أمضى الفريق الجديد للرئيس جو بايدن الأيام الثلاثة الأولى في البيت الأبيض في مكاتب شبه خالية يبحثون عن لوازم مكتبية ويطلبون مساعدة تكنولوجية، ويحاولون كذلك إنقاذ البلاد من أزمات متعددة.
وتولى هذا الفريق الأربعاء المسؤولية في البلد الأكثر قوة وثراءً وابتكاراً في العالم. لكن بعد فترة انتقالية سيئة من إدارة دونالد ترامب، يواجه الموظفون الحاليون بعض المشكلات التي يمكن أن يواجهها أي شخص ينتقل إلى شقة جديدة.
وخضعت المساحة بأسرها لعملية تنظيف دقيقة كلفت بحسب "سي.أن.أن" 500 ألف دولار، فيما أعيد تجديد المكتب البيضاوي.
لكن الرفوف الفارغة، والجدران المجردة من الزخرفة، لا تضفي جواً دافئاً على المكاتب العديدة التي تشغلها المتحدثة جين بساكي، وفريقها الإعلامي.
وفي أول يوم لها، اضطرت المسؤولة عن التخطيط في الاتصالات ميغان هايز إلى الكتابة على هاتفها الخليوي، لأن الحاسوب كان معطلاً.
وسأل موظف آخر عن دبابيس للملفات، قبل أن ينهمك دون جدوى في البحث بين لوازم مكتبية موضوعة في صندوق كرتون كبير.
ومع ذلك حتى وإن لم يتسنّ الوقت لفريق بايدن لتعليق الصور، فقد تمكنوا من تغيير المشهد في البيت الأبيض.
كمامات
وأول فرق واضح هو أن الجميع يضعون الكمامة للوقاية من كوفيد-19. وتؤكد صورة لبايدن موضوعة على مكتبه في اليوم الأول واضعاً كمامة، ملامح الحقبة الجديدة.
فبالكاد وضع ترامب الكمامة علناً، خشية أن توحي بالضعف. وبالتأكيد لم يستخدمها قط علناً في المكتب البيضاوي، فماذا يمكن أن يفكر "الرؤساء ورؤساء الحكومات والدكتاتوريون والملوك والملكات" حيال هذا الأمر.
Please wear a mask. pic.twitter.com/aAqlmJP5RT
— The White House (@WhiteHouse) January 23, 2021
كذلك شُدِّدت فحوص كوفيد، في تحول دراماتيكي آخر في مبنى أصبح بؤرة للإصابات خلال عهد ترامب.
وعدد الصحافيين الذين يسمح لهم بالدخول، مثلاً، خُفِّض إلى 80 فقط يومياً، وعليهم إضافة إلى وضع الكمامات، الخضوع لفحص سريع للكشف عن أي إصابة بالفيروس.
عودة العلوم
ويعكس تشديد التدابير أهم أولويات بايدن، وهي القضاء على وباء أودى بأكثر من 400 ألف أميركي، وضرب قطاعات كاملة من الاقتصاد.
ولمساعدته في تحقيق ذلك، أعاد خبير الأمراض المعدية الشهير، الطبيب أنطوني فاوتشي، الذي مُنع خلال فترة ترامب من التحدث بصراحة.
وولت الأيام التي كان يأتي فيها الرئيس إلى منصة المؤتمرات ليقترح على الناس أن يحقنوا أنفسهم بالكلور لمنع الفيروس، كما فعل ترامب خلال مؤتمر صحافي خارج عن المألوف في إبريل/ نيسان الماضي. كذلك ولّت الأيام عندما كان الرئيس يقاطع الخبراء باستمرار أو يمنعهم من قول ما يريدون.
ومستذكراً تلك اللحظات الخميس، قال فاوتشي إنها "لم تكن تبعث على الارتياح، لأنها لم تكن قائمة على حقائق علمية".
ولت الأيام التي كان يأتي فيها الرئيس إلى منصة المؤتمرات ليقترح على الناس أن يحقنوا أنفسهم بالكلور لمنع الفيروس
والعودة إلى قاعة الإيجازات الصحافية "والسماح للعلم بأن يتكلم، له نوع من الشعور بالتحرر" بحسب الخبير المخضرم.
الحفاظ على الهدوء
وإلى جانب الوعد بالتحدث بصراحة، تقول إدارة بايدن للأميركيين أن يتوقعوا أجواءً أكثر هدوءاً وسكوناً. وسيوضع حد للتغريدات العاصفة، وإهانة الصحافيين على التلفزيون الوطني، بل ستتوقف الإهانات برمتها.
وقال بايدن لموظفيه في اليوم الأول: "إذا كنتم تعملون معي وسمعت بأنكم تعاملون زميلاً آخر بعدم احترام، أعدكم بأني سأطردكم على الفور".
وتؤكد بساكي هذه الرسالة بعودة للإيجازات الصحافية اليومية. فعلى مدى سنوات كانت هذه المؤتمرات جزءاً من منظومة البيت الأبيض الإعلامية، ونوعاً من التقاليد المقدسة تقريباً.
لكن خلال عهد ترامب، توقفت نهائياً تقريباً، وحلت مكانها تغريدات لا متناهية للرئيس وساعات من المقابلات على محطات صديقة مثل فوكس نيوز والإذاعة اليمينية.
وعند حصول إيجازات، وخصوصاً تلك التي تعقدها كايلي ماكيناني، كانت مونولوجاً مليئاً بالسخرية من وسائل الإعلام، أكثر منها مؤتمرات صحافية.
في الأيام الثلاثة الأولى، على الأقل، أدارت بساكي عقارب الساعة إلى الوراء. وتغيّر النبرة خلال عهد بايدن يشير إلى أهداف أكثر عمقاً، بحسب الأستاذ في كلية ريتشموند للقانون كارل توباياس.
ويقول إن الأمر "يتجاوز الأسلوب، لكن الأسلوب أيضاً مهم"، ويضيف: "أعتقد أنهم كانوا واضحين بأنهم يريدون تغيير طريقة عمل الحكومة الفدرالية بشكل كبير".
ويوضح أنه "خروج جذري عن ترامب الذي كان يستمتع بخرق كل الأعراف والقواعد والقوانين والتقاليد، حتى اللحظة الأخيرة".
(فرانس برس)