استثمارات مذعورة في منطقة تعيسة

09 يناير 2020
التوترات الخليجية أشاعت المخاوف بين المستثمرين (فرانس برس)
+ الخط -


تهرب الاستثمارات الأجنبية، وقبلها المحلية، من منطقة الشرق الأوسط التي تشهد حروباً لا تتوقف، وتوترات وقلاقل أمنية متصاعدة، ومخاطر جيوسياسية متواصلة تصر بعض الأطراف الخارجية على إشعالها.

كما تشهد المنطقة أصوات مدافع وضربات طيران لا تفرق بين المدنيين والعسكريين، في حروب مفتوحة ترعاها بعض الأنظمة التي توجه سلاحها للداخل لقتل شعوبها أو شعوب جيرانها، وليس لعدوها المحتل أراضيها أو عدوها الذي يقف على حدودها ويتربص بها منتظراً الفرصة السانحة للانقضاض على أوطانهم.

وتسقط دعاوى الحكومات العربية ومزاعمها بتوافر مناخ آمن ومستقر للاستثمارات الأجنبية المباشرة في بلدانها أمام تحول المنطقة إلى ساحة حرب لا تقف عند أراضي اليمن وليبيا وسورية، بل تمتد لدول أخرى في المنطقة.

وتتهاوى خطط الحكومات العربية الخاصة بجذب الاستثمارات الخارجية وتنشيط الاقتصاديات الوطنية والحد من البطالة والفقر وتضخّم الأسعار أمام أي صاروخ يخرج من هنا أو هناك، صاروخ إيراني مثلاً يخرج ليضرب القوات الأميركية في العراق كما حدث فجر أمس الأربعاء.

كما تتهاوى هذه الخطط أمام تهديدات إيرانية "نارية" لضرب مصالح الولايات المتحدة رداً على مقتل قاسم سليماني وقبلها ضرب منشآت نفطية خليجية رداً على العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على قطاع النفط الإيراني، وتهديدات أميركية في المقابل.

وتتساقط دعاوى حكومية بالعمل على رؤى لعام 2030 عنوانها "التنوع الاقتصادي"، وعدم الاعتماد فقط على النفط، وزيادة الإيرادات العامة في المنطقة أمام صواريخ أو طائرات مسيرة مجهولة الهوية تضرب عمق القطاع النفطي السعودي وتهدد شركة أرامكو الدجاجة التي تبيض ذهباً للمملكة وتكبد السعودية خسائر بمليارات الدولارات.

لا حديث إذاً عن جذب استثمارات خارجية للمنطقة، في ظل تصاعد مناخ التوتر الذي بات غير مقتصر على منطقة الخليج واليمن والعراق، والخلاف الأميركي الإيراني، والخلاف الخليجي الإيراني، بل بات يمتد لمنطقة شرق البحر المتوسط في ظل حديث عن حرب محتملة بين دول المنطقة حول منابع النفط والغاز في المياه الإقليمية، واشتعال الحرب على الأراضي الليبية مع وصول قوات تركية إلى العاصمة طرابلس.

ولا حديث من الحكومات عن تنمية اقتصادية حقيقية داخل دول المنطقة، تنمية هدفها تحسين الوضع المعيشي للمواطن، وتوفير فرص عمل لملايين العاطلين، وفتح مصانع جديدة، وزيادة موارد النقد الأجنبي، خاصة من قطاعات مهمة مثل الاستثمارات الأجنبية والسياحة في ظل صوت الرصاص، كما يقول الإعلام الرسمي.

وبالتالي وفي ظل الظروف الحالية ستظل هذه منطقة تعيسة، خيراتها لغيرها وليست لأبنائها، وملياراتها واحتياطياتها من النقد الأجنبي التي تقترب من 2500 مليار دولار مودعة في البنوك الأميركية والأوروبية، ومستثمرة في عقارات وبورصات لندن وباريس وجنيف وزيورخ، ولا تستفيد شعوب وفقراء وشباب دول المنطقة من جبال الأموال تلك.

هذه منطقة ابتليت بحكام لا تهمهم مصالح شعوبهم، بل همهم الأول هو التمسك بكراسيهم وعروشهم وسيطرتهم على الحكم وتوريثه لأحفادهم حتى ولو جاء ذلك على حساب جثث ملايين الأطفال والنساء والفقراء واشتعال الفتن والحروب.
دلالات
المساهمون