إسرائيل: تشكيك في فرص خطة ترامب ولا تراجع عن ثمارها

القدس المحتلة

نضال محمد وتد

نضال محمد وتد
01 فبراير 2020
57A0215C-C06F-4A36-8166-406705ACF202
+ الخط -
لم تترك الصحف الإسرائيلية، بما فيها "يسرائيل هيوم" المؤيدة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مجالاً للشك في القناعة الإسرائيلية بأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، والمعروفة بـ"صفقة القرن"، لن تلقى قبولاً فلسطينياً، أو تحظى بالتالي بفرصة استكمال المخطط المعلن، بعد أربع أو خمس سنوات. وفي المقابل تعاملت الصحف الإسرائيلية مع الخطة باعتبارها آخر هدايا ترامب لليمين الإسرائيلي، ونتنياهو شخصياً، بعد الاعتراف بالقدس "عاصمة" لإسرائيل والاعتراف بضم الجولان ونقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة.

وفي هذا السياق مثلاً، دعت صحيفة "مكور ريشون"، الممثلة لتيار الصهيونية الدينية، إلى تكثيف الضغط على نتنياهو بالذات للانتقال إلى مرحلة التنفيذ، واتخاذ القرار الحكومي بفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، قبل الانتخابات المقررة في 2 مارس/ آذار المقبل، لأن أي تأخير في ذلك وانتظار الانتخابات سيعني في النهاية إضاعة الفرصة التاريخية أمام بسط سيادة الاحتلال على كل المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن. وفيما كشفت صحيفتا "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" عن وجود تفاهم أميركي مع زعيم "كاحول لفان" الجنرال بني غانتس، ومع نتنياهو، حاول الأخير التنصّل منه بوجوب انتظار الانتخابات الإسرائيلية العامة، وتشكيل حكومة جديدة لتنفيذ خطوات الضم وفرض القانون الإسرائيلي، بدا أن ما يشغل بال المؤسسة العسكرية والأمنية، التي لم توضع في صورة تفاصيل الخطة، هو مستقبل العلاقات مع الأردن، في حال جرت عملية الضم بشكل فظ ومباشر، مع قناعة بالقدرة على مواجهة الاحتجاجات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً في الضفة الغربية، على الرغم من مخاطر تصدُع التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "هآرتس"، على لسان مراسلها العسكري عاموس هرئيل، أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل سارعت، في الأيام الأخيرة، بعد نشر تفاصيل خطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، إلى حث المستوى السياسي في إسرائيل على العمل بسرعة من أجل طمأنة الأردن، وتفادي أي ضرر قد يلحق باتفاقية السلام بين الطرفين، في حال أقدمت حكومة الاحتلال على تنفيذ أو إعلان فرض القانون الإسرائيلي على غور الأردن وضمه إليها.

مع ذلك، وفيما أبرزت الصحف الإسرائيلية أن تصريحات نتنياهو بشأن عزمه عرض مقترح قرار حكومي لضم الأغوار وفرض القانون الإسرائيلي عليها، بعد ساعات من إعلان الخطة، استند على ما يبدو إلى تصريحات السفير الأميركي لدى دولة الاحتلال ديفيد فريدمان، اليهودي الديانة، والمعروف بتأييده الكامل للمستوطنين، فإنها أشارت، في الوقت ذاته، إلى أن مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر، كان من سارع إلى صب الماء البارد على تصريحات نتنياهو، وأرجأ عملياً عزم رئيس الحكومة المسارعة لضم غور الأردن إلى ما بعد الانتخابات. وكان كوشنر قد أعلن أن خطوة الضم لن تكون قبل تشكيل لجنة فنية، يفترض أن تعكف لأشهر على ترسيم حدود الضم، أولاً، وأن يتم ذلك بعد الانتخابات على يد حكومة إسرائيلية مستقرة.
وذهب مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" شمعون شيفر، إلى أن "كوشنر أدرك خلال جولاته ومشاوراته في المنطقة لإعداد الخطة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أن عليه واجباً من الدرجة العليا بالحفاظ على أمن الأردن، وعدم السماح لإسرائيل بالتصرف كأنه لا توجد في جوارها كيانات أخرى. وبالتالي لن يكون مُستبعداً التكهن بأن يكون الملك (الأردني) عبد الله (الثاني) قد تحدث مع كوشنير وحذّره من أفكار الضم الفوري لغور الأردن من قبل إسرائيل. ويمكن الافتراض أن الملك قال إنه إذا حدث ذلك فسيرسل للبيت الأبيض اتفاقية السلام الموقّعة مع إسرائيل، مع إضافة جملة واحدة: لاغية وملغية".

وفي السياق نفسه، لفت المعلق في "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنيع أيضاً إلى أن كبار المسؤولين الأميركيين، الذين حضروا خلال الأسبوع الحالي، مداولات المؤتمر السنوي لمركز أبحاث الأمن القومي، وتابعوا يوم الثلاثاء الماضي إعلان خطة ترامب، وجدوا أنفسهم أمام مسؤولين سابقين في المنظومة الأمنية والعسكرية في إسرائيل، وهم يحذرون من أوهام الخطة. وجعلتهم هذه التحذيرات في نهاية الأمر يغيرون نظرتهم إليها، بعد أن كانوا، بحسب برنيع، يتعاملون بجدية مع الوثائق الرسمية وأوراق العمل. وكتب "لقد انتقلوا من عالم الكلمات إلى عالم العمل، ومن المستقبل الباهر والافتراضي الذي ترسمه الخطة للدولة الفلسطينية إلى قلق حقيقي وفوري على بقاء اتفاقية السلام مع الأردن".

أما في سياق التأثيرات الداخلية للخطة على الخريطة الحزبية في إسرائيل، فقد اعتبر بعض المراقبين أن نتائج الاستطلاعات، التي نشرت أمس وأول من أمس، وأشارت إلى تكريس موازين القوى الحالية في إسرائيل، تدل على أن نتنياهو قد استنفد عملياً ما يمكن أن يجنيه من مكاسب انتخابية من "هدايا ترامب" المتكررة على مدار معركتين انتخابيتين، وأن فرصه في البقاء بالسلطة باتت مرهونة بقدرته على إدارة معركة انتخابية لن يستطيع فيها اتهام خصومه بعد الآن بالخروج عن الإجماع الصهيوني، خصوصاً مع إعلان غانتس تبنيه للخطة الأميركية وسعيه للعمل بموجبها بعد الانتخابات، وتقديم اقتراح لضم غور الأردن، بعد التنسيق الكامل مع إدارة ترامب. ويبدو أن أشدّ ما قد يواجهه نتنياهو في هذا الباب هو موقف جمهور المستوطنين، ومجلس المستوطنات، الذي يطالبه بتسريع عمليات الضم وفرض السيادة الإسرائيلية ورفض أي تداول لتعبير "دولة فلسطينية"، سواء كان المقصود دولة سيادية أو مجرد حكم ذاتي يفتقر إلى أي وجه من أوجه السيادة الفعلية على الأرض.

ذات صلة

الصورة
جرحى ومصابون بمستشفى كمال عدوان، أكتوبر 2024 (الأناضول)

مجتمع

في مستشفى كمال عدوان بشمال قطاع غزة المنكوب، يئنّ المرضى والجرحى بلا أدوية ولا تدخلات طبية، إذ تنعدم الإمكانات جراء حصار إسرائيلي مطبق وحرب إبادة متواصلة.
الصورة
ماركو روبيو خلال تجمّع انتخابي في بنسلفانيا 4 نوفمبر 2024 (Getty)

سياسة

مع اختيار الرئيس الأميركى المنتخب دونالد ترامب، الأربعاء، ماركو روبيو لشغل منصب وزير الخارجية في إدارته المقبلة، تتوجه الأنظار إلى سياسة النائب المحافظ
الصورة
دونالد ترامب ومحمود عباس بالبيت الأبيض في واشنطن 3 مايو 2017 (Getty)

سياسة

أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيعمل على إنهاء الحرب وأبدى استعداده للعمل من أجل السلام
الصورة

سياسة

على الرغم من إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، إلا أنه ما زال يواجه تهماً عديدة في قضايا مختلفة، وذلك في سابقة من نوعها في البلاد.
المساهمون