أعادت الضربة الأميركية لمطار الشعيرات العسكري في ريف حمص الشرقي يوم الجمعة الماضي، إلى الواجهة الإعلامية القدرات الجوية التي لا يزال يمتلكها نظام بشار الأسد، والتي تؤكد مصادر أنها انخفضت إلى حد بعيد، في ظل تآكل يضرب مختلف صنوف الأسلحة في جيش النظام. ولكن انخفاض القدرات الجوية لجيش النظام لا يصل إلى حد انعدام تأثيرها، إذ لا يزال يمتلك عشرات الطائرات التي تنطلق من عدة مطارات أغلبها يتمركز في مناطق وسط سورية.
وتصف المعارضة السورية مطار الشعيرات العسكري بـ"مطار الموت". ويعدّ من المطارات الأكثر فاعلية لدى القوات الجوية في جيش النظام. وتنطلق منه عشرات الطائرات التي ترتكب مجازر بحق المدنيين السوريين، آخرها مجزرة الثلاثاء التي راح ضحيتها مئات المدنيين قتلى ومصابين بغاز السارين في مدينة خان شيخون شمال غربي سورية.
ويلفت بكور إلى أنه يوجد مطارات في الجنوب السوري وفي الساحل، مضيفاً أن قاعدة حميميم الساحلية التي تضم مطاراً، باتت تحت سيطرة الروس. ويوضح أن مطارات الجنوب السوري تحتوي حوامات ومقاتلات حربية من طراز "ميغ 21"، مشيراً إلى أن طائرات "السوخوي" بكافة طرازاتها "هي القوة الضاربة الرئيسية في القوى الجوية التابعة لجيش النظام"، بحسب تعبيره. ويذكر أن بعض الطائرات عادت إلى مطار رسم العبود (كويرس) شرقي حلب والذي يعد أكبر مطار في سورية لجهة المساحة الجغرافية "بعد إبعاد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عن محيطه" أواخر عام 2015.
ويقول بكور إن هناك 12 مطاراً عاملاً في سورية من بين 25 مطاراً كانت لدى جيش النظام قبل عام 2011، العام الذي شهد انطلاق الثورة السورية على النظام. ويكشف أن جيش النظام كان يمتلك قبل الثورة، 250 طائرة حربية عاملة، من مختلف الطرازات، مشيراً إلى أن العدد تقلص كثيراً بعد الثورة. ولم يعد لدى النظام سوى 50 طائرة حربية قتالية من مختلف الطرازات، إضافةً إلى حوالي 25 طائرة "لام 39" التدريبية التي يستخدمها لمهام قتالية ليلية، وعدد من الحوامات أيضاً، وفق بكور.
وبدأ النظام يستخدم سلاح الطيران لوأد الثورة السورية في منتصف عام 2011، في تطور اعتبر في حينه دليلاً على نيّة بشار الأسد وشقيقه ماهر تدمير البلاد في تطبيق لشعار رفعه مؤيدون في مقابل شعارات الثورة المطالبة بالتغيير، مفاده "الأسد أو نحرق البلد". وخسر النظام منذ أواخر عام 2012، العديد من المطارات العسكرية في مختلف أنحاء سورية في غمرة الثورة المسلحة التي حاولت قدر الإمكان تحييد من تستطيع من مطارات كانت تنطلق منها طائرات النظام من أجل قتل أكبر قدر من السوريين بمختلف أنواع الأسلحة، لعل أكثرها فتكاً البراميل المتفجرة المصممة لقتل المدنيين.
وفي منتصف عام 2013، سيطر "الجيش الحر" على مطار منغ العسكري في شمال مدينة حلب والذي بات تحت سيطرة الوحدات الكردية منذ أكثر من عام. وحاصرت المعارضة السورية المسلحة عدة مطارات في عام 2013، منها مطار الطبقة العسكري، ومطار دير الزور العسكري، ومطار رسم العبود. لكن عام 2014، شهد اندفاعة تنظيم "داعش" الذي طرد قوات المعارضة من محيط هذه المطارات، فسيطر على مطار الطبقة في منتصف ذاك العام، ولا يزال يحاصر مطار دير الزور، مع أنه فشل في اقتحامه.
وفي منتصف عام 2015، كانت المعارضة السورية على وشك السيطرة على مطار الثعلة العسكري في محافظة السويداء جنوب سورية، إلا أن قوات النظام ومليشيات محلية صدّتها عنه. وتؤكد مصادر في المعارضة أن المطار تحوّل إلى قاعدة عسكرية تتمركز فيه وحدات تابعة لفرق عسكرية في جيش النظام. وحاولت قوات المعارضة المسلحة مراراً الوصول إلى مطار حماة العسكري والذي يضم معامل تصنيع للبراميل المتفجرة. لكن لم يُكتب النجاح لهذه المحاولات نظراً للتحصين الشديد لهذا المطار الذي تحول إلى أقوى الثكنات العسكرية في وسط سورية. وتبلغ مساحته أكثر من 7 كيلومترات مربعة. وإلى الغرب من مدينة دمشق بنحو كيلومترين، يقع المطار الأشهر في تاريخ سورية، وهو مطار المزة العسكري الذي تحوّل منذ بدء الثورة إلى معتقل كبير، مورست فيه أساليب تعذيب أدت إلى مقتل العشرات، وربما المئات من السوريين. ويعد هذا المطار مقراً لما يُسمّى بـ"الاستخبارات الجوية" التي استحدثها رئيس النظام الراحل، حافظ الأسد، في بدايات سبعينيات القرن الماضي وجعلها حكراً على الموالين له، وهي تعد الجهاز الأكثر فتكاً بالسوريين.
وتؤكد مصادر مطلعة أن هناك طريقاً يربط بين المطار وبين قصر الشعب الواقع على تلة المزة، والذي يقيم فيه بشار الأسد، إذ يحتفظ في المطار بطائرة مدنية ليتم التنقل بها عند الحاجة، مما يعني أن النظام يبقي على جهوزيته لتأمين هرب رئيسه وأركانه في حال سقطت دمشق بيد المعارضة.