يستعدّ الفلسطينيون في الداخل لإحياء الذكرى السنوية التاسعة عشرة لهبة القدس والأقصى التي سقط فيها 13 شاباً من فلسطينيي الداخل يوم غد الثلاثاء. ومن المقرّر أن تبدأ مراسم إحياء الذكرى في الثامنة والنصف صباحاً من قرية جت في المثلث، بزيارة لضريح الشهيد رامي حاتم غرة، ثم زيارة لكافة أضرحة شهداء الهبة، الذين قتلوا برصاص الشرطة الإسرائيلية، بأوامر مباشرة من رئيس الحكومة، إيهود براك ووزير الأمن الداخلي آنذاك شلومو بن عامي.
وكان الفلسطينيون في الداخل الفلسطيني أعلنوا في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2000 إضراباً عاماً ودعوا لمظاهرات عامة، رداً على اقتحام رئيس المعارضة الإسرائيلية آنذاك، الجنرال الدموي أريئيل شارون للمسجد الأقصى، بموافقة من رئيس الحكومة إيهود براك، على الرغم من تحذيرات أجهزة أمن الاحتلال من تبعات الخطوة.
ومع اقتحام شارون للمسجد الأقصى في الثامن والعشرين من سبتمبر/أيلول، اندلعت مواجهات مع المصلين في المسجد الأقصى وامتدت لتشمل الأراضي الفلسطينية. وفي الثلاثين من سبتمبر، مع توالي سقوط الشهداء في الأراضي المحتلة، أقرت لجنة المتابعة العليا يوم إضراب عام، واجهته الشرطة الإسرائيلية بقمع شديد، وقتلت على مدار أيام الهبة 13 شهيداً، مستعينة بالقناصة.
واضطرت حكومة باراك، على أثر سقوط الشهداء، إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية برئاسة القاضي ثيودور أور، لكن اللجنة وإن أقرت بتوصياتها بسياسة العداء التي تحكم تعامل الشرطة الإسرائيلية مع المواطنين الفلسطينيين في الداخل، إلا أنها برأت ساحة المستوى السياسي، ووجهت بدلاً من ذلك إنذاراً إلى ثلاثة من القادة الفلسطينيين في الداخل، بزعم تحريضهم على العنف وهم الشيخ رائد صلاح، والمفكر العربي عزمي بشارة (وكان آنذاك نائباً في الكنيست عن حزب "التجمع الوطني") والنائب عبد المالك دهامشة عن الحركة الإسلامية.
ودعت لجنة المتابعة العليا للفلسطينيين، في بيان عممته اليوم الإثنين، إلى أوسع مشاركة في إحياء الذكرى الـ 19 لهبة القدس والأقصى، بمسيرة مركزية ستجري عند الساعة الرابعة عصراً في قرية كفر كنا، و"إحياء لذكرى الشهداء الـ 13 الذين ارتقوا برصاص المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، وبقرارات عليا، لقمع احتجاجاتنا المشروعة برصاص القناصة وغيرهم، من عناصر بوليسية، ما زال القاتلون من بينهم يتجولون أحراراً، كما هو حال مرؤوسيهم بدءاً من الحكومة وحتى آخر ضابط".
وقال بيان اللجنة: "إننا في هذه الذكرى، نستذكر شهداءنا، الشهيد محمد جبارين، 23 عاماً. الشهيد أحمد صيام جبارين، 18 عاماً (معاوية). الشهيد رامي غرة، 21 عاماً (جت). الشهيد إياد لوابنة، 26 عاماً (الناصرة). الشهيد علاء نصار، 18 عاماً (عرابة). الشهيد أسيل عاصلة، 17 عاماً (عرابة). الشهيد عماد غنايم، 25 عاماً (سخنين). الشهيد وليد أبو صالح، 21 عاماً (سخنين). الشهيد مصلح أبو جراد، 19 عاماً (دير البلح). الشهيد رامز بشناق، 24 عاماً (كفرمندا). الشهيد محمد خمايسي، 19 عاماً (كفركنا). الشهيد عمر عكاوي، 42 عاماً (الناصرة). الشهيد وسام يزبك، 25 عاماً (الناصرة). كما نستذكر مئات الجرحى والمعتقلين".
وقالت المتابعة، إن "الذكرى الـ 19 تحل علينا، في الوقت الذي يتزايد فيه التآمر على قضية شعبنا الفلسطيني، لتصفيتها ضمن مخطط ما يسمى "صفقة القرن"، بقيادة الحكومة الإسرائيلية، وربيبتها الإدارة الأميركية، وأنظمة وجهات تريد التخلص بأي شكل من قضية شعب بأسره، في طريق زحفها نحو التطبيع. وفي وقت تشهد فيه جماهيرنا العربية تصاعد الخطاب العنصري الإقصائي الصهيوني، بدءاً بمن يجلس على رأس الهرم الحاكم، مروراً بشركائه في حكومته، وحتى أحزاب تنسب لنفسها صفة (المعارضة)".
وأكدت لجنة المتابعة في بيانها أن "استفحال سياسات التمييز العنصري في الميزانيات والحقوق، وجرائم تدمير البيوت العربية، كلها نابعة من عقلية عدم شرعية وجودنا في وطننا الذي لا وطن لنا سواه. وهذه العقلية انعكست بكل شراستها في قانون القومية الاقتلاعي العنصري، الذي أقرّه الكنيست في صيف العام 2018، والذي تطالب جماهيرنا بإلغائه كلياً، وليس بتعديله بديباجات، لتجميل وجه الصهيونية العنصري القبيح.
وأضاف البيان"لقد نشبت هبة القدس والأقصى، في أعقاب عدوان الاحتلال على المسجد الأقصى المبارك. وما زال العدوان الاحتلالي على القدس مستمراً، وبشكل خاص على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وخصوصاً استهداف المسجد الأقصى المبارك، والحرم القدسي الشريف، أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين؛ من خلال استمرار الحفريات من تحته وحوله، وسعي عصابات المستوطنين الإرهابية للاستيلاء عليه، من خلال حكومتهم، ومحاولات لا تتوقف لفرض تقاسم ديني في الحرم. ففي هذه الأيام من المفترض أن ترد المحكمة الإسرائيلية على التماس لعصابات المستوطنين، بطلب "السماح" لهم بأداء الصلاة اليهودية داخل باحات المسجد المبارك".