استلهمت الفلسطينية هدى ثابت من قطاع غزة الفلسطيني فكرة صناعة ألواح خاصة بالرسم من الأوراق معادة التدوير من عملها في مجال كتابة قصص الأطفال، وتدريبهم على طرق الكتابة الإبداعية، إذ كانت تجمع كميات وافرة من المسودات الخاصة بالأطفال خلال تدريبهم على الكتابة.
وعملت هدى بمساعدة زوجها سالم ثابت وفريقهما المكون من 8 أفراد من المتطوعين على جمع أكبر قدر ممكن من الأوراق، سواء تلك التي من أوراق مسودات الطلبة وكاتبي القصص من الأطفال، أو ما يتبقى من مخلفات الطلبة في المدارس والجامعات، لتحويلها إلى ألواح صالحة للرسم.
وتمر هذه العملية بعدة مراحل يعمل خلالها الفريق على جمع الأوراق المراد تحويلها ثم الانتقال إلى مرحلة تقطيعها عبر آلة خاصة، ثم نقعها في مكان مخصص، مع إضافة بعض المواد التي تساعد على تماسكها ومن ثم مرحلة التجفيف مروراً بالمرحلة الأخيرة، وهي نحت اللوح ليصبح ملائماً للرسم.
تولدت هذه الفكرة لدى الزوجين بهدف المساهمة في التقليل من الآثار البيئية للأوراق البالية وتراكمها دون جدوى، إلى جانب حاجة الطلبة في كليات الفنون والأطفال إلى لوحات من طراز مختلف عن تلك المتوفرة في السوق المحلي، والتي تعتبر مرتفعة التكلفة.
وتقول المشرفة على مشروع إعادة تدوير الورق هدى ثابت لـ "العربي الجديد" إن العمل على تنفيذ فكرتها هي وزوجها جاء بعد فترة من التفكير والبحث في كيفية الاستفادة من كمية الأوراق التي تتراكم لديها نتيجة عملها في تدريب الطلبة على كتابة القصص.
وتستهدف ثابت وزوجها وفريقها المتطوع توفير بدائل جديدة بطراز مختلف عن المنتجات الأخرى المتوفرة في السوق المحلي، وبتكلفة أقل وبشكل يخدم البيئة ويساهم في التقليل من الأوراق المتراكمة والبالية.
وتؤكد أنها تحاول بمساعدة زوجها وفريقهما العمل على نشر ثقافة إعادة التدوير وتعزيزها على صعيد الطلبة في المدارس بما يساهم في نشر هذه الثقافة داخل المجتمع الفلسطيني في القطاع، ويؤدي إلى خفض مستوى التلوث البيئي من خلال عملية إعادة التدوير.
وتستغرق صناعة 40 لوحاً قرابة 10 أيام من العمل تمر فيها هذه العملية بعدة مراحل، فيما يركز الفريق على اتباع الطرق الملائمة للبيئة خلال عملهم، بما في ذلك عملية تجفيف القوالب والتي تتم من خلال تعريضها لأشعة الشمس لعدة ساعات.
وبخلاف ألواح الرسم العادية تمكن هذه الألواح معادة التدوير من الأوراق البالية أو المجمعة من طلبة المدارس، إمكانية التعديل على الرسم ومسحه عدة مرات، قبل وضع المادة المثبتة عليها، وهو ما يخفف الأعباء المالية على مستخدمها مقارنة بالألواح الأخرى.
وبحسب ثابت فإن العمل على الفكرة وتطبيقها وإدخال التعديلات عليها استغرق 3 أشهر جرى فيها العمل على تجربة هذه اللوحات واستخدامها، لإنتاج أعمال فنية بعضها ذو طابع وطني وآخر جمالي، لاختبار الألواح وقياس مدى جودتها عند الرسم.
ومرت عملية التنفيذ الأولى لفكرة ألواح الرسم معادة التدوير من الأوراق البالية بعدة تجارب، قبل أن تصل إلى الشكل الذي وصلت عليه الآن، إذ شكلت شبكة الإنترنت وبعض المهارات الموجودة للفريق المصدر الرئيسي للقيام بإعادة تدوير الأوراق البالية.
وعمل الفريق المتطوع مؤخراً على رسم بعض اللوحات الفنية بأشكال مختلفة أو حتى بإنتاج لوحات تم فيها استخدام الأوراق البالية، ضمن عملية التأكد من جودة هذه الألواح ومدى مواءمتها للمتطلبات الفنية الخاصة بالرسم أو إمكانية استخدام الأوراق في إنتاج أعمال فنية.
وبموازاة ذلك، فقد أخضع الفريق العامل على إنتاج هذه الألواح عمله للاختبار عبر توزيع عينات منها للمراكز الثقافية والمؤسسات التي تعنى بالرسم في القطاع، وحصل منها على تغذية راجعة بشأن الجودة الخاصة بالألواح والاختلاف بينها وبين الألواح التقليدية.
تبلغ التكلفة الإجمالية لألواح الرسم المعاد إنتاجها من الأوراق البالية 2,5 دولار أميركي مع إمكانية إعادة تدويرها عدة مرات، عدا عن كونها أقل تكلفة من ألواح الرسم الموجودة في السوق المحلي والتي تصل إلى 12 دولاراً أميركياً ويتم إتلافها بعد الرسم عليها.
ويطمح الزوجان ثابت إلى أن يتم تبني هذه الفكرة بتمويل من قبل المؤسسات الرسمية أو القطاع الخاص، بما يساهم في تحويله لمشروع محلي، ويؤدي إلى حل جزء من المشكلات البيئة الناتجة عن تكدس الأوراق وعدم إتلافها بالطرق الصحيحة.