- يسلط الضوء على تأثير الحروب والحصار منذ 2007 على مليونين ونصف المليون فلسطيني، نصفهم أطفال، ويستكشف كيف يتفاعل الأطفال الصم مع الاهتزازات والارتجاجات، مثيرًا تساؤلات حول أسباب صممهم.
- تم تصوير الفيلم بالتعاون مع جمعية أطفالنا للأطفال الصم في غزة، بدعم كندي، وعُرض عالميًا منذ أغسطس 2023، محاولًا كسر الصمت العالمي حول مأساة غزة وتسليط الضوء على الإبادة والتطهير العرقي المستمر منذ عقود.
ذبذبات من غزة (Vibrations from Gaza) هو عنوان الفيلم الوثائقي القصير (16 دقيقة) الذي حازت عنه المخرجة الفلسطينية رحاب نزال العديد من الجوائز السينمائية في المهرجانات الدولية، ومنها جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان إيران الدولي السابع عشر للأفلام لعام 2023، وجائزتا "آزر فينيكس" للأفلام القصيرة و"الجمهور" في مهرجان أفلام الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا في كندا، أخيراً.
يقدّم "ذبذبات من غزة" صورة شاملة عن حياة الأطفال الصمّ في قطاع غزة المحاصر، أولئك الذين وُلدوا ونشأوا تحت حصار الاحتلال الإسرائيلي وهجماته المتكررة، إذ يتسيّد الصورة في قرابة ست عشرة دقيقة كل من موسى (عشر سنوات) وشقيقه مصطفى (ست سنوات)، وأماني (عشر سنوات) وشقيقتها إسراء (أربع سنوات)، ليقدموا شهادات حيّة عن تجاربهم في مواجهة قصف الاحتلال الإسرائيلي المتكرر، والوجود المستمر للطائرات المُسيّرة، المعروفة محلياً باسم "الزنّانة". لا يستطيع هؤلاء الأطفال الاستماع إلى صوت هذه الطائرات التي أُطلق عليها اسم "الزنّانة" بسبب صوتها؛ إذ إنّها تطنّ فوق رؤوس الناس، إما لتنفيذ ضربة، وإما لجولة استطلاعية تُحدّد فيها بعض الأهداف، وتعود مزودة بمعلومات عن المنطقة المُحتمل استهدافها.
هكذا، يصف الأطفال في هذا الوثائقي ضربات الصواريخ في العدوان الإسرائيلي تلو الآخر على قطاع غزة منذ عام 2008، وحتى ما قبل حرب الإبادة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
نرى الأطفال يتحدثون بلغة الصمّ التي تترجم على الشاشة، عن استشعارهم الاهتزازات في الهواء، وارتجاج الأرض، وصدى المباني المنهارة. يطرح الفيلم تساؤلاً عمّا إذا كان صمم هؤلاء الأطفال نتيجة لاستخدام الاحتلال الإسرائيلي للأسلحة الثقيلة، بما في ذلك الأسلحة الصوتية، كذلك يثير تساؤلات عن صمت العالم تجاه الظروف القاسية التي يعيشها قرابة مليونين ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة؛ إذ يحيون تحت حصار خانق وحروب إبادة متواصلة منذ عام 2007.
يبدأ "ذبذبات من غزة" بمشهد ليلي للبحر، تليه مشاهد متعددة جلّها صُوّرت نهاراً للأطفال الأربعة وأقربائهم وأصدقائهم وصديقاتهم على شاطئ البحر وفي مياهه. يركز الوثائقي على علاقة هؤلاء الأربعة بالبحر، ما بين كونه مساحةً للمرح، أو استعادةً لذاكرة صعبة، أو باعتباره غامضاً ومُرعباً، حيث غرق فيه كثيرون.
في حديث إلى "العربي الجديد"، تشير المخرجة رحاب نزال إلى أن فيلم "ذبذبات من غزة" يطرح قضية محورية عبر أيدي أطفال غزة من الصمّ، تتمحور حول تجاهل العالم لمأساة أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، نصفهم من الأطفال، يعيشون في حصار خانق واعتداءات عسكرية متكررة يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ورقابة وحصار متواصلين منذ أكثر من سبعة عشر عاماً.
تضيف نزّال: "أصررتُ على أن أصوّر الفيلم بنفسي. ورغم تصويره وإتمامه قبل الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في القطاع هذه الأيام، فإنه يكشف عن أن الإبادة والتطهير العرقي لم يبدآ في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2023، بل قبل ذلك بعقود".
تلفت نزّال إلى أنّ الفيلم صُوِّر بالتعاون مع جمعية أطفالنا للأطفال الصمّ في مدينة غزة، في صيف عام 2022، بعد سنة من زيارة المخرجة لغزة، وعملها في برنامج علاج بالفن مع أطفال القطاع إثر عدوان الاحتلال الإسرائيلي في عام 2021. وأُنتج بدعم من مجلس فنون مقاطعة أونتاريو في كندا، وتوزّعه عدّة شركات ومؤسسات إعلامية في كندا، للمشاركة في مهرجانات حول العالم، كذلك فإنّها تتولّى عرضه في دور سينما ومراكز ثقافية أيضاً.
عُرض فيلم "ذبذبات من غزة" منذ أغسطس/ آب من عام 2023 في عدد من المهرجانات والمراكز الفنية والجامعات حول العالم، ومنها: مهرجان مونتريال للأفلام الفلسطينية في كيبيك الكندية، ومهرجان إيران الدولي السابع عشر للأفلام، ومهرجان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هانوفر الكندية، ومهرجان مرسيليا للأفلام الوثائقية لعام 2023، ومهرجان ريغارد (Regard) في كيبيك في كندا أيضاً، ومهرجان أفلام ليماسول فلسطين في قبرص، ومهرجان الصورة في تورونتو، ومهرجان سان سيباستيان الحادي والعشرين لأفلام حقوق الإنسان في إسبانيا، فضلاً عن عرضه في النسخة السابعة من مهرجان نوميرو زيرو في فرنسا.
وعُرض الفيلم أيضاً في مركز فنون فيلاديلفيا في ولاية بنسيلفانيا الأميركية، ومركز فنون الثقافات المتعددة في مونتريال الكندية، ومؤسسة المعمل للفن المعاصر في القدس، ومركز فيفو (VIVO) في فانكوفر الكندية، والمركز الثقافي المستقل في أمستردام، وسينما كينو أورورا في فنلندا، وعدد من دور السينما الكندية، إضافة إلى عروض ونقاشات في عدد من الجامعات، بينها: جامعة نيويورك الأميركية، وجامعات إميلي كار للفنون والتصميم، وميغيل، وكونكورديا الكنديّة.
لا يُعرف ما إذا كان الأطفال الأربعة على قيد الحياة، أو ما إذا كانوا في منازلهم، أو تحت أنقاضها، أو في خيام النازحين، في حين أنّ من شبه المؤكد أن جمعية أطفالنا للأطفال الصمّ في مدينة غزة باتت كغيرها من مباني المدينة أثراً بعد عين، أو تضرر مبناها كثيراً على أقلّ تقدير.