10 نوفمبر 2024
الأردن وإيران.. أين العقدة؟
احتفل الأردن والعراق، الأسبوع الماضي، بفتح معبر طريبيل الحدودي بين الدولتين، بعد إغلاقه منذ أعوام، وبصورة محدّدة مع تنامي صعود تنظيم داعش وسيطرته على مساحةٍ واسعةٍ من الأراضي العراقية، وإن كان منسوب التجارة بين الدولتين انخفض كثيراً، قبل ذلك نتيجة التوترات السياسية بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق، صدّام حسين.
لماذا هذا الاهتمام الشديد، لدى الأردنيين، بفتح المعبر مع العراق، وبإمكانية تحسّن الظروف في سورية، واحتمال فتح المعابر هناك، على الأقل مع المناطق الجنوبية ودمشق؟ الجواب، باختصار، لأنّ الأردن يشعر بأنّه فعلياً محاصر، ومخنوق اقتصادياً، ولا يملك حلولاً جوهرية لأزمته الاقتصادية والمالية المتفاقمة التي أصبحت تهدّد الأمن الاجتماعي الداخلي، بصورة غير مسبوقة، وتشكّل، بصورة غير معلنة، أحدّ أهم هواجس صانع القرار في عمّان.
تعد الحكومة اليوم مشروع قانون معدل لضريبة الدخل، تفيد التسريبات بأنّه سيشمل شريحة اجتماعية واسعة جداً، كانت معفية سابقاً من تلك الضريبة، وهذه التعديلات هي استجابة للتفاهمات مع صندوق النقد الدولي التي تقضي بتوفير قرابة 450 مليون دينار للخزينة، خلال العام الجاري، ما يعني ضغوطاً شديدة باتجاه قرارات صعبة، في ظرف أصعب، تعاني فيه الشريحة الاجتماعية العريضة من ظروفٍ ماليةٍ قاسية، وتشعر فيه الطبقة الوسطى (صمام الأمان) بالخطر، مع نسبة بطالة مرتفعة، تصل لدى شريحة الشباب إلى 40%، وهو رقم غير مسبوق تاريخياً، ومعدل عام يتجاوز 18%، وهو غير مسبوق أيضاً، مع معدل نمو محلي منخفض جداً، يتوقع ألا يتجاوز العام الحالي حاجز 2%، ما يعني حالة أشبه بالركود الاستثماري، وغياب الحلول الحقيقية للأزمة الأردنية!
يأتي ذلك كلّه مع رسوخ قناعة السياسيين الأردنيين بأنّ العلاقة مع "السعودية الجديدة" اليوم تخضع لاعتبارات مختلفة، ومعايير مغايرة تماماً، لما كانت عليه الحال خلال العقود السابقة، وفي مقدمتها أنّه "لا منح سعودية" متوقعة، وهي المنح التي كانت تشكّل دوماً منقذاً للخزينة الأردنية، عندما تغلق الأبواب أمام الحلول الأخرى.
ثمة ضباب كثيف اليوم على طريق عمّان- الرياض، وروايات من كلا الجانبين غير معلنة، لكنّ النتيجة أردنياً أنّ تعريف العلاقات، على الأقل على المدى المنظور، مع السعودية تغيّر كثيراً، وهنالك اختلافاتٌ جوهرية، وليست فقط جزئية، في الرؤية بين الطرفين، يعملان على إخفائها، للحفاظ على المصالح المتبادلة.
المصلحة الاستراتيحية الأردنية مع السعودية اليوم تتمثّل في نصف مليون عامل أردني هناك، أولاً، وفي الطريق البري بين الرياض وعمان ثانياً. أمّا مساحات الاختلاف فهي واسعة وعريضة، تبدأ من مفهوم إدارة الأزمة والصراع في المنطقة، بداية من العلاقة مع إيران، مروراً بالتصوّر للمسألتين السورية واليمنية، ومدى أولوية القضية الفلسطينية، وصولاً إلى الأزمة الخليجية الراهنة.
هذه المتغيرات يأخذها صانع القرار بالحسبان اليوم، وهو يضع بميزان من ذهب أوزان المعادلة الجديدة، بين العلاقات مع بغداد ودمشق وموسكو، التي تعني للأردن مفتاحاً استراتيجياً للخروج من "عنق الزجاجة"، ما يعني حركة تجارية نشطة مع بغداد، تنعش قطاعاتٍ واسعة، وتحسين فرص تطبيق اتفاقيات أنبوب النفط العراقي، وفتح خط عمان- دمشق التجاري من جهة، ومن الجهة الأخرى الخشية من أن يؤدي ذلك إلى تعكير المياه مع الرياض.
لكن المفارقة أنّ سحب السفير الأردني من طهران، مجاملةً للرياض، قبل أكثر من عام، مع تجميد قنوات الحوار بين الدولتين (الأردن وإيران)، يأتي في وقتٍ تنفتح فيه السعودية على الطرف العراق، وتبدأ عمليات الغزل بين طهران والرياض بصورة ملموسة قبل أيام، وهو أمر يستفز طبقة سياسية أردنية واسعة، ترى في أنّ حساسية الأردن تجاه السعودية لا تقابلها حساسية سعودية مماثلة، بل يصل الأمر إلى شعور سياسي أكبر بأنّ هنالك تحجيماً وتصغيراً لحضور الأردن الإقليمي والدولي، وإضعاف لما يتمتع به من قوة ناعمة دبلوماسية كبيرة، وموقع جيو استراتيجي حيوي ومهم.
أصبحت العمالة الأردنية في الخليج، اليوم، أكثر من أي وقت مضى، عامل ضغط حقيقي على عمّان، ومحدّدا رئيسا في عملية "صنع السياسة الخارجية"، لكن أهمية هذا العامل قد تتراجع في حال شعر المسؤولون أنّ مصالح اقتصادية وأمنية كثيرة معلّقة على العلاقة مع طهران، وهو أمر بحاجة أن يعرفه جيداً أصدقاء الأردن؟
لماذا هذا الاهتمام الشديد، لدى الأردنيين، بفتح المعبر مع العراق، وبإمكانية تحسّن الظروف في سورية، واحتمال فتح المعابر هناك، على الأقل مع المناطق الجنوبية ودمشق؟ الجواب، باختصار، لأنّ الأردن يشعر بأنّه فعلياً محاصر، ومخنوق اقتصادياً، ولا يملك حلولاً جوهرية لأزمته الاقتصادية والمالية المتفاقمة التي أصبحت تهدّد الأمن الاجتماعي الداخلي، بصورة غير مسبوقة، وتشكّل، بصورة غير معلنة، أحدّ أهم هواجس صانع القرار في عمّان.
تعد الحكومة اليوم مشروع قانون معدل لضريبة الدخل، تفيد التسريبات بأنّه سيشمل شريحة اجتماعية واسعة جداً، كانت معفية سابقاً من تلك الضريبة، وهذه التعديلات هي استجابة للتفاهمات مع صندوق النقد الدولي التي تقضي بتوفير قرابة 450 مليون دينار للخزينة، خلال العام الجاري، ما يعني ضغوطاً شديدة باتجاه قرارات صعبة، في ظرف أصعب، تعاني فيه الشريحة الاجتماعية العريضة من ظروفٍ ماليةٍ قاسية، وتشعر فيه الطبقة الوسطى (صمام الأمان) بالخطر، مع نسبة بطالة مرتفعة، تصل لدى شريحة الشباب إلى 40%، وهو رقم غير مسبوق تاريخياً، ومعدل عام يتجاوز 18%، وهو غير مسبوق أيضاً، مع معدل نمو محلي منخفض جداً، يتوقع ألا يتجاوز العام الحالي حاجز 2%، ما يعني حالة أشبه بالركود الاستثماري، وغياب الحلول الحقيقية للأزمة الأردنية!
يأتي ذلك كلّه مع رسوخ قناعة السياسيين الأردنيين بأنّ العلاقة مع "السعودية الجديدة" اليوم تخضع لاعتبارات مختلفة، ومعايير مغايرة تماماً، لما كانت عليه الحال خلال العقود السابقة، وفي مقدمتها أنّه "لا منح سعودية" متوقعة، وهي المنح التي كانت تشكّل دوماً منقذاً للخزينة الأردنية، عندما تغلق الأبواب أمام الحلول الأخرى.
ثمة ضباب كثيف اليوم على طريق عمّان- الرياض، وروايات من كلا الجانبين غير معلنة، لكنّ النتيجة أردنياً أنّ تعريف العلاقات، على الأقل على المدى المنظور، مع السعودية تغيّر كثيراً، وهنالك اختلافاتٌ جوهرية، وليست فقط جزئية، في الرؤية بين الطرفين، يعملان على إخفائها، للحفاظ على المصالح المتبادلة.
المصلحة الاستراتيحية الأردنية مع السعودية اليوم تتمثّل في نصف مليون عامل أردني هناك، أولاً، وفي الطريق البري بين الرياض وعمان ثانياً. أمّا مساحات الاختلاف فهي واسعة وعريضة، تبدأ من مفهوم إدارة الأزمة والصراع في المنطقة، بداية من العلاقة مع إيران، مروراً بالتصوّر للمسألتين السورية واليمنية، ومدى أولوية القضية الفلسطينية، وصولاً إلى الأزمة الخليجية الراهنة.
هذه المتغيرات يأخذها صانع القرار بالحسبان اليوم، وهو يضع بميزان من ذهب أوزان المعادلة الجديدة، بين العلاقات مع بغداد ودمشق وموسكو، التي تعني للأردن مفتاحاً استراتيجياً للخروج من "عنق الزجاجة"، ما يعني حركة تجارية نشطة مع بغداد، تنعش قطاعاتٍ واسعة، وتحسين فرص تطبيق اتفاقيات أنبوب النفط العراقي، وفتح خط عمان- دمشق التجاري من جهة، ومن الجهة الأخرى الخشية من أن يؤدي ذلك إلى تعكير المياه مع الرياض.
لكن المفارقة أنّ سحب السفير الأردني من طهران، مجاملةً للرياض، قبل أكثر من عام، مع تجميد قنوات الحوار بين الدولتين (الأردن وإيران)، يأتي في وقتٍ تنفتح فيه السعودية على الطرف العراق، وتبدأ عمليات الغزل بين طهران والرياض بصورة ملموسة قبل أيام، وهو أمر يستفز طبقة سياسية أردنية واسعة، ترى في أنّ حساسية الأردن تجاه السعودية لا تقابلها حساسية سعودية مماثلة، بل يصل الأمر إلى شعور سياسي أكبر بأنّ هنالك تحجيماً وتصغيراً لحضور الأردن الإقليمي والدولي، وإضعاف لما يتمتع به من قوة ناعمة دبلوماسية كبيرة، وموقع جيو استراتيجي حيوي ومهم.
أصبحت العمالة الأردنية في الخليج، اليوم، أكثر من أي وقت مضى، عامل ضغط حقيقي على عمّان، ومحدّدا رئيسا في عملية "صنع السياسة الخارجية"، لكن أهمية هذا العامل قد تتراجع في حال شعر المسؤولون أنّ مصالح اقتصادية وأمنية كثيرة معلّقة على العلاقة مع طهران، وهو أمر بحاجة أن يعرفه جيداً أصدقاء الأردن؟