تركيا تحشد الحلفاء لدعم الليرة... وترفض مد يدها لصندوق النقد

20 اغسطس 2018
الاقتصاد التركي يسعى لجذب مزيد من رؤوس الأموال(فرانس برس)
+ الخط -
أصرّت تركيا على رفضها اللجوء إلى صندوق النقد الدولي من أجل وقف نزيف عملتها، وتوجهت نحو حلفائها لجذب مزيد من الاستثمارات للبلاد. وتراجع سعر صرف العملة التركية في شركات الصرافة، أمس الأحد، إلى 6.031 ليرات مقابل الدولار ونحو 9.925 ليرات لليورو، بعد المكاسب التي حققتها خلال الأيام السابقة، بفعل الإجراءات الحكومية وقرارات البنك المركزي وإعلان دولة قطر عن ضخ استثمارات ضخمة في قطاعات المصارف والطاقة والزراعة، لترتفع، الجمعة، إلى أقل من 6 ليرات للدولار، قبل أن تتراجع مجدّداً.
ويقول المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو، إن تذبذب سعر الصرف جاء بسبب تخفيض التصنيف الائتماني من وكالتي "موديز" و"ستاندر آند بورز"، أول من أمس، رغم عدم حدوث أي جديد على صعيد الاقتصاد التركي، بل على العكس، جميع المؤشرات مستمرة في التطور لصالح العملة.
ويكشف أوغلو، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ثمة حزمة قرارات تركية وصفها بالمهمة، ستعلن قريباً، من شأنها أن تجذب رؤوس الأموال، خاصة الخليجية، وربما ما أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قناة إسطنبول، سيكون الحدث الأهم الذي يجذب مئات المليارات ويؤسس لشراكات تركية خارجية. كما سيتم الإعلان عن مشروعات بنظام "بي أو تي" ستزيد الثقة في الاستثمار التركي وتجذب سيولة كبيرة للبلاد من دول الخليج وغيرها، حسب أوغلو.




ويرتقب أن تضخ قطر استثمارات بقيمة 15 مليار دولار، المعلن عنها الأربعاء الماضي، عبر الأسواق المالية وبنوك في تركيا، ما يساهم في دعم الليرة التركية.
وكان أردوغان قد أعلن أن بلاده تعمل بنشاط لحفر قناة إسطنبول، والتي ستكون، وفقا لخطة السلطات التركية، بديلا عن مضيق البوسفور. وقال أردوغان، في مؤتمر لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم في أنقرة، أول من أمس، إن "طول القناة المائية الجديدة سيبلغ 43 كيلومترا، وسيتم بناء مدينتين جديدتين على جانبي القناة، وهو أكبر مشروع في تاريخ تركيا، وهو ذو أهمية استراتيجية للبلاد".
ويرى محللو مال أن العطلة التي ستمتد لنحو تسعة أيام في تركيا ستتيح الفرصة لاستقرار سعر الليرة، رغم الاستهداف والضغط الأميركي، خاصة أن الهجمة، كما يقولون، على الليرة مستمرة، وبطرائق متعددة، كان آخرها تخفيض التصنيف الائتماني السيادي لتركيا، وتخفيض التصنيف الائتماني طويل الأمد للعملة المحلية.
ويقول أستاذ المصارف في جامعة ماردين التركية، مسلم طالاس: تخفيض التصنيف الائتماني مؤشر سيئ وسيكون له أثر سلبي، ولكن لا يتوقف عليه وضع الليرة، لأنه نتيجة وليس سببا، إذ يبنى التصنيف على مؤشرات اقتصادية والوضع السياسي، ولذلك سيؤثر على سعر الصرف من بعيد، لأنه يقلل ثقة المستثمرين، وربما يساهم في خروج بعض الأموال الساخنة والاستثمارات الصغيرة.
ويقول أستاذ المصارف: من الضروري أن تبحث أنقرة عن بدائل ودعم حلفائها، ولكن لا أعتقد أن الصين ذات الاقتصاد الناشئ والحريصة ربما على عدم مواجهة واشنطن الآن، ستدعم الاقتصاد التركي، كما لا يمكن لروسيا ذات الاقتصاد الضعيف أن تسد وحدها احتياجات السوق المالية التركية، من استثمارات وسيولة، مشدّدا على أن كلتا الدولتين مع الخليج الذي يمتاز باستثمارات مالية ولديه سيولة كبيرة، يمكن أن يزيد من منعة الاقتصاد التركي ويقلل من أثر العقوبات ويحافظ على سعر صرف الليرة.
ويلفت طالاس إلى أن ملامح الاستهداف واضحة على تركيا، إذ من واجب الاقتصادات الكبرى أن تمد يد المساعدة، كما حدث في أزمة النمور الآسيوية، لا أن تزيد من المحاصرة والعقوبات وتشغّل آلتها الإعلامية للإساءة لاقتصاد البلاد، مقترحاً ابتعاد الساسة الأتراك قدر المستطاع عن الأسواق والكلام عن النقد، لأن زيادة تدخّل الساسة قد يزيد مخاوف الأسواق.
وحول مدى استثمار المضاربين عطلة عيد الأضحى الممتدة تسعة أيام في تركيا، يضيف طالاس: غدا الأسواق العالمية ستفتح، ومن المتوقع، بواقع استمرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وعيده بمزيد من العقوبات، أن تشهد الليرة بعض التراجع، ولكن على المستوى المحلي لا توجد عطلة بواقع الأزمة، إذ يمكن للحكومة أن تتدخل وعبر طرائق كثيرة خلال هذه الفترة إن رأت أن ثمة مضاربة أو خطرا على عملتها الوطنية.




ويتابع: كما أعتقد أن العطلة ستمنح تركيا مزيدا من التقاط الأنفاس والعمل على بدائل عدة، كحشد تأييد إضافي، والبحث عن استثمارات مالية، كما تم الإعلان عن ذهاب وزير الخزانة والمالية، براءت ألبيرق، إلى بعض دول الخليج العربي، لأن قرار عدم الاستدانة من صندوق النقد الدولي قرار تركي ثابت، خلال هذه الفترة على الأقل، لتبتعد أنقرة عن شروط ومتاهات شروط الصندوق، حسب طالالس.
وكانت مجلة "دير شبيغل" الألمانية قد كشفت، أمس، أن وزير المالية التركي أخبر نظيره الألماني أولاف شولتس، عزمه القيام بجولة خليجية، الأسبوع المقبل، بهدف الحصول على استثمارات في تركيا، مما يعزز قدرة أنقرة على مواجهة الحرب الاقتصادية التي تتعرض لها.
ووفقا لتقرير المجلة، فقد حث شولتس نظيره التركي على قبول مساعدات صندوق النقد الدولي، لتجاوز أزمة تراجع الليرة التركية.
وحسب تقرير "دير شبيغل"، فقد أعرب ألبيرق عن أمله في أن تكون روسيا مستعدة أيضاً لتقديم مساعدات مالية لتركيا.
وذكرت المجلة الألمانية أن صندوق النقد الدولي يطالب برفع قوي في سعر الفائدة لوقف نزيف الليرة، وأن هذا الموضوع تطرق إليه شولتس خلال محادثاته الهاتفية مع ألبيرق، الخميس الماضي.
ويطالب صندوق النقد الدولي حالياً برفع قوي لسعر الفائدة في تركيا، لوقف نزيف الليرة وتحقيق الاستقرار للعملة التركية.
ويقدر خبراء الصندوق حجم برنامج المساعدات الذي تحتاجه تركيا بما يتراوح بين 30 و70 مليار دولار.
وبحلول نهاية هذا العام، سيتعين على الدولة والدائنين من القطاع الخاص في تركيا، إعادة جدولة التزامات مالية تزيد على ربع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وبموازاة ذلك، وفيما يتعلق بتحرك تركيا الخارجي لإيجاد دعم من حلفائها، بحث وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أول من أمس، مع نظيره الصيني وانغ يي، الحرب الاقتصادية التي تتعرض لها تركيا من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
وأكد الوزير الصيني، خلال اتصال مع نظيره التركي، دعم بلاده لجهود تركيا في حماية أمنها القومي، والاقتصادي، واستقرارها، وتنميتها الاجتماعية.
وأضاف وانغ يي، أن بلاده تدعم العلاقات الاستراتيجية بين الصين وتركيا، وكذلك على استعداد لدعم الاقتصاد التركي الذي يشهد حالة من النمو.
كما اتفق وزير الخزانة والمالية التركي مع نظيره الفرنسي برونو لومير، على التعاون والتحرك المشترك في مواجهة الحرب الاقتصادية على تركيا. وأوضحت وزارة الخزانة والمالية، في بيان نشرته أول من أمس، أن الوزيرين بحثا التعاون الاقتصادي بين البلدين، والعقوبات الأميركية على تركيا.
المساهمون