عزل غزة: الاحتلال يستهدف كل صوت وكل صورة

12 أكتوبر 2023
صحافيون في رام الله، الثلاثاء، ينعون زملاءهم (عصام ريماوي/ الأناضول)
+ الخط -

يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تغييب الرواية الفلسطينية وطمس معالم الجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين وممتلكاتهم، عبر خلق حزمة من الأزمات الحادة، والمتمثلة في استهداف الصحافيين، وشبكات الجوال، والاتصالات، وقطع خطوط الإنترنت، ومُفاقمة أزمة التيار الكهربائي.
ويترافق افتعال الأزمات الجديدة، أو تعميق حدة الأزمات القائمة، والتي تُنغص الحياة اليومية للمواطنين، مع شراسة العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لليوم السادس على التوالي.
وعلى الرُغم من المُحاولات الفلسطينية الحثيثة لنقل كافة مُجريات الأحداث للعالم، من خلال التغطية الميدانية اللحظية للمُستجدات كافة، فإنها تصطدم بالعديد من المُعوقات، والتي ساهمت في شُح المعلومات والتقارير، وغزارة الفيديوهات الخاصة بالأحداث الدائرة.
استشهد أربعة صحافيين فلسطينيين الثلاثاء في غارات جوية إسرائيلية استهدفت مباني سكنية في مدينة غزة، بحسب ما أعلنته مصادر إعلامية حكومية ومهنية. وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، سلامة معروف، في بيان: "ننعى الزملاء سعيد الطويل ومحمد صبح وهشام نواجحة". ووفقاً لبيان المكتب، فقد تم "استهدافهم من قبل طائرات الاحتلال أثناء تغطيتهم إخلاء إحدى البنايات المهددة بالقصف غرب غزة" قرب ميناء الصيادين. ودانت نقابة الصحافيين "استشهاد ثلاثة آخرين من الصحافيين في قطاع غزة في العدوان الإسرائيلي المتواصل". وفي وقت لاحق الثلاثاء، أعلن التجمع الإعلامي الفلسطيني مقتل مسؤولة لجنة الصحافيات في التجمع سلام خليل ميمة وزوجها وأطفالهما. وقال التجمع إن منزل العائلة في منطقة النعجة شرقي مخيم جباليا قد تعرض لقصف إسرائيلي غادر. وبمقتل الصحافية ميمة، ارتفع عدد الصحافيين الذين قضوا في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى ثمانية منذ السبت.
استهداف الصحافيين يدخل في إطار مُحاربة الرواية الفلسطينية، إلى جانب استهداف المقار الصحافية، وبيوت الصحافيين، علاوة على قيام الطائرات الحربية الإسرائيلية، مساء الاثنين، بتدمير مقر شركة جوال، وشركة الاتصالات الفلسطينية في حي الرمال وسط مدينة غزة، والتي تمد مناطق واسعة بخدمة الإنترنت عبر خط النفاذ.
وسبق الاستهداف الإسرائيلي لخدمة الإنترنت قرار يقضي بفصل خطوط الكهرباء المُغذية للقطاع، من الجانب الإسرائيلي، ما يُفقِد غزة ما يزيد عن 120 ميغا، ويُبقيها على 65 ميغا توفرها محطة الكهرباء الوحيدة، في حين أن متوسط حاجة غزة للكهرباء يتجاوز 450 ميغا، الأمر الذي دفع الشركة إلى تفعيل جدول جديد للقطع والوصل، يتمثل في 4 ساعات وصل، مقابل 24 ساعة قطع، فيما كان الجدول السابق يتمثل في 8 ساعات وصل، مقابل 8 ساعات فصل، وهو جدول "أحسن الأحوال" مُنذ بداية أزمة الكهرباء قبل 17 عاماً.
ويقول نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين، تحسين الأسطل، إن المُمارسات الإسرائيلية المتواصلة، سواء ضد الصحافيين مباشرة، أو باستهداف شبكة الإنترنت ووسائل الاتصالات، تهدف إلى عزل غزة عن العالم، وتغييب الرواية الفلسطينية، والتي تروي تفاصيل الجرائم البشعة بحق المدنيين الفلسطينيين.
ويُبين الأسطل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك خطة إسرائيلية متواصلة لارتكاب الجرائم بحق المدنيين، تتزامن مع حاجة ماسة إلى عدم وجود تغطية صحافية، أو حتى ضمن صحافة المواطن، والتغطيات الميدانية من قبل الناشطين، وهذا ما سيُفسر استهداف الطواقم الإعلامية، ومُختلف شبكات التواصل، والإنترنت، والبث الفضائي، والكهرباء، لضمان عدم وصول الصورة، أو تشكيل رأي عام عالمي ضاغط لوقف مجازره المتواصلة.
ويلفت الأسطل إلى أن ذلك الاستهداف المُبرمج، والحواجز التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على خروج الصورة من قطاع غزة، أدت إلى تحجيم عمل الناشطين في توثيق العديد من الأحداث، ويضيف: "هذا ما تريده إسرائيل للتحكم بالكم الهائل من المعلومات، والإبقاء على تصدير روايتها للعالم".
ولا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن محاولاته الخاصة بحجب الصورة الفلسطينية التي تفضح جرائمه، أو إسكات الصوت الذي يوضح تفاصيل ممارساته الوحشية، أو حتى كسر القلم الذي يصف انتهاكاته المتواصلة لحقوق الإنسان، والتي تضرب بعرض الحائط كافة القوانين الدولية.
في الإطار، يُبين مدير العلاقات العامة في المكتب الإعلامي الحكومي، محمود الفرا، أن الاحتلال الإسرائيلي يشن على قطاع غزة عدواناً جديداً وغير مسبوق، ويعمل على استهداف كافة المناطق شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، في بند أهداف عنوانه الأول الأعيان المدنية، والعائلات الآمنة، والتي يتم هدم البيوت فوق رؤوسها من دون سابق إنذار، علاوة على إغلاق واستهداف المعابر، ومنع دخول الوقود، وكافة أنواع المحروقات، واستهداف شركة الكهرباء، والاتصالات.
ويلفت الفرا، لـ"العربي الجديد"، إلى أن كثافة العدوان والنيران الإسرائيلية المُستخدمة ضد المدنيين تدفع الاحتلال إلى تغييب الرواية الفلسطينية، وإسكات صوت الصحافيين وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، عبر الاستهداف المُباشِر، في الميدان، أو في المكاتب، أو حتى في البيوت الآمِنة، أو قطع الإمدادات اللازمة لعملهم، وفي مقدمتها شبكات الكهرباء والإنترنت والجوال.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

ويوضح الفرا أن تلك الانتهاكات الإسرائيلية، المُخالفة لكافة القوانين الدولية، تسعى إلى الاستفراد بقطاع غزة، وإسكات الصحافيين، وتعطيل وسائل عمل الناشطين ومنعهم من تغطية وكشف الجرائم بحق المدنيين والأطفال والنساء، إلى جانب تغييب قطاع غزة عن العالم، بهدف عدم لفت أنظار المُجتمعات العربية، والرأي العام الدولي تجاه ما يُرتكب بحقه من جرائم حرب وإبادة جماعية.

المساهمون