روايات وقراءات متعددة لفشل إقرار اللجنة الدستورية السورية

20 ديسمبر 2018
من اجتماع وزراء آستانة يوم الثلاثاء (فاتح أكتاس/الأناضول)
+ الخط -

عكست نتائج لقاء جنيف، يوم الثلاثاء الماضي، الذي ضمّ وزراء خارجية ضامني "آستانة" الثلاثة والأمم المتحدة، مرة جديدة، حجم التعقيدات التي تتعرقل معها، أي خطوةٍ قد تدفع بالحل السياسي في سورية قدماً، إذ فشل اللقاء الرباعي، بإعلان تشكيل "اللجنة الدستورية"، لأسباب يبدو أنها متعددة، ومتعلقة بالجزئيات والتفاصيل التي لم يتم التوافق عليها، إن كان فيما بين ثلاثي "آستانة"، أو بين الدول الثلاث من جهة، والأمم المتحدة من جهة أخرى.

وتعددت قراءات الأطراف المعنية، في تفسير نتائج لقاء جنيف الرباعي، الذي كان قد سبقه مناخٌ يوحي بأن تشكيل اللجنة الدستورية، سيعلن فعلاً في المدينة السويسرية. لكن البيان الختامي للقمة الوزارية الثلاثية، التي جمعت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف، والتركي مولود جاويش أوغلو، بدا وكأن أبعد ما تم التوصل له في جنيف، هو في أنه قد "اتفقت الأطراف على اتخاذ إجراءات رامية لعقد الجلسة الأولى للجنة الدستورية أوائل العام المقبل في جنيف".

بيان الوزراء الثلاثة، الذي تلاه لافروف، تطرق بعباراتٍ دبلوماسية، أوحت بأن نتائج القمة الوزارية خرجت بـ"نتائج إيجابية"، وتم إبلاغ المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا بفحوى المشاورات، التي تواصل مساعيها لـ"الإسهام في إطلاق عمل اللجنة الدستورية بما في ذلك عن طريق صياغة مبادئ إدارية عامة من خلال التنسيق مع الأطراف السورية والمبعوث الأممي الخاص إلى سورية، وتحديد القواعد الإجرائية التي ستضمن العمل الفعال والثابت" حيال اللجنة الدستورية.

أما المبعوث الأممي إلى سورية، الذي سيقدم إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن، حول العملية السياسية وتشكيل اللجنة الدستورية، اليوم الخميس، قبل أن يترك مهامه مطلع العام المقبل، فقد اعتبر في مؤتمر صحافي عقب محادثاته مع الوزراء الثلاثة، في جنيف، أنه "ينبغي بذل مزيد من الجهد وعلينا قطع ميل إضافي بخطوات ماراثونية في سبيل تشكيل لجنة دستورية شاملة وموثوق بها ومتوازنة".



وفيما فشل لقاء جنيف الرباعي، بإعلان تشكيل اللجنة الدستورية، فقد اعتبر وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو أنه قد تم الوصول فيه لـ"مرحلة مهمة في جهود تشكيل اللجنة الدستورية"، وهو ما ذهب إليه نظيراه الروسي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف.

وفيما كانت "هيئة المفاوضات" السورية، قد اعتبرت سابقاً على لسان المتحدث باسمها يحيى العريضي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الإعلان الذي كان متوقعاً للجنة الدستورية، هو خطوة هامة، لكن يتوجب أن تتبعها خطوات أخرى، تحديداً فيما يتعلق بتنفيذ بنود القرار الدولي 2254، فقد قرأ النظام مخرجات لقاء جنيف الرباعي، عبر وسائل إعلامه الرسمي، على أنه (أكد احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها)، من دون التطرق للتفاصيل الجوهرية بالبيان، والمتعلقة باللجنة الدستورية، والتي كان وزير خارجية النظام وليد المعلم، قد اعتبر قبل يومين، خلال لقاء له مع أساتذة وطلاب في جامعة دمشق، أن تأخر تشكيلها، تقف خلفه تدخلات الدول الغربية، والعقبات التي تضعها تركيا".

وتعددت الروايات التي تحدثت عن أسباب وتفاصيل تعثر إعلان تشكيل اللجنة الدستورية في جنيف، فبحسب ما نقلت وكالة "نوفوستي" الروسية، عن "مصدر مطلع على سير الاجتماع الرباعي"، فإن "تعثر إعلان تشكيل اللجنة، سببه خلافٌ بين الأمم المتحدة، وضامني أستانة الثلاثة".

وبحسب مصدر الوكالة الروسية، فإن "دي ميستورا رفض قائمة الأسماء التي قدمتها الدول الثلاث، للقائمة الثالثة في اللجنة الدستورية، وأن هناك خلافا بين الأمم المتحدة والدول الثلاث المجتمعة في جنيف حول قائمة الأسماء التي قدمتها هذه الدول للجنة الدستورية، فقد رفضت الأمم المتحدة هذه القائمة بزعم عدم توازنها، وهذا يعني تأجيل إعلان تشكيل اللجنة الدستورية"، مضيفاً أن "سبب رفض الأمم المتحدة لقائمة الأسماء هو ضغط أميركي لإفشال تشكيل اللجنة".

والقائمة الثالثة، هي التي من المفروض أن تضم شخصيات تمثل المجتمع المدني، وتكون مستقلة وحيادية، ومتساوية بالعدد مع قائمتي النظام والمعارضة. لكن مصادر تركية، تحدثت عن أن سبباً أخر وقف خلف فشل لقاء جنيف، وهو أن موسكو أرادت تضمين قائمة "المستقلين" شخصيات موالية للنظام، وهو ما رفضته أنقرة. وأوضحت المصادر أن "الاجتماع في جنيف، فشل في تحقيق أي تقدّم بسبب اعتراضات من تركيا على بعض الأسماء التي قدّمها الجانب الروسي لتكون في قائمة المجتمع المدني والمستقلين.

ويعني كلام المصادر التركية، إضافة لما يمكن فهمه من تصريحات دي ميستورا بعد اللقاء الرباعي، أن خلافات بين الدول الضامنة في أستانة، يضاف إليها خلافات هذه الدول من جهة، مع الأمم المتحدة من جهة أخرى، حول القائمة الثالثة، ومرجعية اللجنة الدستورية، وما إذا كانت برعاية كاملة من الأمم المتحدة أو بتيسير منها، هي مجموعة أسباب، أدت لتعثر إعلان اللجنة الدستورية في جنيف.