في خلال أيّام، ظهر فيروس غامض في الصين قبل أن يجتاز الحدود وتُسجّل أولى الإصابات به عالميّاً في تايلاند فتتبعها إصابات أخرى في بلدان مختلفة، ثمّ يعبر المحيط ويبلغ الولايات المتحدة الأميركية.
قبل أقلّ من شهر، تحديداً في 31 ديسمبر/ كانون الأوّل 2019، أُعلم مكتب منظمة الصحة العالميّة في الصين بأنّ ثمّة إصابات بالتهاب رئويّ من دون أسباب معروفة في مدينة ووهان الواقعة بإقليم هوبي وسط البلاد. وبعد أسبوع، في السابع من يناير/ كانون الثاني الجاري، تمكّنت السلطات الصحيّة الصينيّة من تحديد سلالة جديدة من فيروس كورونا، بعد استبعادها أمراضاً أخرى.
بعد يومَين فقط، أي السبت في 25 يناير/ كانون الثاني، تبدأ عطلة رأس السنة القمريّة أو عيد الربيع الصينيّ، ما يثير مخاوف السلطات الصحيّة في أكثر من بلد حول العالم وكذلك منظمة الصحة العالميّة، إذ إنّ مئات ملايين الصينيّين سوف يسافرون لقضاء عطلتهم في خارج البلاد فيما يقصدها آخرون للمشاركة باحتفالات هذا العيد الأكبر، بحسب المتوقّع، الأمر الذي من شأنه تعقيد الجهود المبذولة لاحتواء الفيروس. وأخيراً، صرّح مدير المركز الصينيّ لمكافحة الأمراض والوقاية منها، جاو فو، بأنّ الفيروس الجديد "يتكيّف مع محيطه ويتحوّر" وسط التحديات التي تواجه السلطات الصحيّة للسيطرة على انتشاره. بدوره قال نائب هيئة الصحة الوطنيّة الصينيّة، لي بن، في مؤتمر صحافيّ، إنّ هذا الفيروس الذي ينتقل عبر الجهاز التنفسيّ "قادر على التحوّر والانتشار بسهولة".
وبحسب البيانات الأخيرة الصادرة، اليوم الأربعاء، فقد ارتفع عدد الوفيات إلى 17 وتأكّدت إصابة 444 شخصاً، في حين كثّفت السلطات الصحيّة جهودها للسيطرة على انتشار المرض. وقد حثّت السلطات المواطنين في مدينة ووهان على تجنّب الازدحامات والتجمّعات العامة. وصرّح نائب هيئة الصحة الوطنيّة الصينيّة، لي بن، بأنّ 2197 شخصاً آخرين عُزلوا بعدما كانوا على اتصال بمصابين فيما رفعت السلطات إجراءات المراقبة عن 765 شخصاً. وقد تعهّدت الصين بتشديد التدابير في المستشفيات لاحتواء المرض.
تهديد عابر للحدود
تفيد المعطيات بأنّ الإصابة الأولى وقعت في سوق للمأكولات البحريّة في مدينة ووهان، وقد أُغلق على الأثر، في بداية العام الجاري. والمدينة التي تضمّ 11 مليون نسمة تُعَدّ مركزاً صناعياً واقتصادياً رئيسياً في وسط الصين، تُعَدّ مصدّرة الفيروس إلى مدن صينيّة أخرى وكذلك إلى بلدان أخرى، الأمر الذي دفع السلطات في أكثر من دولة إلى اتّخاذ تدابير حماية في وجه هذا الفيروس الذي اكتسب بعداً عالمياً بسرعة كبرى. ونذكر من البلدان التي رأت نفسها معنيّة، تايلاند واليابان وماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبيّة وإندونيسيا والفيليبين والولايات المتحدة الأميركيّة وأستراليا وبريطانيا وروسيا. يُذكر أنّ الهيئة الفدرالية الروسيّة لحماية رفاه الإنسان أعلنت في بيان اليوم الأربعاء أنّه "من المستحيل استبعاد وصول فيروس كورونا الجديد إلى روسيا، تماماً كما هي الحال مع أيّ فيروس آخر"، لافتة إلى أنّ "أكثر من مليون ونصف مليون مواطن صينيّ يقصدون روسيا سنوياً، والعدد نفسه بالنسبة إلى المواطنين الروس الذين يزورون الصين". وقد عزّزت تدابير المراقبة عند منافذها الحدودية مع الصين، فيما تراوحت إجراءات الدول الأخرى ما بين تشديد الترصّد في المطارات وعند المعابر الحدودية وما بين إغلاق الحدود كلياً. وفي سياق متّصل، أعلن الاتحاد الآسيويّ لكرة القدم اليوم الأربعاء عن نقل مباريات تُنظَّم في إطار تصفيات أولمبياد طوكيو 2020 لكرة القدم النسائيّة كانت مقرّرة في فبراير/ شباط المقبل في مدينة ووهان، إلى مكان آخر في شرق الصين.
وفي الولايات المتحدة الأميركيّة، أكّد المركز الأميركيّ لمكافحة الأمراض والوقاية منها إصابة مواطن بفيروس كورونا الجديد. الرجل الأميركيّ الذي لم يُكشف عن هويّته، والبالغ من العمر 30 عاماً، عاد من ووهان من دون أن يخضع إلى أيّ فحص عند وصوله في 15 يناير/ كانون الثاني الجاري، لأنّ إجراءات الفحص لم تكن قد اتّخذت بعد في المطارات الأميركيّة. وهو اليوم في العزل في مركز طبيّ في مدينة إيفيريت بولاية واشنطن.
اقــرأ أيضاً
عدوى بين البشر
في مستجدّات يعدّها المعنيّون خطرة، وبعدما كان انتقال الفيروس محصوراً من الحيوان إلى الإنسان، كشف الخبير الصحيّ شونغ نانشان الذي عيّنته هيئة الصحة الوطنيّة الصينيّة على رأس فريق لمتابعة القضيّة، أنّ السلالة الجديدة من فيروس كورونا تنتقل بين البشر وليس من الحيوانات إلى البشر فقط، مثلما كان معلناً في السابق، الأمر الذي يثير مخاوف أكبر لا سيّما أنّها قد تؤدّي إلى الوفاة. ويؤكّد أنّ القلق كبير، خصوصاً مع استعداد البلاد للاحتفال برأس السنة القمريّة، فيما يتعرّض موظفو الرعاية الصحيّة الذين يعملون مع المصابين لخطر العدوى كذلك.
وتُعرّف منظمة الصحة العالميّة فيروسات كورونا أو الفيروسات التاجيّة بأنّها "مجموعة كبيرة تسبّب أمراضاً قد تكون مجرّد نزلة برد شائعة أو أمراض أكثر حدّة، ولعلّ أكثرها شهرة متلازمة الالتهاب التنفسيّ الحاد (سارس). وقد تمّ التعرّف للمرّة الأولى إلى فيروس كورونا البشريّ في ستينيّات القرن الماضي، من خلال عيّنات أخذت من أنوف أشخاص مصابين بنزلات برد. والفيروس الذي ينتقل أساساً من ملامسة الإنسان للحيوانات، يظنّ الخبراء أنّه بدأ في القطط، بحسب المنظمة.
صحيح أنّ الأبحاث المتوفّرة حول كيفيّة انتقال فيروس كورونا البشريّ من شخص إلى آخر قليلة جداً، إلا أنّ ذلك يحصل بحسب المتعارف عليه من خلال إفرازات الجهاز التنفسيّ، إمّا عبر السعال أو العطس من دون تغطية الفم والأنف، وإمّا ملامسة شخص مصاب أو مصافحته، وإمّا ملامسة سطح أو غرض ملوّثين بالفيروس ومن ثمّ لمس الأنف أو الفم أو العين، وإمّا الاحتكاك ببراز ملوّث وذلك في حالات نادرة. وفي ما خصّ الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، نجد المصابين بأمراض قلبيّة ورئويّة، وأصحاب المناعة الضعيفة، والرضّع، وكبار السنّ.
لا لقاح ولا علاج
ولأنّ أيّ لقاح لا يتوفّر من أجل تحصين الأشخاص في وجه هذا الفيروس، تبقى الوقاية الحلّ الأفضل، من خلال إجراءات هي نفسها التي تُتّخذ لتفادي الإصابة بنزلة برد، من قبيل غسل اليدَين جيّداً بالماء والصابون، واستخدام معقّم لليدَين، وإبعاد اليدَين والأصابع عن العينَين والأنف والفم، وتجنّب الاتصال الجسديّ بالأشخاص المصابين، والبقاء في المنزل (في حال الإصابة أو الاشتباه فيها) وتجنّب التواصل عن قرب مع آخرين، وتغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال، والتخلّص من المناديل المستخدمة في هاتين الحالتَين والحفاظ على النظافة الشخصيّة. من جهة أخرى، لا يتوفّر علاج محدّد لعدوى فيروس كورونا وأعراضه تتلاشى بشكل تلقائيّ في الحالات الأقلّ حدّة. لكن من الممكن اتّباع بعض الطرق لتسريع الشفاء، ومنها الحصول على قسط كافٍ من الراحة، والإكثار من شرب السوائل، واستخدام المسكّنات التي تُباع من دون وصفة طبيّة لعلاج آلام الحلق وارتفاع درجة الحرارة مع تفادي إعطاء الأسبرين لمن هم دون 18 عاماً، واستخدام أجهزة مرطّبة للأجواء، وأخذ حمّامات مياه ساخنة.
تجدر الإشارة إلى أنّ أعراض فيروس كورونا تبدأ بالظهور بعد مدّة تتراوح ما بين يومَين وأربعة أيام من الإصابة به، وهي أشبه بأعراض نزلة برد في الجهاز التنفسيّ العلويّ تشمل سيلان الأنف، والصداع، والسعال، وألماً في الحلق، وارتفاع درجة حرارة الجسم، والشعور بحالة من الانزعاج العام. كذلك، قد يسبّب فيروس كورونا أحياناً أمراضاً في الجهاز التنفسيّ السفليّ، من قبيل الإصابة بالتهاب القصبات الهوائيّة وذات الرئة.
اقــرأ أيضاً
استعادة لمتلازمة سارس
ما يحصل اليوم يعيد إلى الأذهان تجربة مشابهة في عامَي 2002 و2003، عندما ظهرت متلازمة الالتهاب التنفسيّ الحاد (سارس) في الصين، للمرّة الأولى، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، قبل أن تتفشّى في آسيا والعالم وتصيب 8439 شخصاً وتودي بحياة 809 مصابين، منهم 349 في الصين. وتُعَدّ متلازمة الالتهاب التنفسيّ الحاد مرضاً تنفسياً معدياً ومميتاً في بعض الأحيان، نقله في ذلك الحين مسافرون إلى مختلف أنحاء العالم لم يكونوا مدركين إصابتهم.
يُذكر أنّ منظمة الصحة العالميّة كانت قد أصدرت في 12 مارس/ آذار من عام 2003 إنذاراً حول "ظهور مرض معدٍ مستجدّ يتّسم بحمّى والتهاب رئوي غير نمطيّ". ويبدو القلق اليوم كبيراً، لأنّ التجربة السابقة تؤكّد إمكانيّة انتشار العدوى سريعاً في عالم مترابط وسريع الحركة. لكنّ التعاون الدوليّ بين خبراء الصحة وتضافر جهودهم أدّيا في المقابل إلى احتواء المرض.
بعد يومَين فقط، أي السبت في 25 يناير/ كانون الثاني، تبدأ عطلة رأس السنة القمريّة أو عيد الربيع الصينيّ، ما يثير مخاوف السلطات الصحيّة في أكثر من بلد حول العالم وكذلك منظمة الصحة العالميّة، إذ إنّ مئات ملايين الصينيّين سوف يسافرون لقضاء عطلتهم في خارج البلاد فيما يقصدها آخرون للمشاركة باحتفالات هذا العيد الأكبر، بحسب المتوقّع، الأمر الذي من شأنه تعقيد الجهود المبذولة لاحتواء الفيروس. وأخيراً، صرّح مدير المركز الصينيّ لمكافحة الأمراض والوقاية منها، جاو فو، بأنّ الفيروس الجديد "يتكيّف مع محيطه ويتحوّر" وسط التحديات التي تواجه السلطات الصحيّة للسيطرة على انتشاره. بدوره قال نائب هيئة الصحة الوطنيّة الصينيّة، لي بن، في مؤتمر صحافيّ، إنّ هذا الفيروس الذي ينتقل عبر الجهاز التنفسيّ "قادر على التحوّر والانتشار بسهولة".
وبحسب البيانات الأخيرة الصادرة، اليوم الأربعاء، فقد ارتفع عدد الوفيات إلى 17 وتأكّدت إصابة 444 شخصاً، في حين كثّفت السلطات الصحيّة جهودها للسيطرة على انتشار المرض. وقد حثّت السلطات المواطنين في مدينة ووهان على تجنّب الازدحامات والتجمّعات العامة. وصرّح نائب هيئة الصحة الوطنيّة الصينيّة، لي بن، بأنّ 2197 شخصاً آخرين عُزلوا بعدما كانوا على اتصال بمصابين فيما رفعت السلطات إجراءات المراقبة عن 765 شخصاً. وقد تعهّدت الصين بتشديد التدابير في المستشفيات لاحتواء المرض.
تهديد عابر للحدود
تفيد المعطيات بأنّ الإصابة الأولى وقعت في سوق للمأكولات البحريّة في مدينة ووهان، وقد أُغلق على الأثر، في بداية العام الجاري. والمدينة التي تضمّ 11 مليون نسمة تُعَدّ مركزاً صناعياً واقتصادياً رئيسياً في وسط الصين، تُعَدّ مصدّرة الفيروس إلى مدن صينيّة أخرى وكذلك إلى بلدان أخرى، الأمر الذي دفع السلطات في أكثر من دولة إلى اتّخاذ تدابير حماية في وجه هذا الفيروس الذي اكتسب بعداً عالمياً بسرعة كبرى. ونذكر من البلدان التي رأت نفسها معنيّة، تايلاند واليابان وماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبيّة وإندونيسيا والفيليبين والولايات المتحدة الأميركيّة وأستراليا وبريطانيا وروسيا. يُذكر أنّ الهيئة الفدرالية الروسيّة لحماية رفاه الإنسان أعلنت في بيان اليوم الأربعاء أنّه "من المستحيل استبعاد وصول فيروس كورونا الجديد إلى روسيا، تماماً كما هي الحال مع أيّ فيروس آخر"، لافتة إلى أنّ "أكثر من مليون ونصف مليون مواطن صينيّ يقصدون روسيا سنوياً، والعدد نفسه بالنسبة إلى المواطنين الروس الذين يزورون الصين". وقد عزّزت تدابير المراقبة عند منافذها الحدودية مع الصين، فيما تراوحت إجراءات الدول الأخرى ما بين تشديد الترصّد في المطارات وعند المعابر الحدودية وما بين إغلاق الحدود كلياً. وفي سياق متّصل، أعلن الاتحاد الآسيويّ لكرة القدم اليوم الأربعاء عن نقل مباريات تُنظَّم في إطار تصفيات أولمبياد طوكيو 2020 لكرة القدم النسائيّة كانت مقرّرة في فبراير/ شباط المقبل في مدينة ووهان، إلى مكان آخر في شرق الصين.
وفي الولايات المتحدة الأميركيّة، أكّد المركز الأميركيّ لمكافحة الأمراض والوقاية منها إصابة مواطن بفيروس كورونا الجديد. الرجل الأميركيّ الذي لم يُكشف عن هويّته، والبالغ من العمر 30 عاماً، عاد من ووهان من دون أن يخضع إلى أيّ فحص عند وصوله في 15 يناير/ كانون الثاني الجاري، لأنّ إجراءات الفحص لم تكن قد اتّخذت بعد في المطارات الأميركيّة. وهو اليوم في العزل في مركز طبيّ في مدينة إيفيريت بولاية واشنطن.
عدوى بين البشر
في مستجدّات يعدّها المعنيّون خطرة، وبعدما كان انتقال الفيروس محصوراً من الحيوان إلى الإنسان، كشف الخبير الصحيّ شونغ نانشان الذي عيّنته هيئة الصحة الوطنيّة الصينيّة على رأس فريق لمتابعة القضيّة، أنّ السلالة الجديدة من فيروس كورونا تنتقل بين البشر وليس من الحيوانات إلى البشر فقط، مثلما كان معلناً في السابق، الأمر الذي يثير مخاوف أكبر لا سيّما أنّها قد تؤدّي إلى الوفاة. ويؤكّد أنّ القلق كبير، خصوصاً مع استعداد البلاد للاحتفال برأس السنة القمريّة، فيما يتعرّض موظفو الرعاية الصحيّة الذين يعملون مع المصابين لخطر العدوى كذلك.
وتُعرّف منظمة الصحة العالميّة فيروسات كورونا أو الفيروسات التاجيّة بأنّها "مجموعة كبيرة تسبّب أمراضاً قد تكون مجرّد نزلة برد شائعة أو أمراض أكثر حدّة، ولعلّ أكثرها شهرة متلازمة الالتهاب التنفسيّ الحاد (سارس). وقد تمّ التعرّف للمرّة الأولى إلى فيروس كورونا البشريّ في ستينيّات القرن الماضي، من خلال عيّنات أخذت من أنوف أشخاص مصابين بنزلات برد. والفيروس الذي ينتقل أساساً من ملامسة الإنسان للحيوانات، يظنّ الخبراء أنّه بدأ في القطط، بحسب المنظمة.
صحيح أنّ الأبحاث المتوفّرة حول كيفيّة انتقال فيروس كورونا البشريّ من شخص إلى آخر قليلة جداً، إلا أنّ ذلك يحصل بحسب المتعارف عليه من خلال إفرازات الجهاز التنفسيّ، إمّا عبر السعال أو العطس من دون تغطية الفم والأنف، وإمّا ملامسة شخص مصاب أو مصافحته، وإمّا ملامسة سطح أو غرض ملوّثين بالفيروس ومن ثمّ لمس الأنف أو الفم أو العين، وإمّا الاحتكاك ببراز ملوّث وذلك في حالات نادرة. وفي ما خصّ الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، نجد المصابين بأمراض قلبيّة ورئويّة، وأصحاب المناعة الضعيفة، والرضّع، وكبار السنّ.
لا لقاح ولا علاج
ولأنّ أيّ لقاح لا يتوفّر من أجل تحصين الأشخاص في وجه هذا الفيروس، تبقى الوقاية الحلّ الأفضل، من خلال إجراءات هي نفسها التي تُتّخذ لتفادي الإصابة بنزلة برد، من قبيل غسل اليدَين جيّداً بالماء والصابون، واستخدام معقّم لليدَين، وإبعاد اليدَين والأصابع عن العينَين والأنف والفم، وتجنّب الاتصال الجسديّ بالأشخاص المصابين، والبقاء في المنزل (في حال الإصابة أو الاشتباه فيها) وتجنّب التواصل عن قرب مع آخرين، وتغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال، والتخلّص من المناديل المستخدمة في هاتين الحالتَين والحفاظ على النظافة الشخصيّة. من جهة أخرى، لا يتوفّر علاج محدّد لعدوى فيروس كورونا وأعراضه تتلاشى بشكل تلقائيّ في الحالات الأقلّ حدّة. لكن من الممكن اتّباع بعض الطرق لتسريع الشفاء، ومنها الحصول على قسط كافٍ من الراحة، والإكثار من شرب السوائل، واستخدام المسكّنات التي تُباع من دون وصفة طبيّة لعلاج آلام الحلق وارتفاع درجة الحرارة مع تفادي إعطاء الأسبرين لمن هم دون 18 عاماً، واستخدام أجهزة مرطّبة للأجواء، وأخذ حمّامات مياه ساخنة.
تجدر الإشارة إلى أنّ أعراض فيروس كورونا تبدأ بالظهور بعد مدّة تتراوح ما بين يومَين وأربعة أيام من الإصابة به، وهي أشبه بأعراض نزلة برد في الجهاز التنفسيّ العلويّ تشمل سيلان الأنف، والصداع، والسعال، وألماً في الحلق، وارتفاع درجة حرارة الجسم، والشعور بحالة من الانزعاج العام. كذلك، قد يسبّب فيروس كورونا أحياناً أمراضاً في الجهاز التنفسيّ السفليّ، من قبيل الإصابة بالتهاب القصبات الهوائيّة وذات الرئة.
استعادة لمتلازمة سارس
ما يحصل اليوم يعيد إلى الأذهان تجربة مشابهة في عامَي 2002 و2003، عندما ظهرت متلازمة الالتهاب التنفسيّ الحاد (سارس) في الصين، للمرّة الأولى، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، قبل أن تتفشّى في آسيا والعالم وتصيب 8439 شخصاً وتودي بحياة 809 مصابين، منهم 349 في الصين. وتُعَدّ متلازمة الالتهاب التنفسيّ الحاد مرضاً تنفسياً معدياً ومميتاً في بعض الأحيان، نقله في ذلك الحين مسافرون إلى مختلف أنحاء العالم لم يكونوا مدركين إصابتهم.
يُذكر أنّ منظمة الصحة العالميّة كانت قد أصدرت في 12 مارس/ آذار من عام 2003 إنذاراً حول "ظهور مرض معدٍ مستجدّ يتّسم بحمّى والتهاب رئوي غير نمطيّ". ويبدو القلق اليوم كبيراً، لأنّ التجربة السابقة تؤكّد إمكانيّة انتشار العدوى سريعاً في عالم مترابط وسريع الحركة. لكنّ التعاون الدوليّ بين خبراء الصحة وتضافر جهودهم أدّيا في المقابل إلى احتواء المرض.