10 نوفمبر 2024
بشّار الجعفري وقضية خاشقجي
وجدت قضية الصحافي السعودي المغدور، جمال خاشقجي، مكاناً لها في مداولات مجلس الأمن التي قدم فيها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، إحاطته الأخيرة عن سورية، فقد خرج مندوب النظام السوري، بشّار الجعفري، عن السياق، وساق اتهامات "إيديولوجية"، باللهجة البيروقراطية نفسها التي يتقنها، للسعودية بإخفاء الصحافي. ورد عليه المندوب السعودي كما يليق بدبلوماسي ينتمي إلى شكل محدّد من أنظمة الحكم، باتهام آخر، من دون أن ينفي عن نفسه التهمة التي ساقها المندوب السوري. حصل ذلك كله في جلسة مخصصة لشأن آخر، استغرق ثماني سنوات، واستهلك بلداً كان عدد سكانه 22 مليونا، وهو سورية.
حدثت المواجهة الدبلوماسية في حاضرة الدبلوماسية العالمية، مجلس الأمن، ودار نقاش إعلامي أفصح عن شكل المنافحة التي ترغب الأنظمة بتبنّيها، وهي تلمّع صورتها وتنفي التهم عن نفسها، وذلك بمجرد اتهام الآخرين، وهي الطريقة التي اتبعها الجعفري، فكانت النتيجة اتهاما واتهاما عكسيا، ولو طالت أنفاس رئيس المجلس البوليفي لأكمل الطرفان اتهاماتهما إلى ما لا نهاية.
اختفى خاشقجي أمام أنظار العالم داخل مبنى قنصلية بلاده في إسطنبول المحصّن بحماية دبلوماسية، حيث لا يستطيع أي كائن الدخول إلا بإذن الدولة صاحبة المقر. وسجّلت الكاميرات الخارجية دخوله بمحض إرادته، لكنه لم يخرج حتى اللحظة. أصيبت وسائل الإعلام السعودية بارتباك شديد أمام قصص الإعلام التي تسرّبت عن مصيرٍ مرعب واجهه الصحافي الشهير داخل القنصلية. وتحولت استراتيجية الرد الرسمي السعودي إلى وجود مؤامرة. اختفى اسم خاشقجي من الردود الرسمية، وتركز كل شيء عن إرادات خارجية تحيك مؤامرة خبيثة، تستهدف رؤى السعودية المستقبلية، وتراقصت كل الردود التي تلقتها وسائل الإعلام من الجهات الرسمية وغير الرسمية السعودية حول هذا الرد، من دون إعطاء أي تفسير بوليسي أو منطقي لدخول خاشقجي إلى القنصلية، وعدم خروجه منها. وزاد في ارتباك وسائل الإعلام الموقف الأميركي وحديث دونالد ترامب عن عقوبات وتهاوي سوق البورصة السعودية بفقدانها نسبة مئوية مؤثرة من قيمتها، بعد يوم واحد من التصريحات.
لا تبدو الهوامش المعطاة لوسائل الإعلام ومجموعات العمل الرسمي السعودية كبيرة، حيث انحصر الجميع ضمن نطاق ضيق للهروب أو المواربة، من خلال الحديث عن مؤامرة، وهي الحجة نفسها التي ساقتها عدة أنظمة عربية لتبرير مؤشرات التنمية السالبة، والتخلف السياسي والعلمي والاجتماعي، ولتبرير الثورات أيضاً، وما عكس التمسّك العصابي في الحالة السعودية الراهنة بتلك الحجة انعدام الاتصال بين وسائل الإعلام وصانعي القرار، فلجأ الجميع للمتوفر بين أيديهم، وأصرّوا عليه في ظل قلة الحيلة وضعف الوسيلة، على الرغم من ظهور تطورات حاولت التغطية على التورّط السعودي في القضية بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى الرياض.
لا تستطيع حجج الجعفري، ولا الممثل السعودي في مجلس الأمن، أن تمحو الآثار السلبية الموجودة على الأرض. ولا مقارنة هنا بين اختفاء آلاف من السوريين واختفاء خاشقجي، ولكن من الناحية الأخلاقية المنطلق واحد، ويوضح أسلوب العمل الإجرامي الذي قد يلجأ إليه رجل السياسة عند أي تهديد، فلا الجعفري ولا الممثل السعودي يمتلكان من المعلومات أو الاطلاع ما يمكّنهم من المرافعة والدفاع، والأسهل هو التمترس خلف اتهام الطرف الآخر، أو اللجوء إلى نظرية المؤامرة التي أثبتت عبر السنوات الأخيرة نجاحاً. وهنا قد تبدو الحاجة إلى مجموعةٍ من رجال السياسة والإعلام ممن تحضر البديهة عندهم في التو واللحظة، لابتكار الردود المناسبة في ظل شحّ المعلومات المدقع. وعند غياب هؤلاء، وهي الحالة السائدة، تخلو الساحة للأبواق التي تعتمد الخطابة والصوت العالي، ومحاولة إسكات الطرف المقابل بكيل الاتهامات له، ولكن ذلك كله لا يخفي الحقيقة التي توازي دخول صحافي معارض إلى قنصلية بلاده منذ أكثر من أسبوعين، وعدم خروجه منها حتى اللحظة.
حدثت المواجهة الدبلوماسية في حاضرة الدبلوماسية العالمية، مجلس الأمن، ودار نقاش إعلامي أفصح عن شكل المنافحة التي ترغب الأنظمة بتبنّيها، وهي تلمّع صورتها وتنفي التهم عن نفسها، وذلك بمجرد اتهام الآخرين، وهي الطريقة التي اتبعها الجعفري، فكانت النتيجة اتهاما واتهاما عكسيا، ولو طالت أنفاس رئيس المجلس البوليفي لأكمل الطرفان اتهاماتهما إلى ما لا نهاية.
اختفى خاشقجي أمام أنظار العالم داخل مبنى قنصلية بلاده في إسطنبول المحصّن بحماية دبلوماسية، حيث لا يستطيع أي كائن الدخول إلا بإذن الدولة صاحبة المقر. وسجّلت الكاميرات الخارجية دخوله بمحض إرادته، لكنه لم يخرج حتى اللحظة. أصيبت وسائل الإعلام السعودية بارتباك شديد أمام قصص الإعلام التي تسرّبت عن مصيرٍ مرعب واجهه الصحافي الشهير داخل القنصلية. وتحولت استراتيجية الرد الرسمي السعودي إلى وجود مؤامرة. اختفى اسم خاشقجي من الردود الرسمية، وتركز كل شيء عن إرادات خارجية تحيك مؤامرة خبيثة، تستهدف رؤى السعودية المستقبلية، وتراقصت كل الردود التي تلقتها وسائل الإعلام من الجهات الرسمية وغير الرسمية السعودية حول هذا الرد، من دون إعطاء أي تفسير بوليسي أو منطقي لدخول خاشقجي إلى القنصلية، وعدم خروجه منها. وزاد في ارتباك وسائل الإعلام الموقف الأميركي وحديث دونالد ترامب عن عقوبات وتهاوي سوق البورصة السعودية بفقدانها نسبة مئوية مؤثرة من قيمتها، بعد يوم واحد من التصريحات.
لا تبدو الهوامش المعطاة لوسائل الإعلام ومجموعات العمل الرسمي السعودية كبيرة، حيث انحصر الجميع ضمن نطاق ضيق للهروب أو المواربة، من خلال الحديث عن مؤامرة، وهي الحجة نفسها التي ساقتها عدة أنظمة عربية لتبرير مؤشرات التنمية السالبة، والتخلف السياسي والعلمي والاجتماعي، ولتبرير الثورات أيضاً، وما عكس التمسّك العصابي في الحالة السعودية الراهنة بتلك الحجة انعدام الاتصال بين وسائل الإعلام وصانعي القرار، فلجأ الجميع للمتوفر بين أيديهم، وأصرّوا عليه في ظل قلة الحيلة وضعف الوسيلة، على الرغم من ظهور تطورات حاولت التغطية على التورّط السعودي في القضية بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى الرياض.
لا تستطيع حجج الجعفري، ولا الممثل السعودي في مجلس الأمن، أن تمحو الآثار السلبية الموجودة على الأرض. ولا مقارنة هنا بين اختفاء آلاف من السوريين واختفاء خاشقجي، ولكن من الناحية الأخلاقية المنطلق واحد، ويوضح أسلوب العمل الإجرامي الذي قد يلجأ إليه رجل السياسة عند أي تهديد، فلا الجعفري ولا الممثل السعودي يمتلكان من المعلومات أو الاطلاع ما يمكّنهم من المرافعة والدفاع، والأسهل هو التمترس خلف اتهام الطرف الآخر، أو اللجوء إلى نظرية المؤامرة التي أثبتت عبر السنوات الأخيرة نجاحاً. وهنا قد تبدو الحاجة إلى مجموعةٍ من رجال السياسة والإعلام ممن تحضر البديهة عندهم في التو واللحظة، لابتكار الردود المناسبة في ظل شحّ المعلومات المدقع. وعند غياب هؤلاء، وهي الحالة السائدة، تخلو الساحة للأبواق التي تعتمد الخطابة والصوت العالي، ومحاولة إسكات الطرف المقابل بكيل الاتهامات له، ولكن ذلك كله لا يخفي الحقيقة التي توازي دخول صحافي معارض إلى قنصلية بلاده منذ أكثر من أسبوعين، وعدم خروجه منها حتى اللحظة.