استمع إلى الملخص
- تؤدي ممارسات حرق النفايات الإلكترونية إلى مشاكل صحية خطيرة للسكان، مثل أمراض الجهاز التنفسي والحساسية، بسبب استنشاق المواد السامة كالزئبق والرصاص.
- رغم الجهود المبذولة، تعاني إدارة النفايات الإلكترونية من فجوات قانونية وتنفيذية، حيث تسيطر طرق غير قانونية وقطاع غير مهيكل على السوق، مما يتطلب تعزيز القوانين ودعم الشركات والمبادرات.
لم تتحقق وعود حكومية بالسيطرة على ما ينتجه المغرب من نفايات إلكترونية، بما يوقف حرقها ويزيد حجم إعادة تدويرها واستخلاص معادنها الثمينة، إذ لم تتعامل المملكة سوى مع 10% من إجمالي إنتاجها الذي يهدد البيئة والأهالي.
- يبذل العشريني المغربي مراد الشبيهي، قصارى جهده في رحلة يومية شاقة يجمع خلالها نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية من أحياء وشوارع الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة غربي البلاد، من أجل بيعها إلى تاجر محلي في مقابل سعر يتراوح ما بين 3 و4 دراهم للكيلو غرام (الدولار الأميركي يساوي حوالي 10 دراهم)، لكنه في بعض الأحيان، ومن أجل تحقيق دخل إضافي يلبي نفقات المعيشة المتزايدة، يفكك الأجهزة ويحرق أسلاكها في مكب عشوائي بمنطقة الهراويين (حي شعبي)، والسبب كما يقول لـ"العربي الجديد"، تضاعف سعر معدن النحاس بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، فقد شجعه رفاقه من "الميخالة" (لفظ يطلقه المغاربة على من يجمعون النفايات القابلة لإعادة التدوير) على هذه الطريقة التي يستخلصون عبرها تلك المادة الثمينة.
نمو سنوي كبير وتدوير هزيل
بلغت كمية النفايات الإلكترونية في المغرب 177 مليون كيلوغرام في عام 2022، بمعدل 4.8 كيلوغرامات للفرد، بحسب بيانات معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث Unitar والاتحاد الدولي للاتصالات ITU الصادرة في 20 مارس/آذار 2024 بعنوان "المرصد العالمي للنفايات الإلكترونية" THE GLOBAL E-WASTE MONITOR، وتشمل مصادرها الشائعة أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة والأجهزة المنزلية الكبيرة، وكذلك المعدات الطبية، بحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية نشر في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024.
177 مليون كيلوغرام حجم النفايات الإلكترونية في عام 2022
وتحتل المنازل صدارة قائمة المصادر، متبوعة بالشركات الخاصة والإدارات العمومية، بحسب تقديرات الخبير البيئي شكيل عالم، الأستاذ بكلية العلوم بمدينة الراشيدية في مكناس شمالي البلاد، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن نصف كميات النفايات تتركز بالمدن الكبرى ومن بينها الدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش وأكادير، فيما تتم عملية الجمع في غالبيتها من قبل القطاع غير المهيكل.
لفهم كيف تزايد حجم نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، يمكن مقارنة الحجم بما تم رصده في عام 2020، إذ بلغت 151 ألف طن، ومن المتوقع أن تصل إلى 213 ألف طن بحلول سنة 2030، أي بمعدل نمو سنوي قدره 3.5%. وبالرغم من الحجم السابق، لم يعد تدوير سوى 16 ألف طن فقط من هذه الكمية، أي بنسبة 13%، بحسب ما جاء في استشارة مواطنة التي أطلقها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة دستورية تتولى مهام استشارية) ما بين 14 مارس و15 إبريل/نيسان الماضيين.
تساقط سحب ملوثة
رصدت النائبة عن فيدرالية اليسار الديمقراطي (معارضة) فاطمة التامني، آثار عدم المعالجة وحرق متلاشيات (خردة) الحديد والأسلاك النحاسية، واختارت مثالاً ساكنة دوار أولاد الشيخ بالجماعة الترابية بإقليم سيدي بنور جنوب مدينة الدار البيضاء، إذ وصل التلوث البيئي إلى درجة خطيرة، بحسب ما جاء في سؤال كتابي وجهته إلى وزير الداخلية في فبراير/شباط 2023، مؤكدة أن "الأكثر خطورة هو السحب الكثيفة من الدخان الأسود التي تتساقط على رؤوس الساكنة وحيواناتهم وأراضيهم الزراعية، ولم يسلم من هذه الملوثات لا الأطفال ولا النساء مما تسبب في أمراض ضيق التنفس والحكة الجلدية وأمراض العيون".
من بين المصابين الأربعينية فاطمة العوني، والتي ظهرت عليها أعراض الحساسية في عام 2021 جراء عملية حرق النفايات وما ينجم عنها من أدخنة وروائح، وهو ما يؤكده الدكتور مصطفى المودني المتابع لحالتها، قائلاً لـ"العربي الجديد": "التعرض إلى أدخنة حرق النفايات والمتلاشيات على مدار السنين يزيد من احتمالية إصابة السكان القريبين من مكان الحرق بأمراض عدة كالحساسية وضيق التنفس، فحرق الكابلات لاستخلاص المعادن يؤدي إلى إطلاق أبخرة سامة وملوثات في الهواء والتربة والمياه".
رئات تعاني الرصاص والزئبق والكادميوم
"عملية تدبير وإعادة تدوير النفايات الإلكترونية بالمغرب جد ضعيفة"، كما يقيمها عبد اللطيف التوزاني، الأستاذ الجامعي بالمدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط، والباحث في البيئة والتغيرات المناخية والنفايات الصلبة، والذي يؤكد أنه "لولا جهود بعض الشركات الخاصة، وتعد على رؤوس الأصابع، في جمع بعضها وإعادة التدوير لتسبب ذلك في كارثة بيئية".
وما يدعم تقييم التوزاني، كون من يريدون التخلص منها، يبيعونها وتنتهي علاقتهم بها ليتم حرقها، أو تركها في أماكن غير معدة لاستقبالها، وهو ما يخالف المعايير البيئية والصحية للتعامل معها، وتبعاً لهذا الواقع، يرى رشيد فاسح الباحث في مجال البيئة والتنمية المستدامة ورئيس جمعية بييزاج لحماية البيئة (أهلية) بأكادير، أن المغرب "سيشهد على المدى البعيد مشاكل حقيقية، لأن النفايات الإلكترونية ستشكل خطراً على الصحة والموارد الطبيعية كالتربة والمياه، خاصة في ظل غياب شروط السلامة والوقاية الضروريتين أثناء التعامل معها".
ويوافقه مصطفى بنرامل رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ (أهلية)، الذي يعتبر حرق تلك النفايات ممارسة خطيرة للغاية على صحة الإنسان والموارد الطبيعية، إذ إن استنشاق مواد سامة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية وأمراض القلب والأوعية الدموية، كما أن تراكم الرصاص في الجسم بمرور الوقت، قد يؤدي إلى تلف الدماغ والكلى والجهاز العصبي، خاصة عند الأطفال.
ويعدد بنرامل مخاطر حرق تلك النفايات على الموارد الطبيعية، موضحاً أن عملية حرق النفايات الإلكترونية تلوّث الهواء بالجسيمات الدقيقة والغازات الضارة، إذ "نُسب ما يقرب من 53% من انبعاثات جزئيات PM2.5 المحيطي إلى الصناعات و35% إلى قطاع النقل"، وفق تقرير "كشف القناع عن أبرز المتسببين في تلوث الهواء في القارة الأفريقية" الصادر عن منظمة السلام الأخضر الدولية Greenpeace (بيئية غير حكومية) في مارس الماضي.
وبلغ العدد التقديري للوفيات المبكرة الناجمة عن تلوث الهواء بسبب الاعتماد على الوقود الأحفوري في المغرب 5.100 وفاة سنوياً، وفق ما نشره الموقع الرسمي منظمة السلام الأخضر الدولية في 25 أغسطس/آب 2020، وبينما تغيب إحصائيات رسمية ودراسات طبية مغربية بشأن الأضرار الناجمة عن حرق النفايات الإلكترونية، تقدر منظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية أن ملايين النساء والأطفال العاملين في قطاع إعادة التدوير غير الرسمي حول العالم، قد يكونون عرضة لأخطار التعامل مع النفايات الإلكترونية.
عدم احترام المسار القانوني
"لا يوجد مسار خاص لمعالجة النفايات الإلكترونية، وفي الكثير من الحالات لا يُحترم الطريق القانوني الخاص بجمعها ونقلها ومعالجتها، على يد باعة الخردة (المتلاشيات) الذين يتكفلون بنقلها إلى "لافيراي" (مكان بيع الخردة) وإلى محلات تفكيك الأجهزة والآلات الإلكترونية إلى أجزاء قابلة لإعادة البيع أو التدوير"، كما يقول الباحث فاسح.
ويتم تقليدياً التخلص من أجزاء الأجهزة الإلكترونية المتبقية بعد التفكيك، عن طريق حرقها إلى جانب النفايات الأخرى بالمكبات العشوائية في هوامش المدن، وفي أحيان أخرى، يرميها المواطنون وجامعو النفايات ومحلات إصلاح الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، في الفضاء العام وفي جنبات الأودية وفي الأماكن المعزولة ما يؤثر على البيئة ويهدد صحة المغاربة، حسب فاسح.
5.100 وفاة مبكرة جراء تلوث الهواء بسبب الوقود الأحفوري
ومن خلال عمله مُسيّراً مساعداً بشركة خاصة متخصصة في مجال إعادة تدوير النفايات، يقول أناس مريبح لـ"العربي الجديد"، إنه "باستثناء الرقاقة الخضراء التي تُباع إلى شركات ألمانية وإسبانية وصينية لعدم امتلاك المغرب للتكنولوجيا الخاصة بإعادة تدويرها، فإن مصير "النفايات غير القابلة لإعادة التدوير هو الحرق في معامل الإسمنت"، والتي يبلغ عددها 12 مصنعاً مملوكاً لأربع مجموعات رئيسية تهيمن على السوق المغربية (شركة لافارج هولسيم المغرب، وإسمنت تمارة، وإسمنت المغرب، وإسمنت الأطلس)، وفق ورقة تقنية حول المهمة الاستطلاعية المؤقتة لقطاع الإسمنت، صادرة في فبراير 2020.
ماذا يجري في مصانع الإسمنت؟
يثير استعمال النفايات من مصانع الإسمنت أسئلة حول مدى قانونية العملية وعدم مخالفتها المعايير المتبعة، إلا أن مصدراً مسؤولاً في الجمعية المهنية لشركات الإسمنت بالمغرب (طلب عدم ذكر اسمه لكونه غير مخول له الحديث إلى الصحافة) يقول إن "استعمال النفايات الصناعية (العجلات والمواد المطاطية والبلاستيكية وبقايا صناعة النسيج وصناعات الخشب وغيرها) والمنزلية وقوداً بديلاً من شركات الإسمنت في بعض المصانع، لا يشكل مخالفة ويخضع للقانون 28-00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها ومراسيمه التطبيقية، وأيضاً للاتفاقية المبرمة بين جمعية صانعي الإسمنت والقطاع الحكومي المكلف بالبيئة في 2003، مشيراً إلى أن عدداً من الشركات خصص استثمارات ضخمة خلال السنوات الماضية لاقتناء أفران مجهزة لاستقبال الوقود الصلب المستخرج من النفايات، والتحكم في الأدخنة والغبار الناتج عن حرقها عبر إعادة تدويرها كإضافات للمواد الأولية لصناعة الإسمنت.
لكن بالرغم مما سبق، يرى نور الدين يحياوي، مدير شركة لوجيبرو المتخصصة في إعادة تدوير النفايات الصناعية والإلكترونية بمدينة الدار البيضاء لـ"العربي الجديد"، أن معالجة النفايات الإلكترونية في المغرب ما زالت محدودة جداً، وأن النسبة التي تخضع "للرسكلة" (إعادة التدوير)، على قلتها، تأتي من الشركات؛ بينما تذهب أغلب النفايات ذات الاستعمال الفردي إما إلى القطاع غير المهيكل، أو إلى مكبات النفايات.
ووفق إحصائيات وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، يوجد ما يقارب 50 شركة لنقل النفايات الخطرة تحظى بترخيص من الوزارة موزعة على المستوى الوطني، وتشتغل وفق دفتر تحملات صادر عنها، في حين أن هناك ما يناهز 22 مقاولة مختصة بتدبير تلك النفايات وتثمينها ومعالجتها موزعة على التراب الوطني، وتعمل وفق دفتر تحملات ومراقبة من شرطة البيئة.
وعلى الرغم من عددها إلا أن تلك الشركات غير قادرة على إقناع المواطنين بتسليم متلاشياتهم، ولو بثمن رمزي، لأن الكثير منهم يفضلون بيع ما لديهم للعاملين في القطاع غير المهيكل، مقابل مبالغ مالية أعلى من التي تعْرضها الشركات، يقول يحياوي، لافتاً إلى أنه "في ظل هذا الوضع، لا يمكن للمستثمرين في قطاع إعادة تدوير النفايات أن يستقدموا آليات تتطلب ملايين الدراهم، في وقت لا يتوصلون فيه بالكميات الكافية لاستغلال هذه الآلات؛ لأن القطاع غير المهيكل يسيطر على السوق حالياً".
ويوضح يحياوي أن شركته على سبيل المثال توفر خدمة معالجة النفايات الإلكترونية وفق المعايير الدولية، وهي تمتلك رخصة من القطاع الحكومي المختص بالبيئة لمعالجتها. كما أوجدت تطبيقاً على الهواتف الذكية باسم E-recyclage هو الأول من نوعه في المغرب، يهدف إلى تشجيع المواطنين على عدم رمي النفايات الإلكترونية في صناديق القمامة، ويمكن لمستعمل التطبيق سواء كان فرداً أو شركة إرسال صورة الجهاز الإلكتروني الذي يريد التخلص منه إلى الشركة، ويتكلف أعوانها بتسلم الجهاز مقابل مبلغ مالي رمزي.
النفايات الخطرة
تصنف النفايات الإلكترونية، من الفئة الخطرة حسب المرسوم 2.07.253، ما يجعلها تخضع لمقتضيات المرسوم رقم 2.14.85 المتعلق بتدبير يقوم على إخضاع عمليات حيازتها وجمعها ومعالجتها، لرخصة تسلم من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالبيئة. كما يتوجب، على كل حائز أو جامع أو معالج لهذه النفايات إمساك سجل تدون فيه كميات ونوع وطبيعة ومصدر ومصير النفايات الخطرة.
كما ينص المرسوم رقم 2.14.85 المتعلق بتدابير النفايات الخطرة على إرفاق نقل النفايات الخطرة بورقة تتضمن معلومات المرسِل والناقل والمرسل إليه، وكذا طبيعة وكمية النفايات وطريقة نقلها وكيفية التخلص منها، إضافة إلى ضرورة توفر كل منتج حائز أو جامع أو معالج للنفايات الخطرة على مخطط داخلي لتدبير هذه النفايات. كذلك يحدد المرسوم التدابير الوقائية التي يجب اتخاذها لضمان نقل ومعالجة سليمة للنفايات الخطرة بشكل يحد من آثارها السلبية على البيئة والصحة.
غير أن هذه التدابير والإجراءات القانونية لا تجد صدى لها لدى أحمد بوتمارت، صاحب محل إصلاح الأجهزة الالكترونية، بسوق" كزا" الشعبي بالرباط، الذي يجد صعوبة في التخلص من طابعات انتهت دورة تشغيلها ويكتفي بوضعها في جنبات دكانه بدون أية وسائل وقائية للحماية من التعرض أو تسرب المواد ذات الطبيعة السامة، وفق ما وثق معد التحقيق خلال جولة ميدانية.
ويلفت، في حديث مع "العربي الجديد "، إلى أنه يتلقى سنوياً ما يقارب 600 حاسوب، يتخلى مالكو نحو 100 منها عن أجهزتهم جراء تعذر إصلاحها، فيعيد استعمال قطع غيارها لإصلاح أخرى، في حين يضطر إلى وضع ما تبقى مع النفايات التي ينقلها عمال النظافة إلى المكبات، من دون أن يعرف مصيرها.
وبحسب الخبير عالم، فإن "عدم تضمين النصوص القانونية المتعلقة بتدبير النفايات بنوداً محددة لكيفية معالجة النفايات الإلكترونية؛ يجعل التخلص منها يتم باعتيادية، إما ببيعها إلى العاملين في القطاع غير المهيكل الذين لا يولون أهمية لمخاطرها على الإنسان والبيئة، وإما عن طريق رميها في مطارح النفايات في المدن علماً أن مستخدمي شركات تدبير قطاع النظافة العاملين فيها يفتقرون إلى تكوين خاص بكيفية التعامل مع تلك النفايات الخطرة".
ولا يقتصر الأمر على غياب الإدراك بخطورة تلك النفايات والتكوين الخاص للتعامل معها، بل يتعدى ذلك إلى عدم توفر مدن كبرى كالدار البيضاء ومراكش وطنجة وفاس على منشآت لإعادة تدوير جميع النفايات بما فيها الإلكترونية جراء عدم توفر الشركات التي تدير النفايات في تلك المدن على مراكز خاصة بمعالجة تلك النفايات الخطيرة، يقول مريبح.
فجوات التدبير ووعود لم تتحقق
اعتمد المغرب، منذ عام 2006، تدابير عدة لتنظيم إدارة النفايات الإلكترونية، من بينها الإطار التنظيمي (القانون رقم 28-00) وتوسيع نطاق مسؤولية المنتجين، وحظر التصدير، والتوعية العامة وتعزيز الاقتصاد الدائري. غير أنه لا تزال هناك فجوات في التنفيذ الفعال لهذه التدابير، وفقاً لتقرير مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق Unitar والاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2024.
وهو ما تقر به كذلك وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، من خلال تأكيدها أن وزارتها ستقوم بإصلاح القانون 28-00 المتعلق بإدارة النفايات والتخلص منها، والذي ينظم إدارة النفايات من خلال تغطية السلسلة بأكملها من التجميع إلى الإزالة مروراً بالمعالجة والتثمين، مؤكدة الحاجة إلى نظام بيئي خاص لإدارة النفايات الإلكترونية والكهربائية، وفق ما جاء في جوابها عن سؤال كتابي وجهته المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية المعارض في مايو/ أيار 2022، وهو ما لم يتحقق حتى اليوم.
كذلك أشارت إلى أن وزارتها تعمل على وضع خطة عمل خاصة بأجهزة الكمبيوتر والمواد المستخدمة في الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، فضلاً عن الإجراءات المتخذة على المستوى الوطني لتدبير واسترجاع النفايات الإلكترونية.
ويتعلق ذلك على وجه الخصوص بإصلاح أجهزة الكمبيوتر وتوزيعها في المدارس والجمعيات الريفية، وكذلك استعادة عناصر تصنيع بعض الأجهزة واختيارها حسب الفئة (الحديد والرصاص والنحاس وغيرها). غير أنه إلى حد الآن لم تر تلك الخطة النور، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول تأثير ذلك على جهود مواجهة خطر النفايات الإلكترونية على أرض الواقع، يقول بنرامل.
من المسؤول؟
"المسؤولية مشتركة بين أعضاء لجنة تتبع الكوارث الطبيعية والبشرية: المكونة من ممثل وزارة الداخلية بالعمالات والشرطة البيئية التابعة لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وممثل الجماعات الترابية، وممثل المياه والغابات، فضلاً عن ممثلين عن وكالة الأحواض المائية وقطاع الماء والأمن الوطني أو الدرك الملكي، وفي بعض الأحيان ممثل وزارة الفلاحة والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب"، أضاف بنرامل.
لكن مصدراً مسؤولاً بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة يرد بأن الشرطة البيئية بالمغرب تضبط مجموعة من المخالفات وفق المقتضيات القانونية وتحرر المحاضر وترسل إلى السلطات المختصة، غير أن الإشكال يكمن في ضعف العقوبات المقررة في حق المخالفين.
وكان المغرب قد أطلق أول دفعة لشرطة البيئة، مؤلفة من نحو 40 مراقباً، في عام 2017. ووفقاً للمرسوم رقم 2.14.782 المتعلق بتنظيم وكيفيات عملها، فإن هذه الهيئة تضطلع بمهام المراقبة والتفتيش والبحث والتحري ومعاينة المخالفات وتحرير المحاضر. وبحسب المصدر المسؤول، تمكنت الشرطة البيئية رغم حداثة عهدها ومحدودية الإمكانات من إنجاز ما يقارب 1.732 عملية مراقبة خلال سنة 2023، شملت المنشآت الصناعية وشبه الصناعية، والمطارح ومحطات تصفية المياه العادمة ومعاصر الزيوت ومنشآت معالجة النفايات الخطرة، وتم الوقوف على مجموعة من الاختلالات ومعالجتها وتصحيحها بطرق إدارية، كما أن مجموعة من المحاضر أنجزت وأرسلت إلى السلطات القضائية المختصة، مشيراً إلى أنه بالرغم من المجهودات المبذولة إلا أن التحديات تبقى أكبر، نظراً للضغط المتزايد الذي يمارس على البيئة بالمقارنة مع الإمكانات جد المحدودة التي تتوفر عليها الوزارة.