ضياع الطلاب السوريين بين المناهج

01 أكتوبر 2017
أطفال سورية لا يجمعهم تاريخ موحّد (عامر الموهيباني/فرانس برس)
+ الخط -


طغت ولاءات وأيديولوجيات القوات التي تُسيطر على الأراضي السورية على المناهج التعليمية التي يتلقاها الطلاب السوريون، فأصبحت المناهج المدرسية وسيلة لعكس توجهات الجهة التي تسيطر على الأرض سواء لناحية التوجه الأيديولوجي أو لناحية الولاء السياسي لدولة أو مجموعة دول، ليتم تكريس كل ما هو في مصلحة تلك الدول ضمن المناهج الدراسية للطلاب السوريين، والذين يتم تدريسهم معلومات متناقضة حول الموضوع ذاته. على سبيل المثال، هناك طلاب سوريون يتعلّمون الآن أن الدولة العثمانية هي دولة احتلال سيطرت على سورية، فيما طلاب آخرون يدرسون الدولة العثمانية على أنها امتداد للخلافة الإسلامية في المنطقة، وأن العثمانيين ليسوا قوة احتلال، كما أن طلاباً يدرسون صالح العلي على أنه قائد ثوري عظيم فيما آخرون يدرسونه على أنه "بلطجي وقطاع طريق"، وهكذا.

ففي مناطق سيطرة النظام التي من المفترض أن تكون المناهج المدرسية فيها الأكثر استقراراً لم تسلم المناهج الدراسية الرسمية من تعديلات تم خلالها إقصاء كل من له توجهات تعارض النظام، حتى لو كان مشاركاً بقصيدة للأطفال لا تتعدى بضعة أسطر ولا تحمل أية توجهات سياسية، كما رسمت تلك المناهج التاريخ الحديث لسورية على أن من صنعه آل الأسد وصورت كل من يواليهم بالأبطال والوطنيين ووسمت كل من يعارضهم بأنهم من الخونة والمارقين.

وفي مناطق سيطرة مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" الكردية، فرضت تلك المليشيا منهاجاً جديداً في مناطق سيطرتها عبر فرضها اللغة الكردية حتى على المناطق التي تتمتع بغالبية عربية. كذلك عدّلت المناهج بما يتوافق مع أيديولوجيا حزب الاتحاد الديمقراطي. أما في مناطق سيطرة تنظيم "داعش" فقسم من الطلاب يدرس منهاج النظام، فيما القسم الأكبر وجهّهم التنظيم نحو الدراسة في المساجد واتباع الدورات الشرعية المروّجة لفكره.

أما في مناطق سيطرة المعارضة فتختلف المناهج من منطقة لأخرى ومن مدرسة لأخرى فهناك مناهج تدرس منهاج وزارة التربية التابع للحكومة السورية المؤقتة وهناك مدارس تتبع لمنظمات إنسانية معظمها ذات توجهات إسلامية، تنفق الدعم الذي تحصل عليه من أجل التعليم ضمن مشاريع تعليمية ذات مدة محدودة، تنتهي بانتهاء تلك المدة وهي مشاريع في معظمها عبارة عن دورات لتحفيظ القرآن، بالإضافة إلى افتتاح بعض الجهات الدولية لمدارس شرعية تدرس أيديولوجيات تريد نشرها ضمن صفوف الأطفال والشباب السوري، لتتحول المناهج إلى وسيلة أدلجة أكثر منها وسيلة تعليم.
دلالات
المساهمون