ميتا تستنفر لمواجهة المثلث الأحمر المقلوب

03 أكتوبر 2024
خلال وقفة تضامنية في المنامة مع الفلسطينيين، 17 نوفمبر 2023 (مازن مهدي/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تقييد استخدام رمز المثلث الأحمر المقلوب: قامت شركة ميتا بتقييد استخدام هذا الرمز على منصاتها، لارتباطه بحركة حماس المصنفة كمنظمة إرهابية، وتقوم بحذف المحتوى الذي يتضمنه عند الإبلاغ عنه.

- الجدل حول سياسات ميتا: أثارت سياسات ميتا قلق المدافعين عن الحقوق الرقمية، حيث يعتبرونها تقييداً لحرية التعبير، مع انتقادات لعدم قدرة أنظمتها على التمييز بين الاستخدامات المختلفة للرمز.

- مواقف ميتا من المحتوى السياسي: قرر مجلس الإشراف أن شعار "من النهر إلى البحر" لا ينتهك السياسات، وواجهت ميتا انتقادات بسبب رقابتها على رسائل التعزية بإسماعيل هنية.

تقيد شركة ميتا استخدام رمز المثلث الأحمر المقلوب على منصات واتساب وفيسبوك وإنستغرام التي تملكها، بعدما أصبح مرتبطاً بالعمليات التي ينفذها المقاومون الفلسطينيون، إذ يستخدم في الفيديوهات التي تنشرها حركة حماس للإشارة إلى أهدافها الإسرائيلية في قطاع غزة، وذلك وفقاً لوثائق داخلية تتعلق بقواعد الإشراف على المحتوى راجعها موقع ذا إنترسبت الإخباري.

مع بدء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشرت حركة حماس لقطات للضربات التي تنفذها على أهداف إسرائيلية مرفقة بالمثلث الأحمر المقلوب. ومنذ ذلك الوقت، أصبح استخدام هذا الرمز أكثر انتشاراً على شبكة الإنترنت، وبات شعاراً للمتضامنين مع الفلسطينيين وسط حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحقهم. لاحقاً، بدأت قوات الاحتلال باستخدام هذا المثلث أيضاً في اللقطات الدعائية التي تنشرها، وظهر في أحد هذه الفيديوهات رسالة جاء فيها "مثلثنا أقوى من مثلثكم، أبو عبيدة"، في إشارة إلى المتحدث باسم كتائب عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس.

ووفقاً للوثائق الداخلية التي اطلع عليها "ذا إنترسبت"، أمس الأربعاء، فإن "ميتا" صارت تعتبر المثلث الأحمر المقلوب مرادفاً لحركة حماس، وهي مدرجة في القائمة السوداء بموجب سياسة المنظمات والأفراد الخطرين للشركة، ومُصنفة "مجموعة إرهابية" بموجب القانون الأميركي. وبينما تنطبق القاعدة على جميع المستخدمين، إلا أنها لا تُطبق إلا في الحالات التي يتم الإبلاغ عنها داخلياً. قد تتبع حذفَ المحتوى الذي يتضمن رمز المثلث الأحمر المقلوب إجراءاتٌ تأديبية أخرى من "ميتا" اعتماداً على مدى "خطورة" تقييمها لاستخدامه.

وبحسب ما اطلع عليه "ذا إنترسبت"، فإن الحظر يشمل السياقات التي تقرر فيها إدارة شركة ميتا أن "المستخدم ينشر بوضوح عن الصراع، ومن المعقول قراءة المثلث الأحمر على أنه مرادف لحركة حماس، ويستخدم لتمجيد أو دعم عنف حماس".

وحاول الموقع الإخباري التواصل مع "ميتا" للحصول على تعليق وتوضيح، من دون جدوى. ومن غير الواضح عدد المرات التي قررت فيها "ميتا" تقييد المنشورات أو الحسابات التي تستخدم رمز المثلث الأحمر المقلوب، وعدد المرات التي تدخلت فيها، وما إذا كان المستخدمون قد واجهوا عواقب أخرى لانتهاك هذه السياسة.

ويبدو أن السياسة هذه تنطبق أيضاً حتى إذا استخدم رمز المثلث من دون الحديث إطلاقاً عن "حماس". إذ تُظهر الوثائق الداخلية أن الشركة ستزيله باعتباره "معرف الكائن الرقمي" (DOI)، مثل استخدامه صورة ملف تعريف للمستخدم. مثال آخر للاستخدام المحظور لا يشمل حتى الرمز نفسه، بل علامة تصنيف تذكر كلمة مثلث ومتحدث باسم "حماس".

ووفقاً للأستاذة المساعدة في كلية الحقوق في جامعة ستانفورد والباحثة في مجال سياسات الإشراف على المحتوى، إيفلين دويك، فإن هذا التوجه لدى "ميتا" يبدو "مبالغاً فيه"، فـ"إذا فهم أن رمز المثلث الأحمر المقلوب مرادف لكلمة حماس، فلن نحظر مطلقاً كل استخدام للكلمة".

لم تعلن "ميتا" عن الحظر الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً للمستخدمين، وقد أثار قلق بعض المدافعين عن الحقوق الرقمية حول مدى عدالة ودقة تطبيقه. تقول مستشارة السياسات في منظمة الحقوق الرقمية أكسس ناو، مروة فطافطة، لـ"ذا إنترسبت": "ثبت مراراً وتكراراً أن الحظر الشامل على الرموز التعبيرية نتائجه كارثية على حرية التعبير، لكن يبدو أن ميتا لا تتعلم هذا الدرس أبداً". وأضافت فطافطة: "لن تتمكن أنظمتهم من التمييز بين الاستخدامات المختلفة لهذا الرمز، وبموجب سياسة DOI القاسية، سيدفع أولئك الذين يقعون في هذه الشبكة الواسعة ثمناً باهظاً".

تعلّق المحاضرة البارزة في قسم التنمية الدولية في كينغز كوليدج لندن، ميسون سكرية، بأن "ميتا تحظر كل أشكال التضامن والدعم للفلسطينيين وهم يحاولون مقاومة التطهير العرقي والإبادة الجماعية. إن الرموز تُخلق دائماً من خلال المقاومة، وستظل هناك مقاومة طالما كان هناك استعمار واحتلال".

من النهر إلى البحر

في سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن مجلس الإشراف التابع لـ"ميتا" أن استخدام شعار "من النهر إلى البحر"، وهو شعار كثيراً ما ينشره مستخدمون مؤيدون للفلسطينيين، لا يشكل انتهاكاً لسياسات المحتوى الخاصة بالشركة. وأكد المجلس أن هذه العبارة، التي يرددها كثيرون لدعم فلسطين، لا تخالف قواعد "ميتا" المتعلقة بخطاب الكراهية أو العنف.

ومجلس "ميتا" هو السلطة العليا في اتخاذ قرارات تعديل المحتوى. وراجع المجلس ثلاث حالات تتعلق بمنشورات على "فيسبوك" تحتوي على العبارة التي تثير جدلاً، والتي برزت على وقع الحرب المدمرة والاحتجاجات العالمية ضدها. وتوصل المجلس إلى أن المحتوى لم يخالف قواعد "ميتا" بشأن خطاب الكراهية والعنف والتحريض أو المنظمات أو الأفراد الخطيرين، ولا ينبغي أن يؤدي إلى إزالة المنشور على منصاتها.

ورأى أنه "في دعم قرارات ميتا بإبقاء المحتوى، لاحظت غالبية المجلس أن العبارة لها معان متعددة ويستخدمها الناس بطرق مختلفة وبنوايا مختلفة". وأضاف أن "الحالات الثلاث المتعلقة بالمحتوى تحديداً، تشمل إشارات سياقية للتضامن مع الفلسطينيين، ولكن لا تحتوي على لغة تدعو إلى العنف أو الإقصاء".

ميتا تلاحق التعزية بإسماعيل هنية

بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في 31 يوليو/تموز الماضي، في مقر إقامته في طهران، لاحقت "ميتا" كل رسائل التعازي. وانتقد ناشطون ومسؤولون حول العالم هذه الرقابة الممنهجة التي تفرضها الشركة الأميركية العملاقة. ورداً على هذه الرقابة، حجبت تركيا "إنستغرام" لأيام. وفي السياق، اتهم رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، شركة ميتا بـ"الجُبن" وبكونها "أداة للنظام الصهيوني القمعي"، بعد حذف منشور له على "فيسبوك" بشأن اغتيال هنية، وذلك في أحدث خلاف بين الحكومة الماليزية والشركة بشأن المحتوى المحظور. وكان أنور قد نشر مقطع فيديو مسجلاً لاتصال هاتفي مع قيادي في حركة حماس لتقديم التعازي في استشهاد هنية، لكنه حذف في وقت لاحق.

الصهيونية تسلم من الرقابة

في فبراير/ شباط الماضي، طالب تحالف يضم 73 منظمة دولية شركة ميتا بالامتناع عن فرض رقابة على انتقاد الصهيونية على منصاتها. وتوجّهت الرسالة إلى رئيس الشركة مارك زوكربيرغ، وجاء فيها: "نحن نشعر بقلق عميق إزاء المراجعة التي اقترحتها شركة ميتا لسياسة خطاب الكراهية الخاصة بها في ما يتعلق بمصطلح الصهيونية، وإمكانية التعامل معه باعتباره مرادفاً لليهود و/أو الإسرائيليين، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى فرض قيود شديدة على الخطاب والنقاش السياسي المشروع". وذكّرت الرسالة بأنه "لا يمكن فصل الصهيونية عن الأيديولوجيا السياسية للصهيونية، وكلا المصطلحين مختلف عن الهويات اليهودية و/أو الإسرائيلية". وذكّرت بأنّ "من شأن السياسة المقترحة أن تسيء إلى وصف المحادثات حول الصهاينة، ومن ثم الصهيونية، على أنها معادية للسامية بطبيعتها، ما يضرّ بمستخدمي ميتا ويقوّض الجهود المبذولة لتفكيك معاداة السامية الحقيقية وجميع أشكال العنصرية والتطرف والقمع". وأكّدت أن هذا التوجه "سيشجع أيضاً على الخلط غير الصحيح والضار بين انتقاد أفعال دولة إسرائيل ومعاداة السامية".

وفي السياق نفسه، دعا مجلس الرقابة في "ميتا"، في مارس/آذار الماضي، الشركة إلى إنهاء الحظر الشامل على الكلمة العربية "شهيد"، بعد مراجعة استمرت عاماً، وخلصت إلى أن نهج الشركة المالكة لمنصة فيسبوك كان "مبالغاً فيه" وحجب من دون داعٍ كلام ملايين المستخدمين.

المساهمون