07 نوفمبر 2024
ماذا لو فاز كونديرا بجائزة نوبل؟
ما الذي كان سيضيفه فوز روائي عالمي كبير وشهير، مثل ميلان كونديرا، بجائزة نوبل للآداب، كما طالب كثيرون من قرائه، قبيل الإعلان عن نتائج الجائزة الأسبوع الماضي؟
ينطبق السؤال نفسه على حالة هاروكي موركامي، وغيرهما من الأدباء العالميين من ذوي الشهرة المدوية، والذين تُرجمت أعمالهم إلى معظم لغات العالم، ممن رأى كثيرون أنهم أحق بهذه الجائزة العالمية المرموقة، من كازو أوشيغيرو الذي فاز بها في نسخة 2017، فعلا من دون أن يكون معروفا لكثيرين منا، نحن العرب على الأقل.
شعر كثيرون بنوع من الخذلان الشخصي، علاوة على الغضب الحقيقي، عندما أعلنت النتائج، واكتشفوا أن الفائز لم يكن من المرشحين التقليديين، أو ممن تزدحم مكتبات العالم بترجماتٍ مختلفة لأعمالهم، وأن قلة قليلة جدا من العرب كانوا قد اطلعوا فعلا على شيء من أدبه، حيث لم تترجم له إلى العربية سوى أربع روايات. وحتى هذه الروايات ليست من التي اشتهرت أيضا، وهو أساسا لم يصدر سوى ثماني روايات. أما حالة الخذلان الشخصي المشار إليها فهي مفهومة ومتكرّرة كل عام، بعيد إعلان نتائج جائزة نوبل للآداب تحديدا، وبدرجة أقل نتائج جائزة نوبل للسلام، باعتبار أن هاتين الجائزتين تتعلقان بجانبين من جوانب الحياة، يصعب تحديد معايير محدّدة بشكل موضوعي تام للحكم على مستوى الأداء في دائرتيهما، كما يحدث مثلا في جوائز الأفرع الأخرى، كالكيمياء والطب والفيزياء والاقتصاد.
وإذا كانت جائزة نوبل للسلام تخضع لمعايير ظرفية، تتعلق بحال العالم، وما يحدث فيه من صراعات متغيرة عاما بعد عام، ما يسهم في تخفيف حالة الضغط الجماهيري على فريق التحكيم الخاص بها، فإن جائزة نوبل للآداب تمثل الجماهيرية الحقيقية، على اعتبار أن كل القراء في العالم تقريبا معنيون بها بشكل أو بآخر.
وهكذا يثور اللغط، وتنتشر الإشاعات والأقاويل في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، موعد إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب، فقلما تتفق أي أغلبية على النتيجة المعلنة، حتى لو كان الفائز من المرشحين التقليديين والمشاهير العالميين فعلا، لكن درجة اللغط الغاضب تكون أعلى عندما تحط الجائزة رحالها في مضارب واحدٍ على شاكلة أويشيغيرو، ذلك أن كل قارئ ينحاز إلى ذوقه الشخصي في ما يقرأ، ويتوقع أن يتوافق ذوق لجنة "نوبل" مع ذوقه، وإلا فستصبح منحازةً وغير موضوعية.
إلى سنوات قليلة مضت، كنت أنتمي إلى تلك الفئة الغاضبة غالبا من اختيارات لجنة "نوبل"، التي لا أبرّئها من الأهواء الثقافية والسياسية المهيمنة، لكنني اكتشفت أن الأسماء "المجهولة" التي عرّفتنا عليها تلك اللجنة لا تستحق الجائزة وحسب، بل أيضا تستحق الشهرة التي تأتي بها الجائزة، وهي ميزة قد لا تفيد مرشحينا الدائمين كثيرا، ما داموا قد وصلوا إلينا من دون "نوبل" وجوائزه.
وهذا يعني أنني بتُّ أفضّل أن أتعرّف، مع كل جائزة عالمية جديدة، على كاتب جديد، نسبيا، ما دام يستحق ذلك، بدلا من تكريس ما هو مكرّس أصلا، خصوصا أن عدم فوز الكبار بها لن يضيرهم أصلا! ولو تذكّرنا أن أسماء كبيرة في عالم الأدب لم تفز بـ"نوبل" أبدا، مثل ليو تولستوي وجيمس جويس ومارسيل بروست وفرجينيا وولف ومحمود درويش واليزابيل الليندي وخورخي بورخيس وهنريك إبسن وإسماعيل كاداريه وغيرهم كثيرين، لعرفنا أن هذه الجائزة لنا، نحن القراء، وليست لهم. وبالتالي، من المفيد لنا أن نتعرّف كل عام، ومع كل جائزة جديدة، على اسم جديد وأدب جديد، بدلا من مضاعفة التصفيق لمن نعرفه مسبقا، ونعرف أنه يستحق التصفيق.
ينطبق السؤال نفسه على حالة هاروكي موركامي، وغيرهما من الأدباء العالميين من ذوي الشهرة المدوية، والذين تُرجمت أعمالهم إلى معظم لغات العالم، ممن رأى كثيرون أنهم أحق بهذه الجائزة العالمية المرموقة، من كازو أوشيغيرو الذي فاز بها في نسخة 2017، فعلا من دون أن يكون معروفا لكثيرين منا، نحن العرب على الأقل.
شعر كثيرون بنوع من الخذلان الشخصي، علاوة على الغضب الحقيقي، عندما أعلنت النتائج، واكتشفوا أن الفائز لم يكن من المرشحين التقليديين، أو ممن تزدحم مكتبات العالم بترجماتٍ مختلفة لأعمالهم، وأن قلة قليلة جدا من العرب كانوا قد اطلعوا فعلا على شيء من أدبه، حيث لم تترجم له إلى العربية سوى أربع روايات. وحتى هذه الروايات ليست من التي اشتهرت أيضا، وهو أساسا لم يصدر سوى ثماني روايات. أما حالة الخذلان الشخصي المشار إليها فهي مفهومة ومتكرّرة كل عام، بعيد إعلان نتائج جائزة نوبل للآداب تحديدا، وبدرجة أقل نتائج جائزة نوبل للسلام، باعتبار أن هاتين الجائزتين تتعلقان بجانبين من جوانب الحياة، يصعب تحديد معايير محدّدة بشكل موضوعي تام للحكم على مستوى الأداء في دائرتيهما، كما يحدث مثلا في جوائز الأفرع الأخرى، كالكيمياء والطب والفيزياء والاقتصاد.
وإذا كانت جائزة نوبل للسلام تخضع لمعايير ظرفية، تتعلق بحال العالم، وما يحدث فيه من صراعات متغيرة عاما بعد عام، ما يسهم في تخفيف حالة الضغط الجماهيري على فريق التحكيم الخاص بها، فإن جائزة نوبل للآداب تمثل الجماهيرية الحقيقية، على اعتبار أن كل القراء في العالم تقريبا معنيون بها بشكل أو بآخر.
وهكذا يثور اللغط، وتنتشر الإشاعات والأقاويل في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، موعد إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب، فقلما تتفق أي أغلبية على النتيجة المعلنة، حتى لو كان الفائز من المرشحين التقليديين والمشاهير العالميين فعلا، لكن درجة اللغط الغاضب تكون أعلى عندما تحط الجائزة رحالها في مضارب واحدٍ على شاكلة أويشيغيرو، ذلك أن كل قارئ ينحاز إلى ذوقه الشخصي في ما يقرأ، ويتوقع أن يتوافق ذوق لجنة "نوبل" مع ذوقه، وإلا فستصبح منحازةً وغير موضوعية.
إلى سنوات قليلة مضت، كنت أنتمي إلى تلك الفئة الغاضبة غالبا من اختيارات لجنة "نوبل"، التي لا أبرّئها من الأهواء الثقافية والسياسية المهيمنة، لكنني اكتشفت أن الأسماء "المجهولة" التي عرّفتنا عليها تلك اللجنة لا تستحق الجائزة وحسب، بل أيضا تستحق الشهرة التي تأتي بها الجائزة، وهي ميزة قد لا تفيد مرشحينا الدائمين كثيرا، ما داموا قد وصلوا إلينا من دون "نوبل" وجوائزه.
وهذا يعني أنني بتُّ أفضّل أن أتعرّف، مع كل جائزة عالمية جديدة، على كاتب جديد، نسبيا، ما دام يستحق ذلك، بدلا من تكريس ما هو مكرّس أصلا، خصوصا أن عدم فوز الكبار بها لن يضيرهم أصلا! ولو تذكّرنا أن أسماء كبيرة في عالم الأدب لم تفز بـ"نوبل" أبدا، مثل ليو تولستوي وجيمس جويس ومارسيل بروست وفرجينيا وولف ومحمود درويش واليزابيل الليندي وخورخي بورخيس وهنريك إبسن وإسماعيل كاداريه وغيرهم كثيرين، لعرفنا أن هذه الجائزة لنا، نحن القراء، وليست لهم. وبالتالي، من المفيد لنا أن نتعرّف كل عام، ومع كل جائزة جديدة، على اسم جديد وأدب جديد، بدلا من مضاعفة التصفيق لمن نعرفه مسبقا، ونعرف أنه يستحق التصفيق.