حملة عراقية لإخراج "الحشد" من المدن المحررة

12 ابريل 2019
يشكو مواطنون من الموصل ابتزازات "الحشد" (فرانس برس)
+ الخط -
تصاعدت أخيراً مطالبات إخراج الفصائل المسلحة المنضوية ضمن مليشيات "الحشد الشعبي" من المناطق العراقية المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" شمال وغربي البلاد، وهو ما اعتبره برلمانيون مقربون من "الحشد" تجاوزاً على القانون، باعتبار أنّ تلك الفصائل باتت جزءاً من المنظومة الأمنية. وأكّد مصدر سياسي عراقي مطلع في حديث مع "العربي الجديد" أنّ قوى سياسية عدة باشرت ضغوطاً على أطراف في الحكومة العراقية بهدف إخراج فصائل "الحشد" من المدن المحررة ونقلها على الأقل إلى أطرافها، وإبعادها عن الأحياء السكنية وحياة الناس وأسواقهم، بعد تكرار تلك الفصائل مخالفات وانتهاكات في مدن عدة، إضافة إلى شكاوى تتعلّق بالابتزاز يطلقها مواطنون من الموصل على وجه التحديد، بين فترة وأخرى. 

يأتي ذلك بعد أيام على مطالبة نائب رئيس الوزراء الأسبق، صالح المطلك، بسحب المليشيات من المناطق المحررة، وحلّ "الحشد الشعبي"، متهماً بعض فصائله بالتسبب بخراب هذه المناطق اجتماعياً واقتصادياً، فضلاً عن تورطها بملفات أخرى، كتهريب النفط والاستيلاء على ممتلكات المدنيين. وقد دفع ذلك القيادي في "الحشد الشعبي" كريم النوري، إلى اعتبار أنّ تلك المطالبات تندرج ضمن سياق الحرب النفسية. وقال النوري إنّ الأوضاع في بعض مناطق البلاد تتطلب الإبقاء على "الحشد الشعبي" للحيلولة دون دخول عناصر تنظيم "داعش" إليها، مشيراً إلى أنّ "الحشد" صاحب خبرة في هذا المجال.

وحذّر القيادي نفسه من احتمال دخول عناصر "داعش" إلى المناطق الرخوة، مؤكداً أنّ الحكومة العراقية هي التي تمتلك حقّ إبقاء "الحشد" أو إخراجه من بعض المناطق. وتابع "لا أعتقد أنّ الحكومة ستوافق على قضية قد تضرّ بالأمن القومي العراقي". من جهته، قال عضو البرلمان العراقي عن كتلة "صادقون" (الجناح السياسي لمليشيا أهل الحق) أحمد الكناني، إنّ مطالبات إخراج "الحشد" من بعض المدن "غير صحيحة، وفيها مساس بسيادة العراق"، مؤكداً في حديث مع "العربي الجديد" أن "الحشد الشعبي اليوم هو جزء من المنظومة الأمنية التابعة للقائد العام للقوات المسلحة، وبالتالي، فإنّ أي عملية تحريك أو وجود لأي قوة عراقية نظامية، يجب أن تكون تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي". وتابع أنّ "هذا الموضوع فيه مساس بسيادة العراق، فهل من المنطق وهل من المعقول مثلاً أنّ جهاز مكافحة الإرهاب أو الشرطة الاتحادية أو أي قوة أمنية أخرى أن تخرج من هذه المنطقة أو تلك"، مؤكداً أنّ هذا الأمر يرفضه جميع العراقيين.
من جهته، تساءل عضو تحالف "البناء"، علاء الساعدي، عن سبب تزامن مطالبات سياسيين بإخراج "الحشد" من المدن ذات الغالبية السكانية السنية، مع رغبة أميركية في إبعاد هذه الفصائل عن الحدود، مرجحاً في حديث مع "العربي الجديد" أن يكون هناك تنسيق بين الجانبين لتحجيم نفوذ الفصائل المسلحة الذي زاد بشكل واضح بعد مساهمتها في دحر تنظيم "داعش".
وفي السياق ذاته، قال الخبير الأمني محمد الحياني، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه يتفق مع رغبة سياسيين عراقيين والقوات الأميركية في سحب "الحشد الشعبي" من المناطق التي تم تحريرها من "داعش"، أو من خط الحدود الرابط بين العراق وسورية، موضحاً أنّ هذه المناطق يجب أن تمسك من قبل قطعات عسكرية مدرّبة، وتمتلك قدرات قتالية.

وتابع "في الحقيقة وجود الحشد الشعبي في هذه المناطق يثير الكثير من النزاعات الطائفية، ويثير الكثير من الفتن الطائفية، من جهة. ومن جهة أخرى، فإن كثيراً من قطعات الحشد الشعبي غير مدربة تدريباً جيداً، وغير مؤهلة لمواجهة حجم التحديات الكبيرة". وشدّد الحياني على ضرورة إسناد مهمة حفظ الأمن في المناطق المحررة إلى قوات مدربة، في ظلّ وجود شرطة عراقية وجيش نظامي وقوات لمكافحة الإرهاب، موضحاً أنّ ذلك يجنّب هذه المناطق تكرار بعض المشاكل، كتلك المتعلقة بالمكاتب الاقتصادية، واستغلال أموال المواطنين وأملاكهم، والاستيلاء على أموال الدولة.

وكان تقرير تقصي الحقائق في نينوى (شمالاً) الذي صدر الشهر الماضي، قد كشف عن انتهاكات عدة لفصائل في "الحشد الشعبي"، من بينها ما يعرف بـ"المكاتب الاقتصادية" التابعة لهذه الفصائل، وممارستها عمليات ابتزاز مختلفة، وعمليات بيع أراضي الدولة، وسرقة النفط، وعمليات تهريب الأغنام والسجائر، وسرقة أنقاض المباني المدمرة وبيعها خارج الموصل، وتفشي الرشاوى والإتاوات في المدينة من قبل أطراف عدة. بالإضافة إلى كشف التقرير عن تزايد عدد الفصائل والجماعات المسلحة التي تدّعي عملها مع "الحشد الشعبي"، بعضها لا يتجاوز 17 و20 عنصراً، وأخرى تصل إلى 300 عنصر مسلح، ورفض عودة النازحين في قرى وبلدات عدة في المحافظة، جميعهم من العرب السنة، من قبل قوات "البشمركة" وأطراف أخرى.

المساهمون