التنقيب عن الذهب في السودان: فوائد مالية ومخاطر صحية

03 اغسطس 2017
التنقيب عن الذهب مصدر رزق للسودانيين (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
تصاعدت المخاوف من مخاطر استخدام الزئبق في التنقيب عن التعدين على صحة السودانيين، وسط مطالبات بالبحث عن بدائل للحد من التداعيات السلبية والأضرار الصحية الناجمة عن هذه الظاهرة. ورغم التحذيرات المتكررة ما زال مئات آلاف المواطنين في السودان يندفعون لاستخدام هذه الطريقة للتكسب من ورائها في ظل تدهور الاقتصاد وتفاقم الأوضاع المعيشية.
ونبه رئيس اتحاد التعدين التقليدي، مبارك عباس، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى خطورة التنقيب العشوائي عن الذهب باستخدام الزئبق، كما كشف عن وجود معدنيين يستخدمون الزئبق في استخلاص الذهب داخل مياه نهر النيل.
وأقر عباس بانتشار كميات كبيرة من الزئبق دون رقابة مؤهلة علميا، كما أن الشركات التي تعمل في المخلفات "الكرتة" تفرز نفايات وأتربة ملوثة تجرفها السيول إلى داخل مياه نهر النيل.
وطالب بتشكيل لجان مشتركة تكون مسؤولة عن تصديقات التعدين في القطاع الأهلي تحدد من خلالها مساحات الحفر وضوابطه، وقال إن هناك مربعات ممنوحة للشركات لفترة تجاوزت الثماني سنوات وهي غير منتجة مضيفاً، يجب ألا تتعامل الحكومة مع التعدين الأهلي على أنه مورد لها فقط.
ورغم تلك التحذيرات يتدفق السودانيون على التنقيب غير مبالين بما يحدث، وحسب تقارير وزارة المعادن السودانية يعمل نحو مليون شخص إلى جانب 5 ملايين آخرين في مهن مصاحبة للتعدين في أكثر من 266 موقعا.

واستطاع التعدين التقليدي تقليل حدة الفقر لدى بعض المناطق، وأيضا حد من هجرة الريف إلى المدينة وساهم في زيادة الصادرات رغم أنها بصورة غير رسمية.
وفي هذا السياق، أكد عضو اتحاد التعدين الأهلي، بابكر عبد الوهاب، لـ"العربي الجديد" أن حياة الناس تغيرت من الناحية المادية، كما أن مجال التعدين ساهم في التقليل من نسبة العاطلين عن العمل.
وتشير المتابعات إلى أن هنالك ملايين المواطنين يتعاملون مباشرة مع الزئبق في المناجم لتنقية الذهب. وشهدت الفترة الأخيرة تزايد الشكاوى من قبل مواطني بعض الولايات التي يوجد بها تعدين تقليدي "الولاية الشمالية وشمال كردفان" من استخدام مادة الزئبق، وتفيد المتابعات بأن المعدنيين التقليديين يتعاملون بطريقة عشوائية مع الزئبق دون وجود رقابة وضوابط من جانب الجهات المختصة. وتسعى وزارة المعادن إلى إيقاف استخدام الزئبق بعد أن صادقت على اتفاقية "ميا ماتا" الخاصة بوقف استخدام الزئبق في التعدين التقليدي.
وحذر خبراء ومختصون في البيئة من الاستخدام العشوائي لمادة الزئبق في التعدين التقليدي، مشيرين إلى وجود مخاطر مؤكدة لهذه المادة على صحة الإنسان والبيئة معا. وكانت وزارة المعادن أعلنت استكمال عمل لجنة مختصة بحثت المخاطر الصحية والبيئية بمناطق التعدين التقليدي للذهب بولايات السودان.
وحسب دراسات وتقارير رسمية، فإن استخدام مادة الزئبق تهدد حياة الآلاف من عمال المعادن ويعرضهم للخطر عبر التأثيرات السلبية على الصحة العامة والتسبب في أمراض خطيرة.
وأكدت الوزارة التزامها بإيقاف استخدام مادة الزئبق في التعدين التقليدي بحلول عام 2020 التزاما ببيئة نظيفة، وتنفيذا لتوجيهات رئاسية بوضع برنامج زمني محدد للتخلص من استخدام الزئبق في التعدين التقليدي.
وكشفت الوزارة عن وجود 59 شركة تعمل في مجال مخلفات التعدين التقليدي بهدف التخلص من الزئبق، وأكدت سعيها إلى الاستخدام الآمن لمادة السيانيد أيضاً، واتباع وسائل السلامة والتقيد بالاشتراطات البيئية وفقا للشروط المرجعية في عملية استخلاص المعادن، والالتزام بالأساليب العلمية المتفق عليها عالميا في استخدام المواد الكيميائية.
ووقعت الوزارة اتفاقيات مع روسيا وألمانيا لإيجاد بدائل لمادة الزئبق لاستخدامها في عمليات التنقيب، وصولا لمرحلة الحظر الذي يتوافق مع الاتفاقيات الدولية التي تحظر استخدام الزئبق بحلول العام 2020.
وسعت الحكومة في الفترة الماضية إلى جذب شركات للتخلص من الزئبق من خلال إيجاد بدائل والحد من استخدامه في عمليات التعدين التقليدي. وبدأت بعض الشركات التركية في تجربة استخلاص الذهب باستخدام الماء دون إضافة مواد كيميائية. وزارة المعادن أكدت أنها في انتظار نتائج التجارب والتقارير الفنية توطئة لبدء التشغيل التجريبي.
وكيل وزارة البيئة والتنمية العمرانية عمر عبد القادر، وصف الزئبق بأنه عدو الصحة الأول على مستوى البيئة والأرض والإنسان والحيوان والمياه والأسماك، مؤكداً تعاون وزارته مع كافة الجهات للقضاء على المادة السامة والمدمرة وتوفير بدائل آمنة.
وطالب رئيس اللجنة الفرعية للتعدين بالبرلمان السوداني، صبري خليفة، بإيقاف التعدين بالزئبق، وقال لـ "العربي الجديد" إن الزئبق أخطر من "السيانيد" في عمليات التعدين، ولكنه يرى أهمية تفعيل التمويل التعديني من قبل البنوك السودانية لتوجيهات وزارة المعادن بتوفير تمويل يمتد لخمس سنوات.
رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك نصر الدين شلقامي، ناشد وزارة المعادن بوضع ضوابط لاستخدام الزئبق خاصة وأنه يباع علنا في الأسواق دون محاذير، وقال لـ"العربي الجديد" الأمر يحتاج إلى تقنين والبحث عن بدائل.
ووفقا لآخر إحصائية لوزارة المعادن أكدت أنها حققت إيرادات بلغت 1.4 مليار دولار من مجمل الإنتاج البالغ 93.4 طنا، خلال العام الأخير، ولكنها تقول إن التعدين التقليدي يسيطر على الإنتاج بنسبة كبيرة.
المساهمون