فجّر إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ليل الخميس ــ الجمعة، تأجيل الانتخابات التشريعية التي كان مقرراً إجراؤها في 22 مايو/ أيار المقبل إلى أجل غير مسمّى، حالة من الجدل والتراشق بين الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل تباين المواقف الفصائلية والشعبية.
وانقسمت مواقف الناشطين والصحافيين بين معارض لهذا القرار، لا سيما بين المحسوبين على حركة حماس وبعض الفصائل المحسوبة على اليسار، مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية بالإضافة إلى القوائم المستقلة، وآخرين مرحبين بهذا القرار، خصوصاً أنصار حركة "فتح" التي يتزعمها عباس.
وفي منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كاد الناشطون يجمعون على أن السبب الحقيقي للتأجيل يمكن في الخلافات التي تعصف بحركة فتح والمخاوف الجدية لدى قيادتها من خسارة متوقعة، وليس مدينة القدس التي اتخذت بنظرهم كذريعة للتأجيل لا أكثر.
ودشّن الرافضون لخيار تأجيل الانتخابات وسم "#لا_لتأجيل_الانتخابات"، تعبيراً عن رفض القرار الصادر عن الرئيس عباس، في الوقت نفسه أطلق المحسوبون على حركة "فتح" والمرحبون بالقرار وسم "#لا_انتخابات_بدون_القدس"، معتبرين إجراءها من دون القدس "خيانة".
ورغم أن التسريبات على مدار الأسبوعين الماضيين كانت تشير إلى نية الرئيس عباس وحركة "فتح" إعلان تأجيل الانتخابات، إلا أن غالبية الفلسطينيين كانوا يراهنون على إمكانية إجرائها في موعدها، في ظل المواقف الشعبية الرافضة للتأجيل.
وكتب الناشط صادق أبو عامر عبر حسابه على "تويتر": "قرار محمود عباس تأجيل الانتخابات الفلسطينية بذريعة القدس، سيجعل منه أول من يدفع الثمن في سلطته، وستخرج حركة فتح من هذا الاستحقاق الذي لم يبدأ بوصفها أكبر الخاسرين نتيجة تقاعسها في وضع حدّ لتفرّد أبو مارن في القرار الوطني الفلسطيني ولأنها فضّلت دوماً التماهي مع رغباته".
انقسمت مواقف الناشطين والصحافيين بين معارض لهذا القرار ، وآخرين مرحبين بهذا القرار، خصوصاً أنصار حركة فتح التي يتزعمها عباس
أما الناشط عفيف وشاح، فتساءل عبر تغريدة تعليقاً على قرار الرئيس الفلسطيني تأجيل الانتخابات، عن كيفية جلب الموافقة على إجراء الانتخابات، وطبيعة أدوات الضغط التي يمكن استخدامها ضد الاحتلال لإجباره على إجراء الانتخابات.
وعلى النهج ذاته سار الناشط عبد الله أبو مراد، الذي اعتبر في منشور كتبه عبر صفحته في "فيسبوك" أن قرار التأجيل جاء استمراراً لدوامة العجز الفلسطيني من خلال قرار الرئيس عباس بتأجيل الانتخابات التشريعية التي انتظرها الفلسطينيون على مدار 15 عاماً.
من ناحيته، كتب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة عدنان أبو عامر عبر "تويتر": "أبو مازن الذي تذرع بعدم سماح الاحتلال بإجراء الانتخابات في القدس، لتأجيل الانتخابات، إنما يتماهى مع إسرائيل ذاتها، التي عبّرت منذ البداية عن رفضها لهذه الانتخابات، لأنها ستسفر عن هزيمة مدوية لفريق التسوية، وانتصار كاسح لخيار المقاومة، خاصة حماس".
وكان مقرراً أن تبدأ مرحلة الدعاية الانتخابية صباح اليوم، الجمعة، بعد أن تعلن لجنة الانتخابات المركزية عن الكشف النهائي للقوائم الانتخابية المشاركة وأرقامها والشعارات الخاصة بها، إلا أن اللجنة أعلنت وقف العملية الانتخابية بناءً على قرار الرئيس عباس.
في سياقٍ موازٍ، كتب أسامة طه عبر صفحته في "فيسبوك" متفاعلاً مع قرار التأجيل ومرحباً به: "القوائم التي ترفض قرار تأجيل أو إلغاء الانتخابات عليها إعطاء أفكار إبداعية لضمان مشاركة المقدسيين في العملية الديمقراطية دون تصدير مواقف فقط".
الناشط مؤمن الدردساوي غرّد عبر "تويتر" مرحباً بقرار تأجيل الانتخابات، إذ قال: "مع الرئيس لا انتخابات بدون القدس والمقدسيين، والقدس خط أحمر وتجاوزه خيانة"، معتبراً أن القرار الذي اتخذ "وطني بحت".
واعتبر الناشط والصحافي مروان الخضري في منشور عبر صفحته في "فيسبوك"، أن "إجراء الانتخابات من دون القدس كارثة، ورهن الانتخابات بموافقة المستعمر هي فضيحة كبرى ونهاية مشروع وطني".
بدوره، قال الناشط أحمد جودة في تغريدة، إن "الانتخابات أمر مُقدس، لكنه ليس أكثر قداسة من القدس، عاصمتنا الأبدية ومحور قضيتنا".
واتفق محمد أبو مصطفى مع سابقه في منشور كتبه عبر "فيسبوك"، إذ دعا رافضي تأجيل الانتخابات إلى تحضير خطة بديلة لإجراء الانتخابات في القدس بشكل متوازن مع الضفة الغربية وقطاع غزة بعيداً عن إجرائها في أي من السفارات الأجنبية.
وقال أبو مصطفى: "إجراؤها في سفارة داخل القدس مرفوض وله تبعات قانونية وسيادية، فالقدس عاصمة فلسطين ولن يقبل أحد أن تجرى الانتخابات إلا بشكلها القانوني، سواء دعاية انتخابية أو اقتراع وفرز".
من جهته، طالب المحاضر في جامعة بيرزيت في رام الله عماد الأصفر "جميع القوائم إطلاق حملاتها الانتخابية في القدس حصراً، للبرهنة على أن اجراء الانتخابات في القدس رغم أنف الاحتلال أمر ممكن". وتابع الأصفر: "أعتقد أن على الرئاسة الفلسطينية البرهنة على أن القدس هي درة التاج من خلال الاهتمام والدعم والخطط، وليس الشعارات".
أما الأسير المحرر عزام أبو العدس، فقال معلقاً: "إن أي إنسان قرأ ألف باء في علم السياسة والتاريخ السياسي يدرك أننا أمام حالة نمطية جداً مما يعرف باسم (حكومة الشطيرة) أو (حكومة السندويش)، والمريح في الأمر أنها قطعت المراحل الأربعة وبقيت المرحلة الخامسة والأخيرة".
أما الصحافي عمر نزال، فكان واضحاً في توصيفه لما جرى، عندما حذر مما وصفه بـ"أخبار مضللة"، ومنها على سبيل المثال تأجيل الانتخابات لحين موافقة إسرائيل على إجرائها في القدس. أما الخبر الصحيح، وفق نزال، فهو: تأجيل الانتخابات لحين ضمان فوز مريح لفتح، وضمان عدم ترشح أحد مقابل الرئيس لديه فرصة للفوز.