استمع إلى الملخص
- تتضمن الأفلام الروائية مثل "العدالة" و"قلب الصياد" و"أجر الخوف" قصصًا تقليدية وغير مبتكرة، مع طغيان الذكور وأدوار نسائية محدودة، وتفتقر إلى الجاذبية والإبداع.
- رغم ذلك، هناك بعض الأفلام غير الرديئة التي تقدم جماليات بصرية وتفكك اضطرابات نفسية، لكنها قليلة مقارنة بالأعمال الأخرى.
في هروبٍ متعمَّد، وإن لوقتٍ قليل، من خرابٍ يعتمل بحدّة في بلدٍ ومحيطه، تُشاهَد أفلامٌ تبثّها "نتفليكس" منذ أسابيع عدّة. مُشاهدة تصنع مللاً، وتجعل الهروب مصيبة، وتطرح السؤال نفسه، المُكرّر غالباً: لماذا تبث المنصّة الأميركية هذه أفلاماً روائية، أميركية وأوروبية، رديئة للغاية، بينما تُنتج/تشارك في إنتاج أعمال وثائقية، أو تشتري حقوق بثّها، تُعتَبر (أفلاماً وسلاسل) مهمّة، بصرياً ومعالجةً وتقديم معلومات، استناداً إلى أشرطة مُصوّرة ومُسجَّلة (ساعات كثيرة)، يُعاد توليفها ببراعةٍ وجماليات؟
مثلٌ أول: "العدالة" (ترجمة المنصّة للعنوان الأصلي Napad، الذي يُترجم إلى العربية بـ"هجوم") للبولندي ميخال غازْدا. تقليدٌ باهت لأفلامٍ أميركية عادية، تروي الحكاية نفسها: سرقة مصرف، وتحقيقات تُجرى، يُستعان من أجلها بمحقّق عجوز، يُفرض عليه تقاعد باكر لسبب مهنيّ. مثلٌ ثانٍ: "قلب الصيّاد" للجنوب أفريقي ماندْلا ديوب. زعيم محلي في كيب تاون فاسد ومجرم، ومحصّن في ما يُشبه القلعة. أفراد قلائل يجهدون في فضحه، فالسياسة والمال والجريمة متداخلة، وحسّ وطني يواجِه هذا كلّه. أيضاً، لا جديد في ذلك، بل إنّ رداءة الاشتغال واضحة، رغم عدم بلوغها قاعاً غير مُحتَمَل. مثلٌ ثالث: "أجر الخوف (The Wages Of Fear)" للفرنسي جوليان لوكْلَرك. إنّه الأسوأ، لأنّ اشتغالاته غير باهرة وغير جاذبة، ولأنّه نسخة حديثة عن أصلٍ عائدٍ إلى عام 1953، للفرنسي أيضاً هنري ـ جورج كلوزو (مع إيف مونتان وشارل فانِل وفيرا كلوزو).
النسخة الحديثة غير مُقنعةٍ بأحداثٍ تروي "بطولة" فردية لأشخاصٍ قلائل، يريدون إنقاذ مخيّم لاجئين من بئر نفط يشتعل في منطقة مضطربة عسكرياً. شقيقان يعملان في بلدانٍ مختلفة، أحدهما خبيرٌ بالمتفجّرات، والثاني بارع في حماية الشخصيات. بهدف سرقة مال من زعيم محليّ يُقتل فجأة، يُلقى القبض على خبير المتفجّرات، ويمضي أعواماً في جحيمٍ أرضيّ. مهمّة الإنقاذ تُعيد أحدهما إلى الآخر، وتكشف شيئاً من جشع أناسٍ وأفعالهم الجُرمية.
هذه نماذج مُنتجة عام 2024. تقليد الأميركي غير صالحٍ غالباً، فالأميركي يُتقن إنجاز أفلامٍ تشويقية، وإن تبقى عادية وغير مسلّية، أحياناً. طغيان الذكور فيها غير حائلٍ دون الحضور النسائي، وبعض الأداور النسائية أساسيّ في تحقيق عدالةٍ ما، رغم مساعدة رجل (العدالة)، وفي مواجهة فساد وإجرام، في مقابل نساءٍ يحمين الفاسد والمجرم، خوفاً من فضيحة، أو رغبة شخصية في ذلك (قلب الصيّاد)، وفي جهدٍ يُبذل لإنقاذ لاجئين، ما يدفع في لحظةٍ إلى الاعتداء بالضرب على عسكري مرتزق (أجرة الخوف).
رغم هذا، هناك أفلامٌ غير رديئة، وإن يكن عددها قليلاً. أفلامٌ تقول شيئاً من جماليات بصرية، في سردها وقائع حقيقية، أو في محاولتها تفكيك بعض ما في ذاتِ قاتل من اضطرابات نفسية.