الأردن: ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال يناقش تحديات منصات التواصل وحرية التعبير

18 سبتمبر 2023
ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال في الأردن (العربي الجديد)
+ الخط -

ناقش المشاركون في أعمال الملتقى الإقليمي الدولي "مستقبل الإعلام والاتصال" الذي بدأت فعالياته في العاصمة الأردنية عمّان الأحد وتنتهي الثلاثاء، بتنظيم من مركز حماية وحرية الصحافيين، قضايا حرية التعبير والصحافة والتحديات التي فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي.

وتضمن الملتقى الذي حضره أكثر من 300 صحافي وصحافية، ومؤثرون ومؤثرات على منصات التواصل الاجتماعي، وشاركت في دعمه مجموعة فضاءات ميديا ممثلة بصحيفة العربي الجديد وشبكة التلفزيون العربي، 22 جلسة حوارية متخصصة، تناول فيها 60 متحدثاً ومتحدثة قضايا الإعلام والتواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي.

وفي اليوم الأول من الملتقى، قالت نائبة رئيس مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحافيين، سوزان عفانة، في كلمة لها، إن الملتقى "عقد في وقت اكتسحت فيه التكنولوجيا الجديدة المشهد الإعلامي، ما تطلب التطرق إلى سبل المحافظة على القواعد المهنية لما فيه الصالح العام".

من جهته، أكّد نائب الرئيس التنفيذي لمعهد الصحافة الدولي، سكوت جفرن، أهمية ربط مستقبل الإعلام بمستقبل حرية الصحافة في ظل استمرار الدفاع عن الصحافيين حول العالم، لافتاً إلى أهمية مواجهة التهديدات الرقمية التي تحيط بالصحافيين، "والتي ينبغي الاستعداد لها بالتزود بالخبرات والأساليب التي تحقق الحماية والأمن للصحافيين".

وأشار جفرن إلى أنّ "الاعتداء على الصحافيين في بعض الدول يعزّز المخاوف حيال الواقع وتغطيته بصورة مهنية وسط تعزيز المسؤولية نحو المجتمع وما تقتضيه مهنة الصحافة"، متسائلاً عن آلية تمكين الصحافيين والحريات وإيجاد حل نهائي للرقابة الذاتية لدى الصحافيين وصياغة قوانين مشجعة لممارسة الصحافة بمهنية من دون تخويفهم وتهديد سلامتهم واستقرارهم.

وشدّد نائب رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين ونقيب الصحافيين الفلسطينيين، ناصر أبو بكر، على أهمية دراسة مستقبل الإعلام في العالم العربي، في ظل التحولات الهائلة في هذا القطاع ودور وسائل التواصل الاجتماعي في هذا التحول. وأضاف أن المنطقة العربية "اقتصرت على التلقي من دون إحداث التأثير في التطورات التكنولوجية المضطربة، ما يستوجب سن القوانين التي تحكم السيطرة على الخلل وتنمي أدواراً فاعلة للإعلام لمصلحة الشعوب العربية"، مشدداً على ضرورة معالجة الأزمات التي يحدثها هذا التطور لوسائل الإعلام بصورة صحيحة.

وفي السياق، أكد سفير الاتحاد الأوروبي لدى الأردن، بيير-كريستوف تشاتزيسافاس، "ضرورة تمكين الإعلام التقليدي لفحص الحقائق وإعطائه أدواراً تعيد الفاعلية له لتسيد المشهد نظرا للتجارب التي تركها سابقاً، والتي أكدت مهنيته وتمكينه في وصف الواقع بحياد ومهنية".

أما مؤسس مركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور، فأشار إلى مسيرة امتدت 25 عاماً للمركز في الدفاع عن حرية الصحافة، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، مؤكداً أهمية الممارسات المهنية للإعلام.

بدوره، دعا نائب رئيس معهد كارنيغي، مروان المعشر، وسائل الإعلام لأن تطرح منصات للتحاور بين الجمهور، مشيراً إلى تجربته وزيراً للإعلام قبل 27 عاماً حين أقر إلغاء وزارة الإعلام. وتساءل: هل استقلالية الإعلام الأردني اليوم أكثر مما كانت عليه قبل 27 عاماً؟ وأضاف المعشر: "نحن لا نريد شعارات عن حرية الإعلام، بل نريد مؤشرات لا تبقى شعارات جوفاء ولا تترجم إلى أعمال على الأرض. في الوقت الذي لدينا الكثير لنعمله من أجل استقلالية الإعلام".

من جهته، شدد وزير العمل والاستثمار السابق والناشط على منصات التواصل الاجتماعي، معن القطامين، على أنه خلال "السنتين السابقتين ظهرت نتيجة مرعبة من خلال تسارع المعلومات والتطور في التكنولوجيا مقارنة بالسنوات العشر الأخيرة"، مضيفا أن الدول العربية "تقف في ذيل الأمم في الإنتاج المعرفي رغم أن اللغة العربية من اللغات الخمس الأهم في العالم".

غير أن الرسام الكاريكاتوري والزميل في "العربي الجديد" عماد حجاج قال إن منصات التواصل الاجتماعي "كان لها فوائد ومضار، ولكنها فرضت على الفنانين تغييراً كبيراً"، لافتاً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تجاوزت الحدود بكل سهولة وتجاوزت الحواجز التقليدية. وأضاف: "هذه الوسائل صنعت تحديات كبيرة، وزادت الجهات الرقابية، والمعلقين والرقيب التقليدي والذباب الإلكتروني... كنت من أوائل الرسامين الرقميين. في البداية هناك من قال إن هذه الأدوات ستقتل الفن، لكن هذا الفن استفاد كثيرا من التقنيات الرقمية، والفنان الذي ينخرط في تطورات الذكاء الاصطناعي سيكون مؤهلا أكثر".

وحول آثار الذكاء الاصطناعي على الفن، قالت الفنانة الأردنية زين عوض إن "الذكاء الاصطناعي له قدرة على أخذ الأصوات ووضعها في أماكن أخرى، لكن ذلك لا يلغي وجود الفنان".

من جهتها، أكدت الناشطة على مواقع التواصل، ديما فراج، أن الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي "لا يمكن أن يحل محل الإعلامي والعكس صحيح، فكلاهما له دوره ومساحته الخاصة به".

وأوضح عضو مجلس الإشراف على "ميتا"، خالد منصور، أن "الأصل هو السماح بحرية التعبير لا تقييدها، وللمجلس الحق في حذف أي منشور على المواقع التابعة للشركة (إنستغرام، فيسبوك، ثريدز) في حال وجود تجاوزات". وأكد منصور وجود إفراط باستخدام الخوارزميات التي تتعلق بالمحتوى الفلسطيني على "فيسبوك" وإجحاف في ذلك، معتبراً أن هذه المنصات هي شركات تتأثر بما يمس مصالحها وتحاول تجنبها.

أعضاء مجلس الإشراف في "ميتا" هم مجموعة متنوعة من الخبراء من كل أنحاء العالم، يحددون قرارات الشركة المطلوب مراجعتها، من خلال طعون وحالات المستخدم. وبمجرد المراجعة، يعلمون الشركة إذا كانوا يوافقون على القرارات المتعلقة بالمحتوى التي اتخذتها. وتكون قرارات المجلس ملزمة.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

بدورها، قالت المحامية والحقوقية الأردنية، هالة عاهد، إن الحديث عن حل مشاكل التواصل الاجتماعي يجب أن يسبقه حل مشاكل حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الناس لن يستطيعوا الحوار على مواقع التواصل الاجتماعي إذا لم يمارسوا الحرية والديمقراطية في الواقع. ورأت أن الحكومات تضع القوانين لمحاصرة حرية الرأي، "فنحن لا نستطيع الحديث عن مجتمع ديمقراطي، فقط لوجود أحزاب وبرلمان"، مشيرة إلى أن هناك جيوشاً من الذباب الإلكتروني تسيرها الحكومات في دول المنطقة.

أما الفنانة ريم سعادة فقالت إن "هناك رقابة سياسية واجتماعية ودينية على مواقع التواصل الاجتماعي"، معتبرة أن الحملة التي تعرض لها مسلسل "مدرسة الروابي للبنات" لم تكن تستهدف المسلسل بقدر استهداف الفكرة وموضوع المسلسل، في إشارة إلى العمل الذي عرض على "نتفليكس" عام 2021، وأثار جدلاً واسعاً في الأردن.

وبحسب وزير الثقافة والشباب السابق ومستشار معهد السياسة والمجتمع محمد أبو رمان، فإن ثورات الربيع العربي "قلبت الكثير من النظريات التي تتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي، فبعد ما كان الاستهتار هو الموجود لدى الأنظمة العربية، أصبح القلق هو المسيطر، لكن بعد ذلك حدث تحول في اتجاه المنع والمواجهة، وقيادة ما ينشر على هذه المواقع، وهي مرحلة جديدة من الإقصاء، وما حدث فقط أن آليات القمع اختلفت".

وأضاف أبو رمان أنه "في الأردن هناك تراجع في الحريات وهذا ما أكدته تقارير لمؤسسات دولية، وفي الفترة الأخيرة أصبح هناك تضييق على الحرية". بدوره، قال الهاشمي نويرة، وهو الرئيس المؤسس لنقابة الصحافيين التونسيين، إن "الفرق بين الدول الديمقراطية وأغلب دولنا هو مدى تقييد القوانين للحريات والحد من الآراء السياسية".

وفي إطار إجابته عما هو مطلوب منا كشعوب تجاه القضية الفلسطينية، قال رئيس الحركة العربية للتغيير أحمد الطيبي: "لا أعتقد أن الإعلام هو من يغيّب القضية الفلسطينية، ولكن القضية الفلسطينية غُيبت في هذه المرحلة ولم تعد القضية الأساسية والمطلوب منا كشعوب عربية وإسلامية هو تداول أخبار فلسطين ونشر المعرفة أكثر عن الأخبار التي تخص فلسطين حتى لا يتم تشويه الحقائق".

وفي اليوم الثاني للملتقى، ناقش المشاركون العلاقة بين الصحافة التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي والأخبار الزائفة، والاتصال في العصر الرقمي، إضافة إلى الإعلام العمومي والصحافة المكتوبة.

وقال وزير الدولة السابق لشؤون الإعلام في الأردن، صخر دودين، إن سبب المتغيرات والمقاربات بين الشرق والغرب "يعود إلى التباين والتفاوت في الوضع الاجتماعي والديني". وأضاف دودين: "لا يمكننا محاسبة الصحافي من دون تمكينه من الوصول إلى المعلومة الصحيحة، ولا يمكننا أن نقارن بين الشرق والغرب في مسألة حرية التعبير، لأن لدينا تقييداً بهوامش الحرية بسبب الرقابة الذاتية".

وأشارت مسؤولة التدريب وضبط الجودة في جامعة بيرزيت في فلسطين، نِبال الثوابتة، إلى وجود وسائل إعلام دولية، في مقدّمتها مجموعة فضائيات ميديا، ووكالات أنباء ومؤثرين في الأراضي الفلسطينية في الوقت الذي تتحكم فيه السلطات الإسرائيلية بمصدر الإنترنت الوحيد، مضيفة أن الاحتلال يمتلك وحدة عسكرية تسمى "8200" لمراقبة الصحافيين والمؤثرين والفضائيات.

وأفادت الثوابتة بوجود 65 ألف محتوى تحريضي ضد فلسطين والفلسطينيين، واصفة ما يحدث في بلادها بأنه إبادة رقمية وليس تعتيماً إعلامياً.

وفي معرض إجابته عن سؤال حول انتهاء الصحافة المهنية، أجاب نقيب الصحافيين في كردستان العراق، آزاد الشيخ يونس، بالقول إن "انتهاء الصحافة يعني انتهاء المسؤولية الوطنية والسلم المجتمعي المسؤولية الأخلاقية".

وخلال جلسة حول الأخبار الزائفة، قال رئيس قسم الرأي في "العربي الجديد"، معن البياري، إن هناك طوفاناً من الشائعات، وتحديداً على مواقع التواصل الاجتماعي، و"هذا يعني أن على الصحافي المهني التأكد من المعلومات التي يحصل عليها". وأشار إلى مبادرات عربية للتدقيق في الأخبار، وعلى رأسها موقع مسبار التابع لمجموعة فضاءات ميديا.

ورأى البياري أن "من يريد تقييد الحريات الإعلامية سيجد ألف ذريعة، ومن الممكن أن تستخدم ذريعة مواجهة الأخبار الزائفة للتضييق على الحريات".

وحول العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي، قال مدير قسم الأخبار في قناة رؤيا الأردنية، سعد حتر، إن "الصحافيين ليسوا جميعهم محترفين، وليست جميع وسائل الإعلام بعيدة عن سطوة المال والسلطة".

ورأى حتر أن هناك تراجعاً للإعلام التقليدي في ظل هيمنة الإعلام الرقمي مما أوجد المواطن الرقمي، لافتاً إلى أن "الحكومات المتعاقبة التي سنت قوانين قيدت الحريات، بحجة اغتيال الشخصية، أدت بالنتيجة إلى الإجهاز على الإعلام التقليدي". وأضاف: "نحن بحاجة إلى جيل جديد من الإعلاميين الرقميين الذين يستطيعون مواكبة موجة الذكاء الصناعي، وعلى الجيل الجديد تعلم الأدوات التقليدية بأدوات مختلفة".

المساهمون