العودة إلى قرية شوشحلة الفلسطينية.. الأرض ستبقى

30 مارس 2016
الفلسطينيون متمسكون بأرضهم رغم جبروت الاحتلال (فراس برس)
+ الخط -

يحاصر الاحتلال الإسرائيلي٬ قرية شوشحلة الفلسطينية التاريخية٬ المهجورة، من جهاتها الأربعة بالمستوطنات٬ ما يجعلها تقع في خطر المصادرة والاستيلاء عليها٬ وحرمان الفلسطينيين من مبانيها القديمة وهويتها التراثية.

وشوشحلة٬ هي قرية فلسطينية تاريخية يعود عمرها إلى العام 1884 ورغم أن أهلها غير المعروف عددهم آنذاك٬ هجروها في أواخر السبعينيات من القرن الماضي٬ لحظة وصول الكهرباء٫ والتلفاز٬ وخوفاً من الخرافات القديمة التي تتحدث عن "الغول والوحوش والضباع" التي تهاجم البيوت وتأكل الناس.

تقع إلى الجنوب من مدينة بيت لحم٬ في جنوب الضفة الغربية المحتلة٬ وتتبع إدارياً لبلدة الخضر المجاورة٬ وتبلغ مساحتها نحو 1200 دونماً (الدونم ألف متر مربع)٬ وفيها أراضي زراعية.

تضم القرية 15 منزلاً قديماً جداً، على جدرانها وفي بعض مناطقها تظهر الأختام التركية والرومانية٬ وهذا ما يعطيها الطابع التاريخي، إضافة إلى اعتراف الرومان والأتراك بهويتها بعيداً عن محاولة الاحتلال الإسرائيلي لطمسها ومحاصرتها بصمت بعدد من المستوطنات بعيداً عن أنظار الفلسطينيين.

أحاط الاحتلال الإسرائيلي القرية التاريخية تلك٬ بأربعة مستوطنات "أفرات" من الشرق٬ و"دانيال" من الغرب٬ و"سيدي بوعز" من الشمال٬ و"ايلي عازر" من الجنوب٬ وأصبحت مطمعاً تاريخياً كبيراً للمستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

 

شعر الفلسطينيون٬ بخطر الاستيطان الذي يحاول بشتى الطرق عزل القرية عن أنظار أصحابها٬ حتى أن سياج مستوطنة "دانيال" اقترب منها بشكل كبير٬ وقرروا إعادة الحياة إليها٬ ليتم لجم كل محاولة من المستوطنين سرقة تراث تلك القرية.

ويقول ممثل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية، لـ"العربي الجديد"، إن الهيئة قررت مساندة شاب فلسطيني ومسن سبعيني٬ يحاولون المحافظة على أرضهم وإعادة تأهيل بيوتهم التي يهددها الاستيطان٬ وقررت إعادة الحياة إلى القرية عن طريق ترميم بيوتها٬ واستصلاح أراضيها الزراعية٬ ليتم تعزيز صمود عشرات العائلات التي تملك تلك القرية بشكل قانوني.

وأضاف، "ثمة خطر يحدق بتلك القرية٬ سيما بعد اهتمامنا بها٬ وهي تشكل مطمعاً كبيراً للمستوطنين الذين كانوا يعملون بصمت لسرقتها٬ والاقتراب منها عن طريق التوسع الاستيطاني من الجهات الأربعة٬ ولدينا واجب وطني الآن في أن نعيد العائلات التي كانت تملك خمسة عشر منزلا٬ وأصبحت الآن بالمئات إلى قريتهم٬ حتى لا يسرقها المستوطنون".

تمكن نشطاء المقاومة الشعبية من إعادة ترميم أربعة بيوت قديمة٬ واستصلاح نحو 400 دونم من الأراضي الزراعية٬ لكن هذا الأمر لم يرق لجيش الاحتلال ولا قطعان المستوطنين٬ وحاولوا بشتى الطرق ردع الفلسطينيين، سيما أن تلك القرية تقع في منتصف مستوطناتهم.

وأشار بريجية إلى أن المستوطنين وجيش الاحتلال جن جنونهم٬ وردة فعلهم لم تكن طبيعية٬ وخلال مراحل إعادة الحياة لقرية شوشحلة٬ أغلقت جرافات الاحتلال العسكرية الطريق الزراعية الوحيدة المؤدية إليها٬ أعيد فتحها في وقت لاحق عن طريق الارتباط العسكرية٬ كون أصحاب المنازل والأراضي يملكون أوراقاً تثبت ملكيتهم عليها.

وأوضح بأن جيش الاحتلال وقيادته لم تجد منفذاً قانونياً لمنع إعادة إعمارها٬ فانتقلت المهمة لقطعان المستوطنين المتطرفين٬ الذين هاجموا القرية وخطوا شعارات عنصرية هناك تحمل "الموت للعرب".



وتبعها في وقت لاحق، مهمة مهاجمة منزل مهند صلاح الذي عاد إلى القرية٬ وواظب على التواجد فيها منذ سنوات٬ وحالوا احراقه إلا أنه لم يكن حينها هناك لحظة تنفيذ الجريمة٬ كذلك خطوا شعارات عنصرية أخرى تحمل التهديد والوعيد إذا ما عاد الفلسطينيون إلى قريتهم المهجورة.

يرى بريجية، أنه "أينما وجدت الحياة٬ يندثر الاستيطان"، وهذا لا يروق للاحتلال والمستوطنين الطامعين في تلك القرية٬ والذين أزعجتهم صحوة الفلسطينيين وتنبههم لمحاولة المستوطنين الصامتة لسرقة أرضهم.

من جهته يقول رمزي صلاح٬ ويملك قطعة أرض في القرية٬ وشقيق مهند صلاح صاحب المنزل المعتقل لدى الاحتلال الإسرائيلي٬ "عملية إعادة الحياة إلى قريتنا هو تعزيز لصمودنا٬ ويشجعنا على مجابهة الاستيطان الذي يسرق أراضينا".

وأضاف، "ما جرى في شوشحلة أنقذها من المستوطنين٬ فهي قرية تاريخية لأجدادنا٬ ونحن أحق بها٬ وسنحاول قدر الإمكان أن نحافظ عليها٬ رغم إحاطتها بالمستوطنات من جهاتها الأربعة٬ وفي حال نجحت المهمة.

أصحاب الأراضي بحسب صلاح٬ بحاجة دائمة إلي وقوف المؤسسات الشعبية الوطنية إلى جانبهم٬ وتقديم الدعم الكامل لهم٬ كجانب وطني وإنساني وشعبي وديني لتعزيز رباطهم وصمودهم٬ وتشجيعهم على البقاء فيها.

مهمة العودة إلى شوشحلة التاريخية٬ والتي تضم مسجداً تم اكتشافه، يعود عمره إلى العام 1884 إلى جانب مقبرة إسلامية٬ سوف تعزز صمود الفلسطينيين في أرضهم كما يقول نشطاء المقاومة الشعبية٬ إضافة إلى تشجيع أصحاب آلاف الدونمات القريبة من المستوطنات والمهجورة بفعل ذلك القرب٬ وكذلك تقطيع الطرق المؤدية إليها٬ وعمليات الترهيب المتواصلة من قطعان المستوطنين في محاولة سرقتها.

ولن يتوقف نشطاء المقاومة الشعبية٬ في مهمتهم تلك٬ إلا عندما تعود الحياة الطبيعية للقرية٬ ويعود الفلسطينيون إليها٬ لتكون مقدمة لمطلب حق العودة٬ الذي لا يريده الاحتلال للفلسطينيين من خلال مواصلة الاستيطان وسرقة الأراضي٬ ومنعه لهم من البناء والتوسع والزراعة تحت مسميات وذرائع مختلفة كالحصول على التراخيص٬ ووقوعها في مناطق مصنفة بتصنيف (C)  بحسب اتفاقية أوسلو.




المساهمون