تجارة تأشيرات الحج [4/4].. سوق سوداء في مصر

18 سبتمبر 2016
تأشيرات الحج تباع في السوق السوداء في مصر(فرانس برس)
+ الخط -
بحلول أغسطس/آب من العام الماضي، كانت الستينية المصرية يسرية العزبي، قد حسمت قرارها باختيار جمعية نشرت العديد من الإعلانات الترويجية عن أسعارها المُميزة لتوفير تأشيرة الحج. غير أن حلمها في أداء المناسك، والذي انتظرته طويلا، انتهى لحظة اكتشافها أنها وقعت ضحية عملية نصب واحتيال قام بها مالك الشركة الذي هرب بأموال راغبي أداء الفريضة بعد أن تبين تزويره ختم سفارة المملكة العربية السعودية بالقاهرة.

بحسب ناصر التركي، عضو اللجنة العليا للحج، فإن مصر حصلت على 62 ألفا و511 تأشيرة حج هذا العام، من بينها 18 ألفا و500 لحجّ القرعة، ونحو 44 ألفا مقسمة ما بين تأشيرات وزارة التضامن والسياحة، والهيئات والجهات المختلفة، لكن مساعي السيدة العزبي للحصول على نصيب منها فشلت، ما دفعها لمحاولة البحث عن تأشيرة عبر عضو مجلس شعب.

وبحسب التركي فإن حصة مصر من تأشيرات الحج، انخفضت 20% عن الحصة المقررة في كل عام، لإستمرار أعمال التوسعة بالحرمين الشريفين، وهو ما خلق سوقاً سوداء لتأشيرات الحج.


سوق سوداء لتأشيرات الحج

في محافظة الشرقية بدلتا مصر، رصد معد التحقيق سوقاً سوداء لتأشيرات حج مسربة عبر نواب في مجلس الشعب، تراوحت أسعارها بين 20 ألف جنيه (2252 دولاراً أميركياً) و30 ألف جنيه مصري ( 3378 دولاراً)، بحسب علي محمد (اسم مستعار) والذي حصل على 30 تأشيرة من نواب في مجلس الشعب الحالي، وهو ما يؤكده النائب بمجلس الشعب إيهاب منصور، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، قائلا "بعض أعضاء مجلس الشعب استحوذوا على أعداد من التأشيرات عن طريق صلاتهم بأمانة المجلس، فيما فشل أعضاء آخرون في الحصول على التأشيرات بعد إبلاغهم من قبل أمانة المجلس أنها انتهت".

وأضاف منصور أنه ضمن امتيازات عضو البرلمان المصري، حصوله على 10 تأشيرات للحج ومثلها للعمرة كل عام، ومن حق النائب أن يعطيها لأفراد عائلته أو المقربين منه موضحاً أن بعض النواب يتجهون لبيع هذه التأشيرات، وهو ما سبق أن فجر فضيحة إثر تورط نواب في زمن الرئيس السابق مبارك في بيع تأشيرات حصلوا عليها في السوق السوداء.

ويؤكد يوسف عباس رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات السياحية، أن شروط حصول الشركات السياحية على تأشيرات الحج، حبر على ورق، بسبب التفاف أباطرة السياحة ممن يتمتعون بصلات نافذة مع مسؤولين عليها.

وأضاف عباس في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "أباطرة داخل غرفة شركة السياحة يؤسسون شركات سياحية وهمية، للحصول علي حصتها من تأشيرات الحج والعمرة، بالمخالفة للقانون المنظم لعمل هذه الشركات موضحاً أن هذه المجموعة معروفة بأسمائها لدى جميع أصحاب الشركات السياحية والمسؤولين في وزارة السياحية".

يؤكد هذا الأمر، باسل السيسي، رئيس لجنة السياحة الدينية السابق بغرفة شركة السياحة، قائلا "يوجد تلاعب في توزيع التأشيرات لصالح شركة سياحية، مملوكة لأحد أعضاء الغرفة السياحية، وأضاف "السيسي الذي تقدم باستقالته منذ شهرين احتجاجاً علي التلاعب في توزيع التأشيرات "القواعد المعمول بها هي أن كُل شركة عاملة في السياحة لها حد أقصي تحصل عليه 100 تأشيرة من الحصة الأساسية التي تحصل عليها وزارة السياحة، موضحاً لـ"العربي الجديد": "أن بعض أعضاء الغرفة ممن يتمتعون بصلات نافذة مع مسؤولين في الوزارة نجحوا في إخفاء ألفي تأشيرة لصالح شركة بعينها مملوكة لعضو في الغرفة خلال العام الحالي".


تلاعب في أسعار تأشيرات الحج

عبر رصد تكلفة الحج السياحي، وثق معد التحقيق، حجم التلاعب في أسعار تأشيرات الحج التي توزعها وزارة السياحة والبالغ عددها 29 ألف تأشيرة، إذ تراوحت أسعار الحج السياحي في خمس شركات في وسط القاهرة، بين 65 ألف جنيه (7319 دولاراً) إلي 70 ألف جنيه (7882 دولاراً)  للحج من فئة أربع نجوم، فيما تراوح سعر الحج السياحي من نفس الفئة على موقع وزارة السياحة بين 47 ألف جنية (5292 دولار) و45 ألف جنيه (5 آلاف دولار)، بزيادة قدرها 10% عن الأسعار المعلنة في العام الماضي.

ولم تنف أميمة الحسيني المتحدثة الرسمية بوزارة السياحة، ما توصل إليه "العربي الجديد"، من تلاعب في الأسعار، وتأسيس شركات وهمية للاستيلاء على التأشيرات، مؤكدة أن الوزارة بذلت مساعي لمحاربة التلاعب في الأسعار النهائية للحج السياحي، عبر تشكيل لجنة مخولة بمراقبة أسعار الحج السياحي.

وأضافت المتحدثة الرسمية بوزارة السياحة، أن ضبط الأسعار مسؤولية مشتركة بين الوزارة والجهات الأمنية المكلفة بإجراء تفتيش علي الشركات السياحية، مؤكدة أن الوزارة بذلت أقصي جهودها خلال هذا العام لضمان عدالة التوزيع في تأشيرات الحج السياحي بأسعار مناسبة، وتبحث كافة الشكاوي التي تصلها من الجميع بشفافية وأن الحديث عن تستر الوزارة عن فساد بعض أعضاء غرفة السياحة مسألة غير حقيقية، ويروج لها بعض الشخصيات التي تبحث عن الوجاهة الإعلامية والشهرة.
دلالات