هل تؤجج مواقع التواصل الحروب الأهلية؟

04 أكتوبر 2022
يسهل تمويل الأطراف المتقاتلة عبر الإنترنت (Getty)
+ الخط -

تراجعت أعداد الحروب الأهلية حول العالم في عقد التسعينيات، قبل أن ترتفع مجدداً منذ عام 2003، فهل لمواقع التواصل علاقة بارتفاع منسوب العنف هذا؟
في ورقة بحثية بعنوان "الحروب الأهلية الجديدة"، تقول أستاذة العلوم السياسية في كلية السياسة والاستراتيجية العالمية في جامعة كاليفورنيا سان دييغو، باربرا ف. وولتر، إن هذه الزيادة في العنف المحلي ناتجة جزئياً عن تطور طرق التواصل.
إذ يمكن أن يؤجج الإنترنت غضب الجماعات المتمردة، أو يرسخ الانقسامات داخل المجتمعات.
وترى وولتر أننا نعيش حالياً في عصر الشبكات الاجتماعية والحوسبة السحابية، حيث يمكن لأي شخص لديه هاتف ذكي إنتاج ونشر المواد بسهولة من أي مكان في العالم تقريباً، وهو ما قد يؤثر في مسار الحروب الأهلية.
وبحسب الباحثة، فمن المرجح أن تسهل تكنولوجيا المعلومات على المواطنين تنظيم الاحتجاجات، خصوصاً في المجتمعات القمعية، إذ تجد السلطات صعوبة في التحكم بالمعلومات، ومنع الأفراد من تنسيق التظاهرات مثلاً، وأمام هذا الواقع قد تنشأ تحركات سلمية، وقد تنشأ أخرى أكثر دموية.
وكانت الجماعات المتمردة في السابق تعتمد على الدعم والتمويل المحلي والدولي للنجاح، لكن الحملات الإعلامية عبر الإنترنت سهلت الحصول على تمويل وتجنيد مقاتلين، وهو ما جعل من التمرّد المسلح، الذي غالباً ما يؤدي إلى حروب أهلية، مهمة أكثر سهولة.
ويبدو أن الأدلة على الأرض تدعم هذه النظرية بحسب الورقة البحثية. فقد ازداد متوسط عدد الجماعات المتمردة التي تقاتل في الحروب الأهلية بمرور الوقت، في عام 1950، كان متوسط عدد الجماعات المتمردة في حرب أهلية معينة ثمانية، وفي عام 2010 بات العدد 14.
كما يسمح الإنترنت لهذه المجموعات بتنويع مصادر دخلها، لذا في حال توقف التمويل من جهة، ستجد الجماعة تمويلاً من جهة أخرى، وهو ما يجعلها قادرة على الاستمرار في معاركها لوقت أطول.
وإن كان الإنترنت شبكة عالمية، فإن البروباغندا التي تقدمها الجماعات المسلحة حول العالم تدخل أيضاً في هذا الإطار، أقله في السنوات الأخيرة، فتروّج لنفسها بصفتها جماعات تسعى لأهداف أبعد من محليتها (مثل إقامة الخلافة في كل العالم، أو محاربة الإرهاب...). كما أن الجماعات التي توسعت قواعد متابعيها في أكثر من بلد، تحرج بشكل أو بآخر مواقع التواصل التي تتردد في حجب موادها، خوفاً من ردات فعل المؤيدين.

بحسب الورقة البحثية نفسها، فإن توسع رقعة الاحتجاجات الشعبية السلمية أو الدموية، متوقع بشكل كبير في الوقت الحالي نتيجة سهولة استخدام مواقع التواصل، إذ يظهر العقدان الأخيران أن اندلاع احتجاج أو مواجهة مسلحة في بلد معين ينتج أثراً معدياً، سواء كانت نتائج هذه العدوى سلبية أو إيجابية (الربيع العربي على سبيل المثال). كذلك من المرجح أن تنتشر الأفكار والأيديولوجيات بشكل أسرع وعلى نطاق أوسع بطريقتين تقول الورقة: إما النشر المباشر للمعلومات على الإنترنت (في التحركات السلمية غالباً)، أو تجنيد جنود أجانب (في الحروب الأهلية بشكل أساسي).
وقد يؤدي الإنترنت إلى مزيد من الإساءة للمواطنين المحليين في الحروب الأهلية. في الماضي، اعتبر دعم السكان المحليين أمراً حاسماً لبقاء الجماعات المتمردة على قيد الحياة. لكن في عصر الإنترنت قد تحصل المجموعات على دعمها من الغرباء، وهذا من شأنه أن يزيل القيود المفروضة على إساءة معاملة المواطنين المحليين.
وبحسب الورقة، وجدت الدراسات أن الجماعات المتمردة التي تعتمد على السكان المحليين للحصول على الدعم أو التمويل أقل عرضة لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. على العكس من ذلك، فإن الجماعات المتمردة التي تتلقى دعماً مادياً كبيراً من رعاة خارجيين هم أكثر عرضة لاستخدام العنف ضد المدنيين.

المساهمون