استمع إلى الملخص
- **ردود الفعل**: الرئيس أردوغان ندد بـ"فاشية" مواقع التواصل الاجتماعي، بينما استنكر عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو الحجب. شركة "ميتا" أكدت سعيها لإعادة خدمات "إنستغرام" في تركيا.
- **سياق الحجب**: تركيا لديها تاريخ من حجب منصات التواصل الاجتماعي لأسباب قانونية أو دعاية لمنظمات محظورة، مثل "يوتيوب" و"تويتر" و"ويكيبيديا".
تواصل تركيا حجب "إنستغرام" منذ صباح الجمعة الماضي، بينما تعقد لقاءات بين وزارة النقل والاتصالات التركية ومسؤولي شركة ميتا المالكة للمنصة، للتوصل إلى توافق بشأن مطالب الحكومة التركية. وإن كان سبب الحجب المباشر هو "منع الناس من نشر رسائل تعاز" برئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بعد اغتياله في طهران الأسبوع الماضي، فإن للسلطات التركية مآخذ عدة أخرى على الشركة ومنصاتها.
وفقاً لشركة استاتيستا المتخصصة، يستخدم 58 مليون شخص منصة إنستغرام في تركيا، من إجمالي 2.4 مليار يستخدمونها حول العالم.
وعلى الرغم من عقد لقاءات بين وزارة الاتصالات ومسؤولي شركة ميتا، إلا أنها لم تسفر عن انفراجة. وفي تصريح لوزير النقل والاتصالات التركي عبد الله أورال أوغلو، الثلاثاء، خلال افتتاح مشروع مواصلات، قال: "الجمعة صباحاً حجبنا الوصول لمنصة إنستغرام لعدم اتخاذها أي إجراءات بخصوص الجرائم المصنفة، منها الهجوم على مؤسس الدولة مصطفى كمال أتاتورك والمراهنات والمحتوى الجنسي. وبعد عدم الاستجابة، قدمنا لهم في الاجتماع ما نريده بالضبط". وأضاف: "أي شركة لديها قوانين، ولدولتنا قوانين، وهم يقولون لديهم قوانين، ونحن نقول تعملون في تركيا، أليس لديها قوانين عليكم الاستجابة لها؟ نقول إنكم لا تستحملون التعزية بإسماعيل هنية، وإن كانت هناك رقابة فهو هذا الحذف. وعلى العكس، نحن ندافع عن قيمنا الاجتماعية. قطعنا مرحلة مهمة ونأمل ألا تطول المرحلة ومراعاة حساسيتنا ونحن نراعي ذلك، ورد الفعل من قبلنا له اهتمام من الشعب. نتابع التطورات لحظة بلحظة، وعندما يلبون مطالبنا سنرفع الحجب فوراً". وأفاد أوغلو بأن اجتماعين عقدا بين الطرفين، وبأن هناك مراسلات مستمرة، وقال: "نأمل ألا يتطلب الأمر اجتماعاً جديداً. عندما يأتينا جواب بالتزامهم بمطالبنا سينتهي الحجب. حصل ذلك في ماليزيا وكان هناك اعتذار، وفي تركيا لا اعتذار حتى الآن، ولهذا سنحمي قوانيننا وحقوقنا".
وفي أول تصريح له عن هذا الموضوع، ندد الرئيس رجب طيب أردوغان بـ"فاشية" مواقع التواصل الاجتماعي إزاء الفلسطينيين، وقال: "نواجه فاشية رقمية لا يمكنها أن تسمح حتى بصور الشهداء الفلسطينيين وتحظرها على الفور".
وسبق أن أعلن رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون أن موقع "إنستغرام" تعرّض للحجب بعد اتهامات بـ"الرقابة". وكان ألطون قد أكد أيضاً أن المنصة الاجتماعية تمنع الناس من نشر رسائل التعازي بهنية.
في المقابل، استنكر أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول وعضو حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، قرار حجب "إنستغرام"، واتهم هيئة الاتصالات بالتصرف مثل "وحدة الرقابة". وكتب إمام أوغلو على "إكس": "منصات التواصل الاجتماعي يستخدمها الجميع لأغراض عدة، بما في ذلك التجارة والتواصل. من غير المقبول إغلاق منصة تستخدمها الدولة بأكملها تعسفياً في صباح أحد الأيام".
من جهتها، ردت "ميتا" على حجب تركيا بأنها "ستواصل بذل كل ما في وسعها لإعادة خدمات إنستغرام في تركيا بعدما حجبت أنقرة المنصة". وقال متحدث باسم الشركة في بيان: "حُرم ملايين الأشخاص من وسيلتهم اليومية للتواصل مع العائلة والأصدقاء، ولم تعد الشركات قادرة على التواصل مع عملائها". كما نشرت الشركة تقريراً في 31 يوليو/ تموز، قالت فيه إن المنصة أزالت 2445 محتوى في تركيا خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024، منها 1941 بناءً على طلب السلطات التركية. ويتعلق القسم الأكبر من هذه الطلبات البالغ عددها 1849 طلباً بمحتوى يندرج تحت سوء معاملة القاصرين وتعاطي المخدرات. لكن الشركة أيضاً أزالت منشورات نعي هنية، وقبل ذلك منشورات فضح جرائم الاحتلال، واتهمتها منظمات عديدة بإسكات الصوت الفلسطيني والانحياز للاحتلال.
الحظر المفروض على "إنستغرام" ليس الأول من نوعه في تركيا، حيث تعرضت منصات عدة للتواصل الاجتماعي للحظر لأسباب مختلفة، أهمها ما يتعلق بمخالفات قانونية، مثل المساس بالرموز القومية التركية، أو الدعاية لمنظمات محظورة في تركيا، أو مخالفات تتعلق بسياسات النشر.
وقد حظرت "إنستغرام" في تركيا عام 2016، فيما تعرض "يوتيوب" للحظر خمس مرات سابقاً في أعوام 2007 و2008 ومرتين في 2010 وعام 2014، لأسباب مختلفة، منها نشر فيديوهات لاقت صدى في الشارع وأحدثت تبعات سياسية تخص سياسيين أتراكاً. وتعرض "إكس" (تويتر سابقاً)، للحظر ثلاث مرات، منها في العام 2014، و2015، و2023 بعد زلزال قهرمان مرعش. كما حظر موقع الموسوعة ويكيبيديا قرابة ثلاث سنوات من 2017 إلى العام 2020، كما حجب موقع إكشي سوزلوك التركي الساخر الشهير خمس مرات في العام 2023، ولا يزال موقعا باي بال وأونلي فانس محظورين منذ العام 2016.
وفي الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، حجبت تركيا "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام" و"يوتيوب" و"واتساب" لفترة وجيزة، وذلك بعد المحاولة العسكرية الانقلابية الفاشلة في ذلك العام، والعمليات العسكرية التركية في شمال سورية، حيث رافقت ذلك دعاية ضد الجيش التركي بحسب الحكومة التركية، وكان من أبرز أسباب حجب موقع ويكيبيديا هو توصيفات "مسيئة" للعمليات التركية ضد الوحدات الكردية.
الكاتب والصحافي إسماعيل جوكتان قال لـ"العربي الجديد"، إن "عدداً من المسؤولين في الحكومة التركية صرحوا بأن منصة إنستغرام تتصرف بشكل غير عادل وتكيل بمكيالين عندما يتعلق الموضوع بتركيا، إذ قال فخر الدين ألطون إن المنصة حجبت عدداً كبيراً من المنشورات التي تحتوي انتقادات لإسرائيل وقتلها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بينما تسمح لمنشورات داعمة لحزب العمال الكردستاني (مصنف من قبل الاتحاد الأوروبي وتركيا والولايات المتحدة بأنه فصيل إرهابي)، في الدول الأوروبية". وأضاف جوكتان أن "الإعلام التقليدي ومنصات التواصل الاجتماعي تقوم بالممارسات نفسها، وتعطي مجالاً واسعاً لأنصار المنظمات الارهابية التي تحاربها تركيا، بينما تمنع من يدعم المقاومة الفلسطينية والحركات المعارضة للسياسات الغربية تجاه الدول الإسلامية، فمسؤولو الحكومة التركية يؤكدون على ذلك ويسعون لكي تنصاع تلك المنصات إلى قوانينها".