر 61 عضوا من مجلس النواب بيانا استنكروا فيه ما وصفوه بـ"تجاوز" لجنة 6+6 لمهامها التي اختيرت من أجلها، محددين مهامها في الاتفاق على النقاط الخلافية المتعلقة بانتخاب الرئيس.
وفيما اعتبر بيان النواب أنّ اللجنة "انحرفت عن مهمتها وتجاوزتها من خلال زيادة عدد مقاعد مجلس النواب"، طالبوا زملاءهم الآخرين بمجلس النواب "بعدم الموافقة على أي تعديلات دون الرجوع للمجلس، وعدم التدخل في المقاعد البرلمانية زيادةً أو نقصاناً، وتركها للدستور المقبل"، وحمّلوا رئاسة مجلس النواب الممثلة في عقيلة صالح ونائبيه، المسؤولية عن "الخلافات التي سيجرّها ذلك بين أبناء الوطن في حال التوقيع على ذلك التعديل دون الرجوع إلى المجلس للتشاور والاتفاق عليه".
وفيما استبق أعضاء مجلسي النواب الدولة إعلان لجنة 6+6 عن نتائج اجتماعاتها في بوزنيقة بشكل رسمي، كشفت مصادر مقربة من اللجنة توقيع أعضاء اللجنة عليه بشكل نهائي وبمتابعة قريبة من رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح وخالد المشري.
ومن بين الاتفاقات التي انتهى إليها أعضاء لجنة 6+6: زيادة عدد مقاعد مجلس النواب 90 مقعداً، بعد أن كانت 200 فقط، ليصبح 290 مقعداً، فيما حدّد عدد مقاعد مجلس الشيوخ بـ90 مقعداً، بحسب ذات المصادر التي تحدثت لــ"العربي الجديد".
وتتألف الجهة التشريعية في التعديل الدستوري المقر من مجلسي النواب والدولة من غرفتين، هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ويشملهما مسمى "مجلس الأمة".
ومن المنتظر أن يشارك صالح والمشري في مراسم إعلان الاتفاق النهائي حول القوانين الانتخابية، يوم غد الاثنين، في بوزنيقة المغربية.
ومع أنّ لجنة 6+6 لم تعلن تفاصيل بشأن اتفاقها بشكل رسمي، إلا أنّ عضو اللجنة عن مجلس النواب، عز الدين قويرب، أعلن، عبر صفحته على "فيسبوك"، تصويت أعضاء اللجنة "على القوانين الثلاثة بالإجماع"، في إشارة إلى القوانين الانتخابية الخاصة برئيس الدولة ومجلسي النواب والشيوخ.
ومن جانب مجلس الدولة، صرح عضو اللجنة عن مجلس الدولة ماما سليمان، لقناة "ليبيا الأحرار"، بأنّ أعضاء اللجنة وقعوا على قوانين الانتخابات بعد وصولهم إلى "حلول وسط تتعلق بترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين"، مشدداً في الوقت ذاته على أنّه "لا يمكن الآن الإفصاح أكثر عن المضامين".
وفي توضيح أكثر، قال عضو مجلس الدولة باللجنة فتح الله السريري، إنّ رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح وخالد المشري، سيوقعان الاتفاق رسمياً يوم الاثنين المقبل في بوزنيقة المغربية. وهو ما صرحت به مصادر مقربة من اللجنة في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، موضحةً أنّ "صالح والمشري سيوقعان بالأحرف الأولى على الاتفاق في مراسم رسمية في بوزنيقة بحضور لجنة 6+6".
وأضافت المصادر، أنّه كان من المقرر أن تعلن اللجنة نتائج أعمالها الخميس الماضي، بعدما توافقت على كامل النقاط الخلافية في القوانين الانتخابية، إلا أنها قررت تأجيل الإعلان على خلفية خلاف استجد بين بعض الأعضاء حول عدم أحقية ترشح من صدر بحقه حكم قضائي جنائي.
وتوافقت معلومات المصادر حول أنّ أعضاء اللجنة اتفقوا على السماح للجميع بالترشح للانتخابات الرئاسية دون أي شروط، لكن بعض أعضاء اللجنة تراجع بشأن ضرورة أن تكون الأحكام القضائية في القضايا الجنائية للمرشحين "أحكاماً باتة ونهائية"، حيث رجح أحد المصادر أن يكون بعض الأعضاء قد وقعوا تحت ضغوط وطالبوا بحذف عبارة "باتة ونهائية" لتشمل كل مرشح مطلوب للعدالة، حتى وإن لم تصدر بشأنه أحكام نهائية.
ورجح أحد المصادر إمكانية تجاوز هذا الخلاف بأي صيغة من منطلق المبدأ الذي تأسس عليه اجتماع بوزنيقة، وهو السماح للجميع بالترشح، وأوضحت المصادر ذاتها أنّ اللجنة اتفقت على السماح للعسكريين ومزدوجي الجنسية بالترشح في الجولة الأولى للانتخابات، لكنها اشترطت على العسكري ومزدوج الجنسية الفائز في الجولة الأولى التخلي عن الوظيفة العسكرية والجنسية الأجنبية للمرور إلى الجولة الثانية.
وغداة بدء اجتماعاتها في بوزنيقة، أعلنت لجنة 6+6، في 23 مايو/ أيار الماضي، تحقيقها "توافقاً كاملاً بخصوص النقاط المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة"، مؤكدةً حرصها على استكمال مشاريع القوانين الانتخابية المختلفة خلال اجتماعاتها في بوزنيقة.