ألبوم غنائي، يفترض أنه يضم 12 قصيدة للشاعر الراحل محمود درويش، تصدره المغنية اللبنانية كارول سماحة. ثمة أسئلة كثيرة تُطرح عند إصدار مثل هذه الأعمال؛ أولها: هل بالإمكان أن تلقى الصدى الجماهيري المطلوب؟ الإجابة، برأي سماحة، أن الألبوم الجديد ليس تجارياً، وله "أهداف قومية كبيرة"، ومنها "دعم الوحدة العربية".
قبل الإجابة عن أي سؤال أو طرح المزيد، لا بد من الإشارة إلى أن النّص الذي تعتقد كارول سماحة أنه لـ"الشاعر الكبير" محمود درويش (كما ورد اسمه في الفيديو كليب)، ليس له. منذ رحيل الشاعر، راح كثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي يؤلّفون عبارات ومقاطع، وينسبونها له كيفما اتُّفق، وهذه الكلمات: "ستنتهي الحرب/ ويتصافح القادة/ وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد/ وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب/ وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل/ لا أعلم من باع الوطن/ ولكنني رأيت من دفع الثمن" التي تعتقد سماحة أنها لدرويش، لا تمت له بأي صلة، وهي بالكاد خاطرة لطفل في صفه الثالث.
وأصدرت مؤسسة محمود درويش بياناً اليوم الخميس، أكدت فيه أن هذه الكلمات ليست من إنتاج محمود درويش، بل "من إنتاج مواقع التواصل الاجتماعي، وهي دون المستوى المعروف به شاعرنا الكبير". ولفتت المؤسسة إلى أنها "بعد التدقيق في الفيديو والإعلان المرافق، طلبت رسمياً من الفنانة كارول سماحة وشركائها في الإنتاج وقف النشر وحذف كل ما يتعلق بنسب كلمات الأغنية لمحمود درويش"، ولو أنها أكدت "ثقتها بحسن النوايا" لدى المغنية اللبنانية وشركائها.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة صاحبة الحقوق الملكية الفكرية الحصرية لإنتاج درويش.
على كل حال، إصدار سماحة هذا العمل ليس سوى محاولة فنية تبحث عن مساحة أمام هذا الفضاء الرقمي الكبير. محاولة تعيد كارول سماحة إلى نشأتها ربما، وانتمائها "القومي العربي"، الذي عُرف به والداها. لكنها في المقابل تفتح الباب حول سوق الاستهلاك الغنائي، المتمثل في القصائد، بغض النظر عن نوعها الرومانسي أو "الوطني". تبدو محاولة كارول سماحة في الألبوم الصادر حديثاً دخيلة على السائد، خصوصاً مع اتساع ومشاعية سوق الميديا والفنون في العالم.
تتسلح سماحة بصوتها في هذه الأغنية التي تحمل عنوان "ستنتهي الحرب"، وقد لاقت رواجاً من المتابعين، واقتربت من تحقيق مليوني مشاهدة على قناتها الخاصة في "يوتيوب". لكن السؤال: هل بالإمكان أن تتحول "القصيدة" بصوت كارول سماحة إلى "ترند"، مثل أعمالها التي تُصنف إلى حد ما "تجارية"؟ سؤال لا تُمكن الإجابة عنه طالما أن الألبوم يتضمن 11 أغنية أخرى (لا نعرف بعد إن كانت نصوصها فعلاً لمحمود درويش، أم أنها منسوبة عنوة له كحال ستنتهي الحرب).
لعبت كارول سماحة هذا الدور سابقاً، من خلال مشاركتها في أعمال مسرحية لمنصور الرحباني، مثل "ملوك الطوائف" (2003). وكذلك عندما أطلت بأغنية "إنت مين"، داعية إلى نبذ الطائفية واللون والتطرف الديني، وحملت المواقف نفسها في الغناء الخاص بالمسرحيات التي قدمتها مع منصور الرحباني.
وحسناً فعلت لاحقاً بالخروج من عباءة الرحباني، واستقلت بخط غنائي يوازي نجاح زميلاتها من المغنيات في لبنان. تجربة كادت ألا تثمر عن أي تقدم، لولا حنكة سماحة موسيقياً، وإدراكها جيداً ما تريده كسلاح للمنافسة، ليس فقط على "نجومية" المطربة، بل لفرض حضورها في معظم الحفلات ضمن قائمة المغنين الأكثر طلباً لمثل هذه الفعاليات، وكذلك هروبها من شركة روتانا السعودية وسط خلافات باردة بين الطرفين، أعقبت مسرحية "ذا ليدي" (2013)، وعملها على إنتاجات شخصية تجدد حضورها في عالم الغناء والمنافسة، سواء في لبنان أو العالم العربي.