تيك توك والكتب: مؤلّفون يتحوّلون إلى نجوم سريعة الانطفاء

26 يونيو 2024
دشّنت وسم #Booktok المغنية الأميركية كيت جاكوبس في 2020 (ماتيوس سلودكوفسكي/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تيك توك أحدث ثورة في صناعة النشر عبر #Booktok، مما زاد الاهتمام بالكتب وحول بعض المؤلفين إلى نجوم، بفضل مشاركة المراجعات والتوصيات بطرق مبتكرة.
- "بوك توك" غيّر من طريقة اختيار الناشرين للمؤلفين، معتمدين على شهرتهم على مواقع التواصل، وأثر بشكل كبير على عادات القراءة والشراء، حيث اشترى واحد من كل أربعة مشتري كتب في 2023 كتابًا موصى به عبر تيك توك.
- على الرغم من نجاحه، يواجه "بوك توك" انتقادات تتعلق بتشجيع الكتب ذات المحتوى السطحي والتأثير السلبي المحتمل على جودة وتنوع الأعمال الأدبية، مع مخاوف من تركيزه على مؤلفين بيض بشكل أساسي.

كما نجح تطبيق تيك توك في بسط تأثير واسع في صناعة الموسيقى، يلعب دوراً نافذاً في قطاع النشر والكتاب، بفضل وسم واحد هو #Booktok (بوك توك)، الذي صار يصنع ترند الكتب، ويجمع لها جمهوراً، ويلمّع أسماء كتاب ومؤلفين، ويحوّلهم إلى نجوم. و"بوك توك" اختصار لعبارة Book TikTok، وهو وسم يجمع مستخدمي "تيك توك" المتحمسين للكتب والأدب، إذ يبتكرون طرقاً مسلية لمناقشة الكتب ومراجعتها والتوصية بها، ما أحدث ثورة في مجتمعات الأدب والنشر.

قصة صعود "بوك توك" على "تيك توك"

دشّنت وسم #Booktok المغنية الأميركية، كيت جيكوبس عام 2020، واليوم يتجاوز عدد مشاهدات الوسم الـ200 مليار، بحسب أرقام مجلة وايرد، ما يجعل الوسم تجمّعاً لواحد من أكبر المجتمعات في "تيك توك"، حتى إن سلاسل مكتبات عملاقة مثل "بارنز آند نوبل" باتت تخصّص أقساماً خاصة لشعب "بوك توك". وبحلول عام 2023، كان واحد من كل أربعة من مشتري الكتب يقتنون واحداً أوصى به "تيك توك".

يقود هذه الأرقام مؤثرون لديهم متابعون مخلصون من محبي الأدب في جميع أنحاء العالم، يستخدمون منصتهم للترويج للكتب، ويقدّمون المؤلفين الجدد، ويعزّزون النقاشات مع القرّاء. وغالباً ما ينشر المُساهمون محتوى يناقش قراءاتهم الحالية ومجموعات الكتب وغير ذلك الكثير. كما أنهم يحبون التحدث عن الشخصيات الموجودة في الكتب التي يقرؤونها ومشاركة الحكايات المفضلة المتعلقة بتلك الشخصيات.

أكثر من النصف

وجد بحث أجرته جمعية الناشرين البريطانية، أن 59% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاماً، قالوا إن الوسم "ساعدهم على اكتشاف شغفهم بالقراءة". ومن بين ألفي مشارك، قال ما يقرب من النصف (49%) إنهم زاروا مكتبة شخصياً بسبب "تيك توك". ويلجأ أكثر من النصف (55%) إلى "بوك توك" للحصول على التوصيات، فيما يقول الثلثان إن الوسم ألهمهم لقراءة كتاب لم يكونوا ليقرأوه أبداً.

وذكرت قناة يورونيوز أن التركيبة السكانية الرئيسية للوسم الشهير تميل نحو النساء الشابات. ومع ذلك، نقلت "يورونيوز" عن المسوِّقة الإلكترونية، كيرا سكوت، أنها لاحظت زيادة في عدد الأشخاص في أواخر العشرينيات والثلاثينيات من العمر الذين يأتون إلى متجر الكتب الذي تعمل لصالحه.

انعكست أرقام المشاهدات في "بوك توك" على أرقام المبيعات في صناعة النشر. وصلت الكتب الموصى بها في الوسم إلى قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، والمؤلفون الذين طاولهم النسيان، ساعدهم التطبيق على الطفو مجدّداً على السطح، وتسليط الضوء عليهم، وبالتالي زيادة مبيعات إنتاجاتهم. مثلاً، كُتُب الأميركية كولين هوفر حقّقت ضجة كبيرة بفضل "تيك توك"، وتجاوزت مبيعات كتابها "ذا بايبل" الثلاثة ملايين نسخة، وقفز كتاب الأميركية مادلين ميلر "أغنية أخيل" من 20 ألف نسخة بعد طرحه في 2012 إلى أكثر من مليوني نسخة بحلول 2022.

وأوضحت مجلّة وايرد أن ما يجعل الكتب التي تحظى بشعبية كبيرة على "بوك توك" تحقّق نجاحاً كبيراً في المبيعات، هو أن التطبيق كسر الاحتكار القديم، المتمثل في الاعتماد على الناشرين والوكلاء، إذ أصبح الاعتماد الآن على المؤثرين في الوسم للوصول إلى جمهور غير مسبوق.

كالوجبات السريعة

يعتمد الوسم بالكامل على مقاطع فيديو قصيرة، وبدلاً من الحبكات المعقدة والدقيقة، يختصر المؤثرون الحديث عن الكتب التي يروجون لها في كلمات قليلة، وجمل قصيرة ذات جاذبية وقدرة على لفت الأنظار. وبسبب الاهتمام برأي جمهور "بوك توك"، ينجرّ الكتاب إلى تأليف كتب توصف بالسطحية و"الجمهور عاوز كده"، وتأليف كثير من الكتب، مركّزين على الكمية بدلاً من الجودة، وبدلاً من البقاء في نسختهم الفريدة التي حقّقت النجاح أصلاً، وعرّفتهم إلى الجمهور.

كذلك، تسبّب النجاح السريع الذي شهده المؤلفون المدعومون من "بوك توك" في دفع الناشرين والوكلاء إلى تغيير طرقهم في اختيار مؤلفيهم وأسلوبهم التسويقي المحافظ، ففي السابق كان اختيار المؤلفين يجري على أساس جودة عملهم، لكن الآن صاروا يلقون نظرة على شهرتهم في مواقع التواصل الاجتماعي قبل التعامل معهم.

رأت "وايرد" إن صناعة النشر صارت أشبه بصناعة الأزياء السريعة، ما يؤثر في جودة الكتابة، ويرهق الكتاب، ويجبرهم على تأليف كتب بطريقة تجعلها تنتشر بسرعة. ولا يدوم هذا الانتشار إلا لفترة قصيرة عابرة.

وكتبت الباحثة في اللغة الإنكليزية في جامعة ليفربول، ناتالي وول، عبر موقع ذا كونفيرسيشن، منبّهة إلى مخاطر محتملة في التنوّع، إذ أغلب التوصيات في الوسم هي من مؤلفين بيض، ومن غير الواضح ما التأثيرات طويلة المدى لذلك. وقد شهد العالم العربي ظاهرة مشابهة على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، إذ راح كتاب وكاتبات تجاريّون، يضعون كُتُباً بعناوين جاذبة للفئات العمرية الشابة، وتضم عبارات تبدو مُنمّقة، لكنّها في الحقيقة كتب ضحلة، كثير منها ينتمي إلى ما يُسمّى بـ"التنمية البشرية" و"تطوير الذات". يُنشئ الكتّاب على "فيسبوك" صفحات مُعجبين (Fan Page)، ويدفعون الأموال كي يروّجوا إلى كتبهم، عبر تسويق أغلفتها، وبعض العبارات الواردة فيها. وحتى إن لاقى هذا الأمر انتشاراً للحظة، إلا أنه سرعان ما تنطفئ نجومية كاتبه، ويمضي إلى النسيان.

المساهمون