10 نوفمبر 2024
سورية بعد تصريحات تيلرسون
تحدث وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، أمام مجموعة منتقاة من طلاب إحدى الجامعات الأميركية، وجزء من طاقمها التدريسي، عن استراتيجية جديدة لبلاده حيال الحرب في سورية. وكثف جزءاً من هذه الاستراتيجية بخمس نقاط، يتقدمها بند يتضمن وجوداً غير محدد المدة لقوات أميركية في سورية، وبرر ذلك بحرص أميركا على منع "داعش" من العودة. النقطة الثانية هي الوقوف في وجه النفوذ الإيراني "الخبيث" في المنطقة من أفغانستان وحتى لبنان. ووضعت هذه الاستراتيجية نصب أعينها الجهد الإنساني في سورية، وفي مناطق المعارضة، والحرص على عدم عودة أسلحة الدمار الشامل بأي شكل، وقبل ذلك كله حشدُ إمكانات السوريين كلها لإجبار بشار الأسد على التنحّي، وهو ما أكده تيلرسون، من دون أن ينسى أن يذكّر المتفائلين بأن المشوار طويل، وبأن لدى إدارته طاقة كبيرة على الصبر، ما يعني أن هذه الاستراتيجية لا تختلف كثيراً عما طبقته أميركا سابقاً، حين ساعدت في تشكيل ما عرف لاحقاً بكردستان العراق.
ارتفع الوجود العسكري الأميركي في سورية خلال الفترة السابقة من خمسمائة شخص، كانوا يعملون بصفة مدربين ومخابرات واستشاريين، إلى ما يقارب الألفي شخص. وتوزعوا جغرافيا بين الحدود الأردنية العراقية في منطقة التنف وعلى ضفاف الفرات قرب الرقة، وهو الوجود الذي ترغب الولايات المتحدة بتعزيزه، وسبق أن أعلنت رغبتها بتكوين جيش عديده ثلاثون ألف مقاتل، يقومون بحراسة الحدود التركية والعراقية مع سورية، ويمتدون على ضفاف الفرات الشرقية بمواجهة قوات النظام، مشكلين منطقةً واسعة ذات إمكانية تمويل ذاتي من الغذاء والوقود، عمادُها الأساسي قوات كردية، وهي الشريك الأساسي للوجود الأميركي.
ولكن، كيف يمكن لوجودٍ من هذا النوع أن يجعل استراتيجية الرئيس دونالد ترامب التي أذاعها تيلرسون قابلة للتحقيق؟ فالخطة تتطلب حشد الأكراد السوريين في منطقة محاطة بالمتوجسين من الأتراك والعراقيين والنظام السوري، ولدى كل طرف أكثر من سبب للوقوف ضد هذه القوة، وضد هذه الطريقة بالوجود، وبالتالي ضد هذه الاستراتيجية.
يطبق الروس واقعياً استراتيجية معاكسة تماماً، وفي المناطق المقابلة للمقاطعة التي يرغب الأميركان بتطويقها بقوات كردية، وهم يعملون جاهدين لإبقاء الأسد، ويختلقون مساراتٍ مختلفةً عن مسار الأمم المتحدة التفاوضي في جنيف، وقد كانوا اللاعب الوحيد. أما الآن، وفي ظل إعلان الاستراتيجية الأميركية، قد تتغير بعض عناصر اللعب وقواعده، فالخطة التي أعلن عنها تيلرسون تعاكس تماماً الخطة الروسية المطبقة عملياً على الأرض، وتشي بأنها موجهة بالأساس ضدهم، لكن الصبر الذي أكد عليه تيلرسون هو ما وضع حجر الأساس لنوع جديد من الحرب الباردة، وهو بهذا الخطاب يوجه خصمه الروسي، ليستعد لها، أما المعادل الواقعي للقواعد الروسية في حميميم وطرطوس، وتتزايد مساحتها ومحتوياتها، فسيتم إنشاء مقابل أميركي له، وعلى الجهة المقابلة للفرات، وأعمال الإنشاء قد بدأت بالفعل. وفي مقابل سورية التي يستفيد منها الروس جغرافياً واستراتيجياً هناك سورية سيستعملها الأميركان لإخماد النفوذ الروسي المتعاظم في المنطقة، وقد يكون حينها إخماد النفوذ الإيراني تحصيل حاصل.
إن استطاعت أميركا أن تثبت أقدامها في المساحة الجغرافية وراء نهر الفرات، علينا أن نتوقع فشل مؤتمر سوتشي، وكذلك مؤتمري جنيف وفيينا. وعلينا إعداد أنفسنا لمواجهةٍ سيكون نهر الفرات شاهداً عليها، حيث سيقف فيها السوريون مجدداً بمواجهة بعضهم بعضا، وبالرصاص الحي المستورد من مصانع السلاح في روسيا وأميركا، لمدى زمني غير معروف، كما قال تيلرسون، لأن معارك التراشق المتقطعة التي تتخللها مؤتمرات حوار كثيرة، تتغير بموجب الزمن، وبحسب السياسات، وبحسب نتائج الانتخابات، لكن المفيد في هذه الخطة أن مناطق السخونة ستقتصر على خطوط التماس، ما سيرفع من حرارة النهر، أو ربما يتسبب في جفافه النهائي.
ارتفع الوجود العسكري الأميركي في سورية خلال الفترة السابقة من خمسمائة شخص، كانوا يعملون بصفة مدربين ومخابرات واستشاريين، إلى ما يقارب الألفي شخص. وتوزعوا جغرافيا بين الحدود الأردنية العراقية في منطقة التنف وعلى ضفاف الفرات قرب الرقة، وهو الوجود الذي ترغب الولايات المتحدة بتعزيزه، وسبق أن أعلنت رغبتها بتكوين جيش عديده ثلاثون ألف مقاتل، يقومون بحراسة الحدود التركية والعراقية مع سورية، ويمتدون على ضفاف الفرات الشرقية بمواجهة قوات النظام، مشكلين منطقةً واسعة ذات إمكانية تمويل ذاتي من الغذاء والوقود، عمادُها الأساسي قوات كردية، وهي الشريك الأساسي للوجود الأميركي.
ولكن، كيف يمكن لوجودٍ من هذا النوع أن يجعل استراتيجية الرئيس دونالد ترامب التي أذاعها تيلرسون قابلة للتحقيق؟ فالخطة تتطلب حشد الأكراد السوريين في منطقة محاطة بالمتوجسين من الأتراك والعراقيين والنظام السوري، ولدى كل طرف أكثر من سبب للوقوف ضد هذه القوة، وضد هذه الطريقة بالوجود، وبالتالي ضد هذه الاستراتيجية.
يطبق الروس واقعياً استراتيجية معاكسة تماماً، وفي المناطق المقابلة للمقاطعة التي يرغب الأميركان بتطويقها بقوات كردية، وهم يعملون جاهدين لإبقاء الأسد، ويختلقون مساراتٍ مختلفةً عن مسار الأمم المتحدة التفاوضي في جنيف، وقد كانوا اللاعب الوحيد. أما الآن، وفي ظل إعلان الاستراتيجية الأميركية، قد تتغير بعض عناصر اللعب وقواعده، فالخطة التي أعلن عنها تيلرسون تعاكس تماماً الخطة الروسية المطبقة عملياً على الأرض، وتشي بأنها موجهة بالأساس ضدهم، لكن الصبر الذي أكد عليه تيلرسون هو ما وضع حجر الأساس لنوع جديد من الحرب الباردة، وهو بهذا الخطاب يوجه خصمه الروسي، ليستعد لها، أما المعادل الواقعي للقواعد الروسية في حميميم وطرطوس، وتتزايد مساحتها ومحتوياتها، فسيتم إنشاء مقابل أميركي له، وعلى الجهة المقابلة للفرات، وأعمال الإنشاء قد بدأت بالفعل. وفي مقابل سورية التي يستفيد منها الروس جغرافياً واستراتيجياً هناك سورية سيستعملها الأميركان لإخماد النفوذ الروسي المتعاظم في المنطقة، وقد يكون حينها إخماد النفوذ الإيراني تحصيل حاصل.
إن استطاعت أميركا أن تثبت أقدامها في المساحة الجغرافية وراء نهر الفرات، علينا أن نتوقع فشل مؤتمر سوتشي، وكذلك مؤتمري جنيف وفيينا. وعلينا إعداد أنفسنا لمواجهةٍ سيكون نهر الفرات شاهداً عليها، حيث سيقف فيها السوريون مجدداً بمواجهة بعضهم بعضا، وبالرصاص الحي المستورد من مصانع السلاح في روسيا وأميركا، لمدى زمني غير معروف، كما قال تيلرسون، لأن معارك التراشق المتقطعة التي تتخللها مؤتمرات حوار كثيرة، تتغير بموجب الزمن، وبحسب السياسات، وبحسب نتائج الانتخابات، لكن المفيد في هذه الخطة أن مناطق السخونة ستقتصر على خطوط التماس، ما سيرفع من حرارة النهر، أو ربما يتسبب في جفافه النهائي.