اليوان الصيني أنقذ تجارة روسيا بعد فرض العقوبات الغربية.. ولكن إلى متى؟

18 يوليو 2024
اليوان الصيني يكتسب أرضية في المعاملات الدولية - 8 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تحديات التجارة الروسية في ظل العقوبات الغربية**: العقوبات الغربية دفعت روسيا للاعتماد على اليوان الصيني، لكنها تواجه صعوبات في التجارة مع الصين بسبب تجميد أو تأخير المدفوعات.

- **تأثير العقوبات الثانوية والضغوط الأمريكية**: العقوبات الأمريكية شددت القيود على التحويلات المالية بين البنوك الروسية والصينية، مما أدى إلى نقص السيولة ودفع روسيا للبحث عن بدائل مثل العملات المشفرة.

- **التجارة الروسية-الصينية في أرقام**: ارتفع حجم التجارة بين روسيا والصين بأكثر من 60% ليصل إلى 240 مليار دولار في 2023، لكن روسيا تواجه صعوبات في تحصيل قيمة المعاملات باليوان.

ألقت العقوبات الغربية بروسيا خارج النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار وتحكمه أنظمة الدفع وأدوات الاستثمار الغربية، إلا أن المؤشرات الحالية تشير إلى أن تجارة روسيا تمكنت من الصمود في زمن الحرب بفضل اليوان الصيني وبعض العملات الأخرى، على الرغم من تزايد المخاوف الروسية مؤخراً من تعطل هذا الشريان في وقت قريب.

وفي تقرير حديث، قالت بلومبيرغ أمس الأربعاء إن الخط التجاري مع الصين يبدو في طريقه إلى الإغلاق، وأشارت إلى أنه من غير الواضح مدى اتساع هذه المشكلة، مع تزايد الضغوط الغربية على مختلف البلدان للالتزام بالعقوبات المفروضة والابتعاد عن روسيا. وقال العديد من مصدري السلع الأساسية الروس لبلومبيرغ إن التجارة مع الصين أصبحت صعبة بشكل متزايد، حيث يتم تجميد أو تأخير المدفوعات المباشرة التي تتم من خلال اليوان. وقالوا لوسائل الإعلام إن هذا هو الحال مع العملاء الصينيين الذين يشترون المنتجات الروسية.

وشددت الولايات المتحدة العقوبات على روسيا في يونيو/حزيران، ولكن كانت هناك بالفعل مشاكل قبل هذه الجولة من القيود، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام السابقة. وفي يونيو/حزيران الماضي، بدأ أحد البنوك الصينية الكبرى في تقييد التحويلات بين العملاء الروس والمقرضين في الغرب. وقبلها بفترة، توقفت بعض البنوك الحكومية الصينية عن قبول المدفوعات من المؤسسات المالية الروسية الخاضعة للعقوبات بسبب مخاوف من التعرض للعقوبات الأميركية.

وتواجه البلدان التي تواصل التعامل مع روسيا ضغوطاً أميركية متزايدة، وخاصة من خلال التهديد بفرض عقوبات ثانوية. وثبت أن هذا يشكل عائقًا فعالاً أمام زيادة استخدام اليوان في البلاد، حيث يتسبب في خنق التجارة الثنائية والمدفوعات. وقال أليكس إيساكوف، الاقتصادي الروسي في "بلومبيرغ إيكونوميكس": "قد تكون موسكو أكثر حرصًا على اعتماد اليوان من البنوك الصينية التي ترغب في التعامل معها، حيث إن تهديدات العقوبات الثانوية الأميركية تخيف البنوك". وقال إن السوق تشير إلى نقص اليوان في روسيا، فضلا عن صعوبة توفير السيولة بين البنوك الصينية.

وفي غضون عامين، تفوقت روسيا على ألمانيا وأستراليا وفيتنام من حيث حجم التجارة مع الصين، والذي ارتفع بأكثر من 60% إلى 240 مليار دولار في عام 2023، حسبما تظهر بيانات الجمارك الصينية. وتستفيد الصين من شراء النفط الروسي وغيره من السلع الأساسية بسعر مخفض، بينما تتمكن روسيا من الوصول إلى مجموعة واسعة من المنتجات الاستهلاكية ومنتجات التكنولوجيا الفائقة. ونتيجة لذلك، أصبحت الصين الشريك التجاري الرئيسي لروسيا، ويمثل اليوان الآن نحو 40% من مدفوعات التصدير والاستيراد الروسية وأكثر من نصف حجم التداول في سوق العملات الأجنبية في روسيا. ويعد حجم التحول الذي حدث للاقتصاد الروسي باتجاه اليوان أكثر دراماتيكية بالنظر إلى أنه بدأ من الصفر تقريبًا في بداية عام 2022، قبل غزو روسيا لأوكرانيا.

وفي تقرير نُشر الأسبوع الماضي حول مخاطر الأسواق المالية، كشف بنك روسيا أنه اضطر إلى مضاعفة عرضه للسيولة من اليوان في إطار عمليات المبادلة، حيث أدى ارتفاع الطلب، بعد انتهاء مقايضات الدولار واليورو، إلى ارتفاع أسعار الفائدة إلى 31%. وساعد ذلك على خفض أسعار الفائدة إلى 5%-7% مقابل 0%-5% قبل فرض العقوبات، وفقًا للتقرير.

ويبدو أن المشكلة آخذة في الاتساع، حيث إن بعض المؤسسات المالية الصينية الأصغر حجمًا لا يقوم بتحويل اليوان إلى روسيا، وفقًا لبلومبيرغ. وفي منتصف يونيو/حزيران، اعترف المحللون في سبيربنك، وهو أحد البنوك الروسية الكبرى، بوجود مشاكل في تحصيل قيمة المعاملات التجارية باليوان، وهو ما دفع الحكومة الروسية والبنك المركزي الروسي إلى استطلاع السبل المتاحة للتعامل من خلال شبكات دفع بديلة.

وسلط تقرير بلومبيرغ الضوء على الصعوبات التي تواجهها روسيا فيما يتعلق بمدفوعات اليوان، والذي أصبح مؤخراً أحد خياراتها القليلة المتاحة للتعامل بعملة دولية، في إشارة جديدة إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد المعزول، وسط العقوبات الغربية. ومنع الغرب بعض البنوك الروسية من استخدام نظام رسائل سويفت المستخدم على نطاق واسع للمدفوعات في وقت مبكر من الحرب، لكن روسيا وشركاءها التجاريين تمكنوا من تجنب العقوبات باستخدام بنوك أصغر أو طرق دفع أخرى.

وتبحث روسيا الآن في البنية التحتية البديلة للمدفوعات، والتي قال أحد كبار المصرفيين الروس إنها يجب أن تصبح "سرًا من أسرار الدولة" لأنه من المحتمل أن يعمل الغرب على إيقافها بسرعة كبيرة. وقالت وكالة رويترز إن هيئة مراقبة غسيل الأموال الروسية قالت يوم الأربعاء إن البلاد يجب أن تنشئ بنية تحتية لمدفوعات العملات المشفرة. وقال رئيس هيئة الرقابة، يوري تشيخانشين، بحسب وكالة الأنباء: "هي ضرورة للشركات، خاصة في الحالات التي تنطوي على آليات العقوبات، عندما تحتاج إلى دخول السوق الدولية، ولا يمكن حل تلك المشكلات دائمًا من خلال الأساليب المعتادة".

المساهمون