الذكاء الاصطناعي والحروب... "ثقب عسكري أسود يفكّر بغموض"

12 ابريل 2024
الذكاء الاصطناعي والحروب.. ثقب عسكري أسود يفكّر في غموض
+ الخط -
اظهر الملخص
- الذكاء الاصطناعي يزيد من سرعة اتخاذ القرارات في الحروب لكن يثير مخاوف أخلاقية، خاصةً بعد استخدام إسرائيل له في تحديد أهداف في غزة وسقوط ضحايا مدنيين.
- تطوير الصين لأسراب المسيرات واستخدام الذكاء الاصطناعي في اقتراح استراتيجيات الرد على الهجمات يعكس التطور السريع لهذه التكنولوجيا في المجال العسكري.
- الذكاء الاصطناعي يعقد النقاش حول السيطرة البشرية على القرارات العسكرية ويعتبر "ثقبًا أسود" في فهم كيفية توصله إلى نتائجه، مما يضع ضغوطًا على المشغلين البشريين.

يفاقم الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في الحروب المخاوف من خطر التصعيد ودور البشر في اتخاذ القرارات. وأثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على اختصار الوقت، ولكنه ليس بالضرورة أكثر أماناً أو أخلاقية. في هذا السياق، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بأنه يشعر بـ"انزعاج عميق" من تقارير إعلامية بشأن استخدام إسرائيل الذكاء الاصطناعي لتحديد أهداف في قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين.

وبمعزل عن برنامج "لافندر" الذي تناولته التقارير والنفي الإسرائيلي، في ما يلي لمحة عن التطورات التكنولوجية التي تغيّر وجه الحروب.

37 ألف فلسطيني

كما هو الحال بالنسبة لبرنامج "لافندر"، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي مفيداً، خصوصاً في تحديد الأهداف، عبر معالجة خوارزمياته فائقة السرعة كمياتٍ هائلة من البيانات للتعرّف إلى التهديدات المحتملة. لكن النتائج لا يمكن أن تكون قائمة سوى على الاحتمالات، إذ يحذّر الخبراء من أن الأخطاء لا يمكن تجنّبها. ويمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً أن يعمل على أساس تكتيكي. على سبيل المثال، سيكون بمقدور أسراب مسيّرات التواصل مع بعضها بعضاً، والتفاعل بناءً على أهداف محددة مسبقاً، وهو ما تعمل الصين على تطويره بسرعة. وعلى صعيد استراتيجي، سينتج الذكاء الاصطناعي نماذج لميادين المعارك، ويقترح كيفية الرد على الهجمات، لربما حتى عبر استخدام الأسلحة النووية.

في هذا السياق، يُشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي استخدم في عدوانه على قطاع غزة قاعدة بيانات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لم يُكشف عنها سابقاً، رصدت في إحدى المراحل 37 ألف فلسطيني من غزة. وتحدّث ستة ضباط مخابرات، جميعهم شاركوا في استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف في غزة واستهداف الضحايا، في تقرير نشرته مجلة +972 وموقع لوكال كول العبري.

وبالإضافة إلى الحديث عن استخدام نظام الذكاء الاصطناعي المسمى "لافندر"، كشفت مصادر المخابرات أن المسؤولين العسكريين في إسرائيل سمحوا بقتل أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين، خصوصاً خلال الأسابيع والأشهر الأولى من العدوان الإسرائيلي على غزة.

التفكير أسرع

يقول ألكسندر أكورسي من مجموعة الأزمات الدولية: "تخيل نزاعاً شاملاً بين بلدين والذكاء الاصطناعي يبتكر استراتيجيات وخططاً عسكرية، ويتعامل أحياناً مع وضعيات حقيقية". ويضيف: "ينخفض الوقت الذي تتطلبه ردة الفعل. ما يمكن للبشر بأن يقوموا به خلال ساعة، يمكن (للذكاء الاصطناعي) إنجازه في ثوان". يمكن لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي للدفاع الجوي أن يرصد وصول مقذوف ويحدد طبيعته ووجهته والأضرار المحتملة الناجمة عنه.

توضح لور دو روسي-روشغوند من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أن "أمام المشغّل دقيقة لاتّخاذ قرار بشأن إن كان عليه تدمير صاروخ أم لا". وتضيف: "يكون عادة مجنّداً شاباً في العشرين من عمره، وغير مطلع بما فيه الكفاية على قوانين الحرب. ويمكن التشكيك في مدى سيطرته" على الوضع.

ثغرة أخلاقية

في ظل سباق التسلح والغموض المعهود للحرب، لربما ينتقل الذكاء الاصطناعي إلى ميادين المعارك، في ظل عدم إدراك كامل لدى جزء كبير من الناس لعواقبه المحتملة. تقول دو روسي-روشغوند إن البشر "يتّخذون قرارات بناء على توصيات الآلة، لكن من دون معرفة الحقائق التي اعتمدت عليها الآلة". وتتابع: "حتى وإن كان من يضغط على الزر إنساناً، فإن نقص المعرفة، إلى جانب السرعة، يعني أن سيطرته على القرار ضعيفة".

تؤكد أولريكه فرانك من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، أن الذكاء الاصطناعي "ثقب أسود. لا نفهم بالضرورة ما يعرفه ويفكر فيه، أو كيف يتوصل إلى هذه النتائج". تضيف: "لماذا يقترح الذكاء الاصطناعي هدفاً ما؟ لماذا يقدّم لي معلومات استخباراتية معيّنة؟ إذا سمحنا له بالسيطرة على سلاح، فإن ذلك يطرح سؤالاً أخلاقياً حقيقياً".

أوكرانيا مختبر

استخدمت الولايات المتحدة خوارزميات، مثلاً، في الضربات الأخيرة التي استهدفت الحوثيين في اليمن. لكن "التغيير الحقيقي لقواعد اللعبة الآن هو أن أوكرانيا باتت مختبراً للاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي".

منذ غزت روسيا أوكرانيا في 2022، بدأ الفرقاء بـ"تطوير وطرح حلول بواسطة الذكاء الاصطناعي لمهام مثل الاستطلاع الجغرافي المكاني والعمليات باستخدام أنظمة ذاتية التشغيل والتدريب العسكري والحرب الإلكترونية"، وفق فيتالي غونشاروك من مرصد الذكاء الاصطناعي الدفاعي في جامعة هلموت شميت في هامبورغ. يقول غونشاروك: "نتيجة ذلك، أصبحت الحرب في أوكرانيا أول نزاع يتنافس فيه الطرفان باستخدام الذكاء الاصطناعي، والذي بات عاملاً حاسماً للنجاح".

التفوق على الخصم

لعل "ذي ترمينايتور"، الروبوت القاتل الذي يفقد البشر السيطرة عليه، مجرّد قصة خيالية اخترعتها هوليوود، إلا أن الحسابات التي تجريها الآلة بكل برود تعكس واقع الذكاء الاصطناعي الحديث الذي يفتقر إلى غريزة البقاء والتشكيك. نشر باحثون من أربعة معاهد وجامعات أميركية دراسة، في يناير/كانون الثاني الماضي، عن خمسة نماذج لغوية كبيرة (وهو نظام يشبه البرمجيات التوليدية في تشات جي بي تي) في حالات النزاع. وتشير الدراسة إلى اتّجاه "لتطوير دينامية سباق تسلح تؤدي إلى نزاعات أكبر وفي حالات نادرة، نشر أسلحة نووية". لكن القوى العالمية الكبرى تسعى إلى ضمان انتصارها في سباق الذكاء الاصطناعي المستخدم عسكرياً، ما يعقّد جهود تنظيم القطاع.

(فرانس برس، العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
جهود إنقاذ بأدوات بدائية في شمالي غزة (عمر القطاع/فرانس برس)

مجتمع

تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في محافظة شمال غزة مخلفة مئات الشهداء والمصابين، فضلاً عن تدمير عشرات المنازل، وإجبار الآلاف على النزوح.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
فرق الدفاع المدني في غزة/2 أكتوبر 2024(الأناضول)

مجتمع

أعلن جهاز الدفاع المدني في غزة، مساء الأربعاء، توقف عمله بالكامل في محافظة شمال القطاع، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني هناك بات كارثياً.
الصورة
واجهة زجاجية مهشمة في إحدى غرف مستشفى بيروت الحكومي (حسين بيضون)

مجتمع

تواجه المستشفيات في لبنان تهديدات إسرائيلية تذكر اللبنانيين بما شهدوه في قطاع غزة على الشاشات، ويسعى المعنيون إلى مناشدة المسؤولين الدوليين لتحييدها
المساهمون