تواجه مصانع الحديد في مصر، لا سيما الصغيرة، صعوبات في تصريف منتجاتها، في ظل الركود الذي يخيّم على الأسواق والمنافسة الكبيرة من الحديد السعودي، الذي فرض نفسه، بعد كبح السلطات المصرية الحضور التركي والأوكراني والصيني، بفرض رسوم إغراق على حديد التسليح (حديد البناء) المستورد من هذه الدول، نهاية العام الماضي 2017.
وأكد محمد حنفي، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية في اتحاد الصناعات، توقّف بعض الشركات المحلية عن إنتاج حديد التسليح، مع خفض شركات أخرى معدلات إنتاجها بنسبة تصل إلى 70%، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وركود الأسواق.
وقال حنفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الطاقة الإنتاجية القصوى لمصانع الحديد في مصر تصل إلى نحو 13 مليون طن سنوياً، بينما ما يتم إنتاجه فعليا يبلغ حوالى 7.2 ملايين طن سنوياً، وذلك نظرا لاحتياجات السوق في الوقت الراهن.
وأشار إلى أن الحديد المصري يواجه منافسة غير عادلة مع الحديد السعودي، موضحا أن "مصانع الحديد المصرية تحصل على الغاز الطبيعي اللازم للإنتاج مقابل 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية (وحدة المحاسبة السعرية)، بينما الأسعار عالميا تبلغ 3.4 دولارات، بالإضافة إلى ارتفاع الفائدة على القروض التمويلية والتي تصل إلى 22%، في حين أن سعر الغاز للصناعة في السعودية يبلغ نحو 1.2 دولار لكل مليون وحدة حرارية، وبقروض تمويلية ميسرة بفائدة تصل إلى 3% فقط".
ولفت إلى ضرورة خفض أسعار الغاز إلى مصانع الحديد في مصر، مؤكدا أنه في حال تقليل السعر إلى 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، سيؤدي إلى خفض سعر طن الحديد إلى نحو 11500 جنيه للطن (644 دولارا)، وبالتالي خروج الحديد السعودي من المنافسة.
ويبلغ سعر حديد عز، الذي يستحوذ على نحو نصف الإنتاج المحلي، حوالي 12450 جنيها للطن (697 دولارا)، فيما تراوحت أسعار الشركات الأخرى بين 12200 و12350 جنيها للطن.
وقال حسام عبد الحميد، المسؤول في إحدى شركات حديد التسليح، "في ظل وجود حالة ركود في الأسواق، من الطبيعي أن تلجأ الشركات إلى تقليل إنتاجها، وحتى لو وصلت تكلفة المنتج النهائي إلى البيع بسعر التكلفة أو أقل، فالشركات الكبرى لن تتوقف عن الإنتاج حفاظًا على سمعتها".
وقدرت بيانات غرفة الصناعات المعدنية حجم المال المستثمر في صناعة الحديد بحوالى 150 مليار جنيه (8.4 مليارات دولار)، موزعة على 28 مصنعا، تصل طاقتها الإنتاجية القصوى إلى 13 مليون طن سنويا، وتوفر 70 ألف وظيفة مباشرة و300 ألف غير مباشرة.
وتقدمت غرفة الصناعات المعدنية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمذكرة لجهاز مكافحة الإغراق التابع لوزارة الصناعة، لدراسة أوضاع سوق الحديد المصري مقارنة بالأسواق العالمية، وطالبت بضرورة اتخاذ إجراءات وقائية لحماية الصناعة المحلية، أسوة بدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا.
كما أجّلت لجنة الصناعة في مجلس النواب (البرلمان) برئاسة فرج عامر، في وقت سابق من نوفمبر/تشرين الأول الجاري، مناقشة فرض رسوم إغراق على الحديد المستورد، لحين حضور كبار مصنّعي الحديد في مصر.
ورغم شكاوى المنتجين من الحديد السعودي، نفى إبراهيم السجيني، رئيس قطاع المعالجات التجارية في وزارة التجارة والصناعة، عدم ورود شكاوى رسمية من مصنّعي الحديد المحليين، ومطالبتهم بفرض رسوم إغراق على واردات الحديد السعودي.
وقال السجيني، في تصريحات صحافية مؤخرا، إن الكمية المستوردة من الحديد السعودي لا تؤثر على الصناعة المحلية، خاصة أن حجم الإنتاج في مصر يصل إلى حوالى 7.9 ملايين طن، في مقابل استهلاك 8.2 ملايين طن، وهو ما يعني حاجة السوق إلى استيراد 300 ألف طن سنويا.
وكانت الحكومة قد فرضت، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، رسوم إغراق لمدة 5 سنوات على واردات الحديد من أوكرانيا وتركيا والصين، بنسب تتراوح بين 7% و29%.
وتشهد سوق العقارات في مصر حالة ركود وانخفاض في حركة البيع، ما ينعكس على 50 صناعة مرتبطة بالقطاع العقاري، ومنها حديد التسليح. وأرجع عدد من خبراء العقارات الركود الحاصل إلى الارتفاع الحاد الذي يطاول مواد البناء.
ويتخوّف الخبراء من دخول السوق في مرحلة أكثر ركوداً خلال الفترة المقبلة، في ظل ارتفاع الأسعار وتخمة المشروعات المعروضة في السوق، وتدني القوة الشرائية لشرائح كبيرة من المصريين.
واتخذت الحكومة، في الأشهر الأخيرة، خطوات نحو منح إقامة للأجانب في حال تملّكهم عقارات بغية تحريك السوق وجذب رؤوس أموال أجنبية. وأعلنت وزارة الإسكان، في وقت سابق من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عن معايير حصول الأجانب حائزي الوحدات السكنية على الإقامة مقابل تملك الوحدات قيد الإنشاء.
وقال خالد عباس، نائب وزير الإسكان للمشروعات القومية في بيان آنذاك، إنه سيتم منح الإقامة للأجانب حائزي الوحدات السكنية تحت الإنشاء، التي يتم سداد ثمنها بالكامل بالدولار، بشرط أن يكون الحد الأدنى لمقدم الوحدة 40% من ثمنها، أو 100 ألف دولار.