12 نوفمبر 2024
مؤتمر لخدمة المشروع الصهيوني
ربما كانت الفكرة الأساسية المعلنة لمؤتمر وارسو (السلم والأمن في الشرق الأوسط)، كما دعت إليه الولايات المتحدة الأميركية، تتعلق بمحاصرة إيران، باعتبارها الخطر الداهم الذي يهدد المنطقة، قبل أن يتحول إلى منتدى يروج وجهة النظر الصهيونية في الشرق الأوسط، ولم يرِد اسم إيران في جدول أعمال المؤتمر، بعد أن توسع ليشمل قضايا عامة، من قبيل تحديات الأوضاع الإنسانية، وأوضاع اللاجئين، والحد من انتشار الصواريخ، وتهديدات القرن الحادي والعشرين، مثل القرصنة الإلكترونية والإرهاب. غير أن تطورات المؤتمر كشفت أن الأمر يُخفي أكثر مما يُظهر.
ربما كانت العلاقات الصهيونية العربية، في العقود الماضية، من قبيل ما هو مسكوتٌ عنه، بمعنى أن غالبية الدول العربية تحتفظ، بشكل أو بآخر، بقدر من العلاقات مع الكيان الصهيوني، إذا استثنينا العلاقات الدبلوماسية الرسمية التي تجمع مصر والأردن مع إسرائيل بموجب اتفاقيات السلام، غير أن ما يجري حاليا أصبح يتجاوز مجرد التواصل خلف الستار، ليتحول إلى نوع من الهرولة الرسمية التي تحولت إلى علاقاتٍ ساخنةٍ، بما يتجاوز الدفء بمراحل، فالمملكة السعودية، منذ وصول محمد بن سلمان إلى السلطة لم تعد تخفي رغبتها الحادّة في تثبيت العلاقة مع العدو المفترض، وهي في هذا تحذو حذو العرّاب الإماراتي الذي قطع أشواطا كبرى في تمتين العلاقات مع الصهاينة، بما يتجاوز مجرد العلاقات الدولية، لتصبح تنسيقا على المستوى الاستخباري، ووحدة على مستوى الأهداف، والاشتراك في وضع الخطط والاستراتيجيات، من أجل إخضاع شعوب المنطقة.
بعد ثورات الربيع العربي، أدركت القوى المهيمنة أن الديمقراطية تشكل خطرا فعليا على مصالحها في المنطقة العربية، وهي بالتأكيد لا تخدم وجود الكيان الصهيوني، لأن من الصعب إخضاع حاكم يأتي عبر إرادة شعبه. وفي المقابل، فإن ترويض الدكتاتور سيكون أسهل عبر ابتزازه بسلاح الدعم والضغط عليه، من باب افتقاده الشرعية، وهو في مقابل الحفاظ على الكرسي سيكون مستعدّا للتنازل عن كل شيء، فالطاغية العربي يجعل مصالح شعبه وحقوق
أمته مجرد أثمانٍ ممكنةٍ، يقايض عليها في سبيل الاستمرار حاكما مطلقا على دولته الوظيفية التي تتلخص مهامها في خدمة مشروع الشرق الأوسط القديم/ الجديد.
لقد تحولت العلاقات مع الكيان الصهيوني إلى وسيلة من أجل الاندماج الدولي بالنسبة للأنظمة العربية الفاشلة التي تمارس القمع ضد شعوبها، والحصار والتضييق ضد جيرانها، وصناعة الإرهاب وتصديره إلى أطراف الأرض الأربعة.
لم يكن وزير الخارجية اليمني، وهو يقدم الميكروفون لبنيامين نتنياهو، يقوم بشيء آخر سوى تقديم أوراق اعتماده صديقا محتملا، أو على الأقل تابعا يمكن الاستفادة منه، من أجل تبرير حضوره في مؤتمرٍ لا قيمة واقعية له سوى مزيد من ترسيخ دور الصهاينة سادة في المنطقة.
كان المفترض أن يكون المؤتمر الذي يبحث في الأخطار التي تهدد المنطقة أن يضم الدول العربية ودول الجوار الإقليمي لحل خلافاتها ومناقشة صراعاتها من أجل التهدئة، وإيجاد سبل لدفع العلاقات المشتركة. وقبل ذلك، كان ينبغي أن ينعقد مؤتمر قمة عربية من أجل حل المشكلات العالقة، ولكن هذا كله لم يحدث، وتحولت المسألة إلى التأسيس لنظام إقليمي جديد، تلعب فيه إسرائيل دور المحور والضامن لأمن المنطقة، بينما هي الخطر الفعلي الذي يهدّد الجميع بأطماعها التوسعية وميولها الهيمنية، غير أن هذا أصبح، لدى بعض الأنظمة العربية، جزءا من شعارات الماضي، فمن كان عدوا أصبح حليفا، ودول الجوار أصبحت خطرا، والغاية من الخطط التي تضعها الأنظمة تحولت إلى أفضل الأساليب لإخضاع الشعوب وتدمير إرادة المقاومة وكسر رغبة الشعوب في التحرّر والتنوير.
ما يجري اليوم هو فصل جديد من صفقة القرن التي تقوم على إعادة تشكيل المنطقة العربية، وتوجيهها نحو خدمة المصالح الأجنبية، وحماية الاحتلال الصهيوني. ولهذا، لم يكن غريبا أن يصرح ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، لمجلة أتلانتيك الأميركية بأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، في تصور معكوس يتحول فيه الاحتلال إلى كيان مسالم، وتصبح معه المقاومة خطيئة، في نوع من التملق من حاكم فاشل، يحاول تسويق ذاته لدى السيد الغربي المهيمن، نظرا لشعوره بانعدام الشرعية أمام شعبه، ولإحساسه بالضآلة أمام الآخر الغربي، ومحاولة للاندماج في هوية الكيان الصهيوني بالنزول إلى رتبة التابع الذي يخدم مصالح سيده. ولهذا لم يكن غريبا أن يقترح رئيس المخابرات السعودية السابق، تركي الفيصل، على صديقه الصحافي الصهيوني أن يتزوج عربية.. ربما كان يحدوه الأمل أن يجد صهرا من شعب الله المختار.
بعد ثورات الربيع العربي، أدركت القوى المهيمنة أن الديمقراطية تشكل خطرا فعليا على مصالحها في المنطقة العربية، وهي بالتأكيد لا تخدم وجود الكيان الصهيوني، لأن من الصعب إخضاع حاكم يأتي عبر إرادة شعبه. وفي المقابل، فإن ترويض الدكتاتور سيكون أسهل عبر ابتزازه بسلاح الدعم والضغط عليه، من باب افتقاده الشرعية، وهو في مقابل الحفاظ على الكرسي سيكون مستعدّا للتنازل عن كل شيء، فالطاغية العربي يجعل مصالح شعبه وحقوق
لقد تحولت العلاقات مع الكيان الصهيوني إلى وسيلة من أجل الاندماج الدولي بالنسبة للأنظمة العربية الفاشلة التي تمارس القمع ضد شعوبها، والحصار والتضييق ضد جيرانها، وصناعة الإرهاب وتصديره إلى أطراف الأرض الأربعة.
لم يكن وزير الخارجية اليمني، وهو يقدم الميكروفون لبنيامين نتنياهو، يقوم بشيء آخر سوى تقديم أوراق اعتماده صديقا محتملا، أو على الأقل تابعا يمكن الاستفادة منه، من أجل تبرير حضوره في مؤتمرٍ لا قيمة واقعية له سوى مزيد من ترسيخ دور الصهاينة سادة في المنطقة.
كان المفترض أن يكون المؤتمر الذي يبحث في الأخطار التي تهدد المنطقة أن يضم الدول العربية ودول الجوار الإقليمي لحل خلافاتها ومناقشة صراعاتها من أجل التهدئة، وإيجاد سبل لدفع العلاقات المشتركة. وقبل ذلك، كان ينبغي أن ينعقد مؤتمر قمة عربية من أجل حل المشكلات العالقة، ولكن هذا كله لم يحدث، وتحولت المسألة إلى التأسيس لنظام إقليمي جديد، تلعب فيه إسرائيل دور المحور والضامن لأمن المنطقة، بينما هي الخطر الفعلي الذي يهدّد الجميع بأطماعها التوسعية وميولها الهيمنية، غير أن هذا أصبح، لدى بعض الأنظمة العربية، جزءا من شعارات الماضي، فمن كان عدوا أصبح حليفا، ودول الجوار أصبحت خطرا، والغاية من الخطط التي تضعها الأنظمة تحولت إلى أفضل الأساليب لإخضاع الشعوب وتدمير إرادة المقاومة وكسر رغبة الشعوب في التحرّر والتنوير.
ما يجري اليوم هو فصل جديد من صفقة القرن التي تقوم على إعادة تشكيل المنطقة العربية، وتوجيهها نحو خدمة المصالح الأجنبية، وحماية الاحتلال الصهيوني. ولهذا، لم يكن غريبا أن يصرح ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، لمجلة أتلانتيك الأميركية بأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، في تصور معكوس يتحول فيه الاحتلال إلى كيان مسالم، وتصبح معه المقاومة خطيئة، في نوع من التملق من حاكم فاشل، يحاول تسويق ذاته لدى السيد الغربي المهيمن، نظرا لشعوره بانعدام الشرعية أمام شعبه، ولإحساسه بالضآلة أمام الآخر الغربي، ومحاولة للاندماج في هوية الكيان الصهيوني بالنزول إلى رتبة التابع الذي يخدم مصالح سيده. ولهذا لم يكن غريبا أن يقترح رئيس المخابرات السعودية السابق، تركي الفيصل، على صديقه الصحافي الصهيوني أن يتزوج عربية.. ربما كان يحدوه الأمل أن يجد صهرا من شعب الله المختار.