"تحرير الشام" المسكوت عنها

13 فبراير 2022
يدفع أهالي إدلب ثمن ممارسات الهيئة (محمد السيد/الأناضول)
+ الخط -

تعيد ممارسات "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بحق المواطنين السوريين القابعين تحت سيطرتها، إحياء موضوع وجود الهيئة في محافظة إدلب كجهة مسكوت عنها من جميع الهيئات، والدول المؤيدة للثورة السورية. وفي الوقت نفسه، يتم التعاطي إعلامياً معها كجهة غير مرغوب فيها، وتقوم بدور المعطل لأي عمل من شأنه تحسين وضع سكان المحافظة، بدءاً من الأعمال الإغاثية والتنموية، وانتهاء بالحل السياسي في سورية.

هذا عدا عن كون الهيئة تشكّل ذريعة لكل أعداء الثورة، لاستهداف المواطنين وأملاكهم وأي مشاريع تنموية قد تُنفذ، بدعوى استهداف نقاط تجمعات إرهابية. يضاف إلى ذلك عزوف معظم المنظمات الإغاثية عن العمل في محافظة إدلب لتجنّب شبهة التعاطي مع تنظيمات مصنفة إرهابية.

من غير المفهوم دوافع ترك هذه الهيئة تتحكّم بمصير أكثر من أربعة ملايين مواطن سوري، أكثر من ثلثيهم هم من النازحين من مناطق أخرى، ومعظمهم يعيش أقسى ظروف الحياة التي يمكن تخيّلها. وتقوم الهيئة بممارسة كل أنواع التعسف والاستبداد والاستغلال بحقهم، وتقمع بالسلاح الحي كل مظاهر الاحتجاج التي قد يبديها السكان ضدها.

كل ذلك من دون أي رد فعل من الدول الداعمة للثورة، الأمر الذي من شأنه أن يفسح المجال لأعداء الثورة، وفي مقدمتهم النظام وداعماه روسيا وإيران، لقضم المزيد من أراضي المحافظة بحجة محاربة إرهاب الهيئة، والترويج لفكرة المقارنة بين النظام والهيئة وكأنه لا يوجد أمام السوريين سوى واحد من هذين الخيارين.

أما الجهات التمثيلية لقوى الثورة والمعارضة، فلا تزال تتعاطى مع موضوع وجود "هيئة تحرير الشام" كأمر ثانوي تتجنّب الخوض فيه، وفي حالات كثيرة تتعاطى معها كجهة صديقة، أو منحازة لثورة الشعب السوري.

كما تنسّق معها أحياناً عسكرياً، ضمن غرف عمليات مشتركة من أجل مواجهة النظام، علماً أن "تحرير الشام" حين كانت تحت اسم "جبهة النصرة" قضت على عدد من فصائل المعارضة، واستولت على أسلحتها، مثل حركة "حزم"، و"جبهة ثوار سورية"، وغيرها من الفصائل.

هذا الأمر يطرح العديد من التساؤلات حول السكوت عن ممارسات الهيئة التي تشكّل عبئاً على الجميع، إلا إذا كان الهدف معاقبة الحاضن الشعبي للثورة، ودفعه للقبول بأي تسوية سياسية، حتى لو كان نظام بشار الأسد طرفاً فيها.

المساهمون