أزمات وتحديات تواجه الصين في الذكرى الـ75 لتأسيسها

02 أكتوبر 2024
من الاحتفال بالذكرى في ساحة تيانامين ببكين، 30 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الذكرى الـ75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية: احتفلت الصين بذكرى تأسيسها وسط تحديات اقتصادية وأمنية، حيث أكد الرئيس شي جين بينغ على أهمية بناء دولة قوية وتحقيق التجديد الوطني، مع التركيز على قيادة الحزب الشيوعي والإصلاحات والانفتاح والتنمية السلمية.

- التحديات الاقتصادية والأمنية: تواجه الصين تحديات في بحر الصين الجنوبي، الحدود مع الهند، ومضيق تايوان، مع تحالفات واشنطن التي تهدد المصالح الصينية، مما يتطلب تصحيح مسار العلاقات مع الدول المجاورة.

- التنافس التكنولوجي والإصلاح الاقتصادي: شدد الرئيس شي جين بينغ على أهمية التنمية الاقتصادية والتكنولوجية لمواجهة العقوبات والتنافس مع الولايات المتحدة، مؤكداً على أن الشعب الصيني سيحقق إنجازات عظيمة.

أحيت الصين، أمس الثلاثاء، الذكرى الـ75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، حيث تحلّ المناسبة في ظلّ الرياح الاقتصادية المعاكسة والتوترات الأمنية المتزايدة بين بكين وجيرانها، خصوصاً في منطقة بحر الصين الجنوبي، والحدود مع الهند، فضلاً عن تفاقم التوترات العسكرية والأمنية في مضيق تايوان.

وخلال كلمة له في حفل استقبال أقيم في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين، أول من أمس الاثنين، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، إن المهمة المركزية للحزب والدولة في العصر الجديد تتمثل في بناء الصين لتصبح دولة قوية وتحقيق التجديد الوطني على جميع الجبهات، وأكد أن المضي قدماً بثبات في هذه القضية العظيمة غير المسبوقة، هو أفضل طريقة للاحتفال بالذكرى السنوية لجمهورية الصين الشعبية. وأكد شي أنه من أجل تعزيز التحديث الصيني، من الضروري دائماً التمسك بالدور الأساسي للحزب في ممارسة القيادة الشاملة وتنسيق جهود جميع الأطراف، واتباع طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية بثبات، وتعميق الإصلاح في جميع المجالات وتوسيع الانفتاح، والتمسك بنهج يركز على الشعب، والبقاء ملتزمين بالتنمية السلمية.

أكد شي جين بينغ أن الصين ستنفذ بدقة وشمولية مبدأ "دولة واحدة ونظامان"

وأكد شي أيضاً الدعم القوي لهونغ كونغ وماكاو، وقال إن الصين ستنفذ بدقة وشمولية مبدأ "دولة واحدة ونظامان"، ولفت إلى أنه بفضل الدعم القوي من بكين، يمكن لهونغ كونغ وماكاو، أن تتطلعا إلى مستقبل أفضل. وفي الوقت نفسه، أرسل شي أول تحذير مباشر إلى دعاة الاستقلال في تايوان منذ وصول لاي تشينغ تي إلى السلطة، خلفاً لتساي إنغ ون، في وقت سابق من العام الحالي. وقال شي إن تايوان "أرض مقدسة للصين"، وحثّ على بذل الجهود لتعميق التبادلات الاقتصادية والثقافية والتعاون عبر مضيق تايوان ومعارضة الأنشطة الانفصالية التي تهدف إلى استقلال الجزيرة. كما أكد أيضاً التزام بلاده بحماية السلام الدولي، والدعوة إلى نظام عالمي عادل، وشدّد على أن قيادة الحزب الشيوعي هي المفتاح للتنمية والتحديث في الصين. وفي هذا الصدد، توقع شي صعوبات كبيرة ناجمة عن تحديات هائلة، ولكن بفضل تضامن الأمة بأكملها تحت قيادة الحزب الشيوعي، لم تعد هناك صعوبة لا تستطيع الصين التغلب عليها، بحسب قوله.

من جهتها، أفردت الصحف الرسمية في البلاد، أمس الثلاثاء، مساحة كبيرة على صدر صفحاتها، للحديث عن مسار ورحلة التحديث الصينية تحت قيادة الحزب الشيوعي، وكيف حافظت الصين بثبات على مدار العقود الماضية على سياسة خارجية مستقلة قائمة على المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وكيف ألهمت تجربتها في التنمية دول الجنوب العالمي، وكيف أثّر ذلك على العالم.

تحديات في الصين على جميع الجبهات

وأعرب لونغ يوان، الباحث الزميل في جامعة تايبيه الوطنية، عن اعتقاده، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن الصين تواجه تحديات غير مسبوقة وعلى جميع الجبهات في الذكرى الـ 75 لتأسيسها، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني والعسكري. وأوضح أن الصين تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي لديها أزمات مع جميع جيرانها، منها ما يتصل بالصراع على السيادة في بحر الصين الجنوبي، سواء مع الفيليبين أو فيتنام أو ماليزيا أو سلطة بروناي، ومنها ما يتصل بنزاعات حدودية برّية مثل الهند، ناهيك عن التوتر الدائم في مضيق تايوان، ودخول الولايات المتحدة على خط المواجهة في جميع الجبهات.

وأضاف لونغ يوان أن التحالفات التي أقامتها واشنطن أخيراً مع خصوم بكين تمثل تهديداً صريحاً للمصالح الصينية في المنطقة، إذ عزّزت من فاعلية الاستراتيجية الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي تقوم على افتراض أن الصين التهديد الأساسي والمشترك لجميع دول المنطقة، وهو الأمر الذي أزعج بكين ووضعها في موقف لا تُحسد عليه، لأنها ستكون خلال الفترة المقبلة مطالبةً بتصحيح مسار علاقاتها مع هذه الدول، وهذا يحتاج إلى بذل جهدٍ إضافي يأتي على حساب تركيزها في دعم مسيرة التنمية ومسألة التحديث الوطني والتحول إلى قوة عظمى والعديد من العناوين العريضة التي أشار إليها الرئيس الصيني شي جين بينغ، في خطابه الأخير.

لونغ يوان: الصين في موقف لا تحسد عليه بعدما عزّزت واشنطن فاعلية الاستراتيجية الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ

التنافس التكنولوجي والإصلاح الاقتصادي

من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة خيلونغ جيانغ، لاو جيه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الصين في حاجة إلى إصلاحات اقتصادية كبيرة خلال المرحلة المقبلة، لافتاً إلى أن بكين لن تتمكن من البقاء على المسار الصحيح نحو هدفها المتمثل في التحول إلى قوة حديثة، إلا من خلال مواجهة التحديات المرتبطة بالعقوبات التجارية الأميركية والغربية سواء على المؤسسات أو الأفراد. وأشار إلى أن التنافس التكنولوجي مع الولايات المتحدة ومدى قدرة الصين على تحقيق اختراقات في هذا المضمار، سيحدد ملامح المرحلة المقبلة.

وأضاف لاو جيه، أنه "على الرغم من الإنجازات التي تحققت على مدى السنوات الخمس والسبعين الماضية، فإن أحد الدروس المستفادة من التاريخ الصيني هو أن أي دولة متخلفة تكنولوجياً، سوف تتعرض للتنمر وستكون لقمةً سائغة للقوى الغربية التي تسعى إلى فرض سيطرتها وهيمنتها على العالم، وفي مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة صاحبة نهج الأحادية القطبية". ولفت في هذا الصدد إلى أن "الرئيس الصيني شي جين بينغ، تناول في خطابه السنوي هذه المسألة، ما يعكس تركيز القيادة الصينية على التنمية الاقتصادية والتكنولوجية الفائقة باعتبارها حجر الزاوية في الخطط المستقبلية القصيرة والمتوسطة".

لاو جيه: أحد الدروس المستفادة من التاريخ الصيني هو أن أي دولة متخلفة تكنولوجياً، سوف تتعرض للتنمر

إنجازات ومساهمات

وشدّد الرئيس الصيني شي جين بينغ، في كلمته، على أن الشعب الصيني سيحقق المزيد من الإنجازات الرائعة وسيقدم مساهمات أعظم للقضية النبيلة المتمثلة في السلام وتنمية البشرية. وأشار إلى أن شعوب جميع البلدان تعيش على نفس الأرض وتتقاسم مصيراً مشتركاً، داعياً إلى بذل الجهود لتعزيز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك. لكنه في الوقت نفسه، حذّر من المخاطر والتحديات المحتملة على الطريق إلى الأمام. وقال: "يتعين علينا أن نظل مدركين للمخاطر المحتملة وأن نكون مستعدين جيدا"، وحثّ على بذل الجهود للتغلب بحزم على حالة عدم اليقين.

وحول أبرز الإنجازات الصينية خلال العقود الماضية، قال الباحث في معهد جيانغ شي للدراسات السياسية، لين وي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه تحت قيادة الحزب الشيوعي، تمّ وضع الصين بقوة على الخريطة الدولية وأصبحت رقماً صعباً ولاعباً مهماً وأساسياً في العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، مقارنة بفترة كانت فيها البلاد مجرد حيّز جغرافي تتقاسمه وتتبارى فيه القوى الاستعمارية. وتابع: "اليوم الصين عضو دائم في مجلس الأمن، ودولة مسؤولة تهتم بمصير البشرية، وتسعى إلى تعزيز السلام في النزاعات والحروب القائمة، ويدلل على ذلك موقفها الثابت من الأزمة الأوكرانية وكذلك الحرب على غزة ولبنان. وأشار إلى أنه "على الرغم من سعي الولايات المتحدة الدائب لمحاصرة الصين من خلال إنشاء التحالفات والتكتلات الاقتصادية والعسكرية، فإن الصين لا تزال تقف بثبات للدفاع عن مكانتها وسيادتها، ولا تزال تفرض شروطها في كل الملفات والقضايا الخلافية، سواء مع جيرانها أو مع القوى الغربية".

تقارير دولية
التحديثات الحية
المساهمون