بورصة إيران تهوي 16 ألف نقطة والريال يتراجع بعد اغتيال سليماني

04 يناير 2020
غمر لون الهبوط الأحمر شاشة التداول(فرانس برس)
+ الخط -

 فتحت الأسواق الإيرانية، أبوابها، السبت، تحت تأثير الأجواء المشحونة في المنطقة بين إيران والولايات المتحدة، وسط مخاوف من احتمال اندلاع حرب على خلفية اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، فجر الجمعة، في بغداد بغارة أميركية.

وكانت البورصة الإيرانية، أول سوق، تفاعلت سريعاً مع الأزمة، حيث لم تمر سوى 5 دقائق على افتتاح الجلسة، حتى غمر لون الهبوط الأحمر شاشة التداول بعد أن تكبدت الأسهم خسائر كبيرة لينخفض مؤشرها بنحو 3 في المائة خاسراً أكثر 12.6 ألف نقطة، بينما واصلت تراجعها حتى انتهاء التداولات، فاقدة نحو 16.7 ألف نقطة.


وأرجع خبراء في سوق المال، تراجع الأسهم إلى "السلوك المنفعل" للمستثمرين، الذين سيطرت عليهم مخاوف تصاعد التوتر في المنطقة إثر اغتيال سليماني.

ولم تكن البورصة الوحيدة في السوق الإيرانية، التي تأثرت سلباً باغتيال سليماني، بل سوق العملات في طهران أيضاً شهدت تقلبات في الأسعار، حيث ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازية إلى 136 ألف ريال، بزيادة 4 آلاف ريال، مقارنة بالخميس الماضي. ويطرح البنك المركزي الإيراني، العملة الأميركية عند 42 ألف ريال لتغطية واردات السلع الأساسية، و80 ألف ريال لتوريد البضائع غير الأساسية.

وفي حال استمرار تراجع قيمة الريال خلال الأيام القادمة، من المتوقع أن ينعكس ذلك في زيادة أسعار السلع والخدمات، في وقت، يعاني فيه المواطن الإيراني، من تداعيات العقوبات "الشاملة"، التي فرضتها واشنطن بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في الثامن من مايو/أيار 2018.

واستهدفت العقوبات حتى اللحظة كافة مفاصل الاقتصاد الإيراني، وفي مقدمتها الصادرات النفطية، التي حظرتها الإدارة الأميركية بشكل كامل اعتباراً من الثاني من مايو/ أيار 2019. فقد قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في أغسطس/آب الماضي، إن الولايات المتحدة أزالت نحو 2.7 مليون برميل من النفط الإيراني من الأسواق العالمية، إلا أن السلطات الإيرانية تؤكد أن واشنطن فشلت في تصفير صادراتها النفطية رغم تأثرها الكبير بالعقوبات.

بالإضافة إلى استهداف صادرات النفط، طاولت العقوبات الأميركية صادرات البتروكيماويات وغيرها من القطاعات الحيوية، ما أدخل الريال الإيراني في مسار تراجعي مستمر، حيث فقد خلال العامين الأخيرين نحو 150 في المائة من قيمته، الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل كبير، وقلل القوة الشرائية للمواطنين.

ومع تصاعد سعر صرف الدولار في السوق الموازية، تعهد عبد الناصر همتي، محافظ البنك المركزي الإيراني في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بإعادة الاستقرار إلى سوق الصرف، لكنه قال إن البنك "لن يتعامل على نحو انفعالي في ما يخص العملة الأجنبية".

وتواجه إيران ضغوطاً اقتصادية كبيرة. وقدم الرئيس الإيراني حسن روحاني، مشروع ميزانية العام الإيراني القادم، الذي يبدأ في 21 مارس/آذار 2020، إلى مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، الشهر الماضي، واصفاً إياها بـ "میزانیة الصمود ومواجهة العقوبات".

وتأتي الموازنة الجديدة وسط أزمات اقتصادية ومعيشية في ظل الحظر الأميركي، ما دفع الحكومة إلى البحث عن موارد أخرى لتقليص تداعيات الحظر، منها زيادة العائدات الضريبية والاقتراض. وبحسب بيانات أوردتها وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "ارنا" في ديسمبر/كانون الأول الماضي ، فإن حجم الموازنة العامة يبلغ 134.2 مليار دولار وفق السعر الرسمي.

ونقل الموقع الإخباري لوزارة النفط، عن مدير هيئة التخطيط والميزانية محمد باقر نوبخت، قوله الشهر الماضي، إن الحكومة وضعت الموازنة على أساس توقعات لبيع مليون برميل يومياً من النفط بسعر 50 دولاراً للبرميل.

لكن بيانات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية والشحن البحري، وفق وكالة رويترز، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أظهرت أن طهران لم تعد قادرة على تصدير سوى 200 ألف برميل يومياً، مقارنة بنحو 2.3 مليون قبل انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018 وإعادة فرض العقوبات عليها، لكن طهران قالت إن لديها طرقاً بديلة للتصدير.

ويرى محللون أن الولايات المتحدة تسعى إلى تقويض نفوذ إيران في بعض الدول المجاورة لاسيما العراق من أجل تشديد الخناق الاقتصادي عليها. وقال اسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني، في كلمة خلال منتدى بالعاصمة طهران الشهر الماضي، وفق وكالة "ارنا" إن حجم التجارة الإيرانية بلغ أكثر من 100 مليار دولار هذا العام، رغم الظروف السيئة التي خلقها الحظر الاقتصادي، الذي تفرضه الولايات المتحدة.

وأضاف جهانغيري: "رغم الصدمة النفسية التي تلقاها الاقتصاد الإيراني، إلا أنه لا يزال صامداً، غير أن هذا لا يعني أنه بأفضل حال"، منوهاً إلى أن الأميركيين كانوا يتوقعون أن نواجه شحاً بالسلع في العام الماضي، غير أن إيران تتمتع بثروات ومنها موقعها الجغرافي ومجاورتها لـ 15 بلداً.

 

المساهمون