فنانون أرجنتينيون يتضامنون مع الفلسطينيين على النقيض من العار الرسمي

23 مارس 2024
من تظاهرة تضامنية في بوينس آيرس (بابلو باريرا/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في بوينس آيرس، الأرجنتين، اجتمع رسامو الغرافيتي لإنشاء لوحات جدارية بمحطة السكك الحديدية تعبر عن التضامن مع فلسطين، مستخدمين صورًا قوية مثل طفل يرفع العلم الفلسطيني، لضمان رؤية واسعة وتحفيز التفكير في القضية.
- غوستافو كالفيه، الفنان والناشط، قاد المشروع، جامعًا فنانين لدعم فلسطين. الجداريات تستخدم تقنيات متنوعة لإظهار العلاقة بين الأرجنتين وفلسطين وتعزيز الوعي بالقضية، مستخدمًا الفن لنشر رسائل التضامن.
- المشروع جزء من حركة أوسع في الأرجنتين لدعم فلسطين، تشمل تسمية شوارع ومشاركة في مسيرات احتجاجية، معكسة الدعم الشعبي الواسع واستخدام الفن كوسيلة للتواصل والتغيير الاجتماعي.

 

على مدار الأسابيع الماضية، شهدت العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس مشروعاً فنياً شارك فيه عدد من رسامي الغرافيتي، بغرض إنشاء لوحات جدارية موضوعها فلسطين، تزين سلالم محطة السكك الحديدية الرئيسية، تعبيراً عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

بدأ المشروع الفني حين جمع الفنان والناشط المحلي، غوستافو كالفيه، عدداً من الفنانين الراغبين في التعبير عن دعمهم للشعب الفلسطيني، اختاروا بعدها محطة السكك الحديدية لتنفيذ رسوماتهم. تتضمن إحدى الجداريات صورة طفل فلسطيني يرتدي الكوفية، ويرفع علم فلسطين الذي كتب عليه "من أجل فلسطين حرة وديمقراطية واشتراكية".

تحدث كالفيه عن جدارية أخرى: "تصور اللوحة شخصاً يحدق في الكاميرا ويتساءل عما يراه. بينما يقف طفل في الخلفية مديراً ظهره لغروب الشمس حتى يرى نور الفجر، في رمزية لبزوغ الأمل وسط الظلام". أما عن سبب اختيار الموقع، فأرجعه الفنان الأرجنتيني إلى الازدحام الذي تمتاز به محطة القطارات، ما سيدفع كثيرين ممن سيشاهدون الجداريات إلى التفكير في الإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Gustavo Calvet (@gus_calvet)

وأشار كالفيه إلى أنه لمس ترحيب المارة والسكان المحليين. وعن الرسالة التي استهدفها المشروع، أوضح أن استخدام الجداريات في سياقات متعددة وبتقنيات مختلفة، جاء لإظهار العلاقة القوية بين الأرجنتين وفلسطين و"إيماناً بأن استخدام اللون والتصميم، إلى جانب المعالجة، يمكن أن يغير نظرة المشاهد جذرياً".

يأمل كالفيه أن تحرض لوحاته الأرجنتينيين على التعرف أكثر إلى فلسطين وشعبها. وقال: "لا يزال الفن لديه القدرة على إيصال الرسائل. تسافر الصورة حول العالم، وليس المهم التقنية المستخدمة في العمل، بل الهدف هو نشر التوعية، ليمسي الأشخاص من مختلف الجنسيات على دراية بالقضايا المهمة".

يُعرف كالفيه بأنه مؤيد للقضية الفلسطينية، وقد وظف شغفه في رسم الجداريات في خدمة تلك القضية بالتعاون مع الحركة الاشتراكية العمالية (MST) المشاركة في المشروع الفني، التي تعبر دائماً عبر أنشطتها المختلفة عن تضامنها مع كفاح الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي. قال: "كنت دائمًا على دراية بالصراع القائم بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، لكنني أصبحت أكثر وعياً، ووجودي كعضو في الحزب (حركة العمال المستقلين MST) ساهم كثيراً في تعريفي على مدى معاناة الشعب الفلسطيني، من خلال المحادثات وأنشطة التضامن المختلفة".

وفي رأي رسام الغرافيتي أن المزيد والمزيد من الناس أصبحوا يدركون اليوم أن هذه ليست حرباً أو صراعاً، كما تحاول وسائل الإعلام الرئيسية الترويج لها، بل هي إبادة جماعية. وبحسب الفنان الناشط، فإن الطريقة الوحيدة لوقف الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني هي القيام بمثل هذه الفعاليات كل يوم وفي كل مكان. وأضاف: "هنا، في مدينتي، نعزّز حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني. وهذه الجداريات التي جاءت نتيجة لاقتراح أحد الزملاء، لجعل الإبادة الجماعية في غزة أكثر وضوحاً للجميع، كذلك فإن أحد أهداف نشاطنا هو إقناع الحكومة الأرجنتينية بقطع العلاقات مع إسرائيل".

في هذا السياق، أشار كالفيه إلى أن التضامن مع الشعب الفلسطيني أمسى "سمة من سمات الحياة اليومية، وشمل تسمية الشوارع والساحات العامة ورسم الجداريات والمشاركة في المسيرات الاحتجاجية، كل ذلك جزء من عملية مستمرة لتوثيق أكثر للعلاقة القائمة بين الأرجنتين وفلسطين".

مبادرة كالفيه وزملائه تنتظم داخل صورة تضامنية كبيرة تهيمن على الأنشطة العامة داخل المجتمع الأرجنتيني، الذي شهد العديد من الفعاليات الداعمة لفلسطين، منها معرض فني ضخم أقيم مبكراً في العاصمة بوينس آيرس، وضم أعمالاً لعشرات الفنانين الأرجنتينيين. امتد المعرض من 30 أكتوبر/تشرين الأول إلى 24 نوفمبر/تشرين الثاني، واستضافته السفارة الفلسطينية في بوينس آيرس، واحتوى أيضاً على أعمال للفنان التشكيلي الأرجنتيني الراحل ليون فيراري، والتي أنتجها تحت اسم غزة، في أعقاب العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008.

من أواخر الفعاليات التي شهدتها العاصمة الأرجنتينية كذلك مسيرة حاشدة شارك فيها عدد من الفنانين والمثقفين، خرجت في 5 مارس/آذار تنديداً بالعدوان والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. انطلقت المسيرة من حديقة ريفادافيا أمام تمثال سيمون بوليفار، وصولاً إلى حديقة سينتيناريو، حيث ألقيت العديد من الخطب التي أدانت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى جانب الأشعار ومقاطع مسرحية عبرت عن وحشية الإبادة الجماعية للفلسطينيين. كما دعا المتظاهرون إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه ضد الإنسانية، رافعين الأعلام الفلسطينية والأرجنتينية ولافتات مؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وطالبوا بقطع العلاقات السياسية والتجارية مع إسرائيل.

تواجه مثل تلك الفعاليات موقفاً سياسياً رسمياً يتسم بالتطرف في انحيازه لإسرائيل، إذ لم تردع حرب الإبادة التي يخوضها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي عن إعلانه عن "خطة" لنقل سفارة بلاده لدى إسرائيل إلى القدس المحتلة. ودعا ميلي خلال زيارته إلى دولة الاحتلال، في 6 فبراير/شباط، إلى تدمير المسجد الأقصى وتشييد الهيكل على أنقاضه للتعجيل بظهور المسيح المخلص. وجاءت هذه المواقف بالمخالفة للاتجاه العام للشعب الأرجنتيني والقارة اللاتينية الداعمة للشعب الفلسطيني.

المساهمون