تهمة معاداة السامية تطارد كل منتقدي الاحتلال

تهمة معاداة السامية تطارد كل منتقدي الاحتلال

07 ديسمبر 2023
اعتصم آلاف اليهود في نيويورك مطالبين بوقف إطلاق النار في غزة (سلجوق أكار/ الأناضول)
+ الخط -

تُعرف معاداة الصهيونية بأنها حركة معارضة فكرة إقامة دولة يهودية على الأراضي الفلسطينية والسياسات التي تنتهجها إسرائيل في سبيل ذلك. أما معاداة السامية فهي التحيز ضد الشعب اليهودي والتعامل معه استناداً إلى أحكام مسبقة، وهي تهمة يتسلح بها الاحتلال الإسرائيلي ضد كل من يعارض جرائمه بحق الفلسطينيين، ويشهرها في وجه كتّاب وأكاديميين وفنانين وناشطين، لمجرد تضامنهم مع الفلسطينيين وقضيتهم.

وتعارض منظمات يهودية عدة حول العالم الصهيونية وممارساتها التي أدت لتهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من أراضيهم في حرب 1948، والمزاعم بأن لليهود حقوقاً أكثر من غيرهم في فلسطين. ويدافع اليهود المناهضون لإسرائيل عن حق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم، وينتقدون الصهيونية التي تعتبر نفسها "ضامناً لأمن الأمة اليهودية".

وفي الوقت الذي تأتي فيه أشد الانتقادات الموجهة ضد إسرائيل من هذه المجتمعات اليهودية، إلا أن المجتمع الدولي يصر على وصف أي شخص يعارض وينتقد سياسات إسرائيل بأنه "معادٍ للسامية". كذلك يجري الخلط بين المفهومين من قبل القوى الصهيونية، لقمع أي انتقاد موجه ضد إسرائيل على خلفية العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

كتّاب يهود: مفهوم معاداة السامية استُخدم لحماية إسرائيل من المساءلة

في رسالة مفتوحة للمجتمع الدولي نُشرت في المجلة الأدبية الإلكترونية n+1 ووقّع عليها آلاف الفنانين حول العالم، عبّر كُتّابٌ يهود عن رفضهم لـ"الخطاب السائد الذي يعتبر أي انتقاد لإسرائيل معاداة للسامية". وأشار الكتّاب اليهود في رسالتهم إلى أن مفهوم معاداة السامية استُخدم حتى الآن "لحماية إسرائيل من المساءلة، ولإخفاء حقيقة الاحتلال، وإنكار السيادة الفلسطينية"، وأن المفهوم نفسه يستخدم اليوم "لتبرير قصف إسرائيل لغزة وإسكات الانتقادات داخل المجتمع الدولي".

وذكر الكتّاب اليهود أنهم شعروا بحزن عميق بسبب استخدام إسرائيل لـ"الحرب ضد معاداة السامية كذريعة لارتكاب جرائم حرب بقصد الإبادة الجماعية". ووصفوا الأيديولوجيا الصهيونية بأنها "استغلال لمعاناة اليهود من أجل هضم حقوق الشعب الفلسطيني"، مشددين على أن "معاداة إسرائيل لا تعني معاداة السامية".

وفي الرسالة المفتوحة، قال الكتّاب اليهود: "إننا ندافع عن كرامة وسيادة الشعب الفلسطيني من خلال العبر التي استخلصناها من تاريخنا المرير في مواجهة معاداة السامية". كما أكدوا رفضهم المفاضلة بين "حرية الفلسطينيين وأمن اليهود".

وأشاروا إلى أن الحكومة الإسرائيلية تروّج بين مواطنيها في الداخل والدول الغربية في الخارج لبروباغندا مفادها أن "كفاح الفلسطينيين غير موجه من أجل الحصول على حقوق في الأرض والسيادة، بل هو موجه ضد اليهود".

ولفتوا إلى أن الولايات المتحدة تصف دعمها لإسرائيل بـ"حماية الهوية اليهودية"، وقالوا: "هويتنا ليست سلاحاً يمكن للدول استخدامه لفرض سلطتها. نحن ضد استغلال آلامنا".

مقررون أمميون: نرفض وصف انتقاد إسرائيل بأنه شكل من أشكال معاداة السامية

قال مقررو الأمم المتحدة، ألكسندرا زانثاكي وفريدة شهيد وكليمنت نياليتسوسي فول وإيرين خان، إن المجتمع الدولي يساوي بين انتقاد إسرائيل ودعم معاداة السامية. ورفضوا التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون ومسؤولون آخرون، وصفوا فيها انتقاد إسرائيل بأنه شكل من أشكال معاداة السامية.

وفي بيان مكتوب، ذكر المقررون أن "الدعوات إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة أو انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية وتصرفاتها يتم ربطها بشكل مضلل بدعم الإرهاب أو معاداة السامية". وأشار البيان إلى أن "موجة عالمية من الهجمات والانتقام والتجريم والعقوبات استهدفت أولئك الذين يعبرون علناً عن تضامنهم مع ضحايا الصراع بين إسرائيل وفلسطين"، مؤكّداً أن "هذا الوضع يشكل قمعاً لحرية التعبير، ويخلق أجواء الخوف التي تمنع العديد من الأفراد من المشاركة في الحياة العامة".

وذكر مقررو الأمم المتحدة أن الفنانين والأكاديميين والصحافيين والناشطين والرياضيين الذين يرفعون أصواتهم لدعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان باتوا يتعرضون اليوم لانتقادات قاسية.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

منتقدو إسرائيل يفقدون وظائفهم

منذ السابع من أكتوبر تم فصل العديد من الأسماء المعروفة في العالم من وظائفهم بتهمة "معاداة السامية"، بسبب انتقادهم الممارسات الإسرائيلية. وفي هذا السياق، طردت الممثلة الأميركية الفائزة بجائزة أوسكار، من UTA (وكالة لإدارة عاملين وعاملات في هوليوود)، وخفضت رتبة مهى الدخيل، الليبية الأصل، في CAA (وكالة أخرى لإدارة أعمال السينمائيين والسينمائيات). واستُبعدت الممثلة ملييسا بارّيرا من فيلم Scream VII، للسبب نفسه.

وفي موقف يعكس حجم الضغوط التي يتعرض لها كل من يعبر عن دعمه للفلسطينيين واستغلال تهمة معاداة السامية لإسكاته، اضطرت ساراندون، السبت الماضي، إلى نشر بيان اعتذرت فيه عن قولها خلال تجمع مناصر للفلسطينيين، الشهر الماضي، إنّ اليهود الأميركيين الذين يخشون على سلامتهم الآن، "يتذوقون ما يشعر به المرء عندما يكون مسلماً" في الولايات المتحدة. وأوضحت ساراندون أنها كانت حينها تحاول التعبير عن قلقها بشأن تزايد جرائم الكراهية. وقالت: "كانت هذه الصياغة خطأً فادحاً، لأنها تشير ضمناً إلى أن اليهود حتى وقت لم يتعرضوا للاضطهاد، في حين أن العكس هو الصحيح". وشددت على "ندمها الشديد إزاء التقليل من هذا الواقع وإيذاء الناس".

وفي هذا الصدد، وقّع أكثر من 1300 فنان، بينهم الممثلة البريطانية الفائزة بجائزة أوسكار أوليفيا كولمان، الأسبوع الماضي، رسالة موجهة إلى القطاع الفني والثقافي، تتهم المؤسسات الثقافية في الغرب بـ"قمع وإسكات ووصم الأصوات ووجهات النظر الفلسطينية".

وبينما اضطرت الكاتبة في مجلة نيويورك تايمز، جازمين هيوز، إلى الاستقالة بدعوى "انتهاكها السياسات التحريرية"، بعد توقيعها على بيان داعم لفلسطين، فصل المصور الصحافي الفلسطيني حسام سلام من صحيفة نيويورك تايمز، بسبب منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي التي عبر من خلالهم عن دعمه لفلسطين. كما فصلت الصحافية الكندية من أصول فلسطينية، زهراء الأخرس، من عملها في وكالة الأنباء الكندية غلوبال نيوز، على خلفية منشوراتها الداعمة لفلسطين أيضاً. وطرد رئيس تحرير "آرتفوروم"، ديفيد فيلاسكو، من منصبه، بعد نشر المجلة رسالة مفتوحة رافضة للعدوان على غزة. وفصل مايكل آيسن، وهو يهودي، من منصبه كرئيس تحرير لمجلة العلوم الأكاديمية إي لايف، بسبب منشور انتقد فيه العدوان على غزة. وفصل جاكسون فرانك، المراسل الرياضي لموقع فيلي فويس الإخباري الأميركي، من وظيفته، لمشاركته منشوراً يتضامن فيه مع الفلسطينيين. وفي نوفمبر أيضاً، أعلن الشاب عثمان نور أن مؤسسة Stop Killer Robots، حيث عمل أكثر من 3 سنوات مديراً للعلاقات الحكومية، طردته، بعدما دعا إلى إنهاء الاحتلال والفصل العنصري والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.

وفتح تحقيق بحق 6 صحافيين يعملون في الخدمة الإخبارية العربية التابعة للشبكة البريطانية "بي بي سي"، بذريعة "انتهاك قواعد الحياد الصارمة للمؤسسة"، بزعم "دعم حماس" على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي هذا السياق، أعلنت الصحافية اللبنانية ندى عبد الصمد، الشهر الماضي، أنها ادّعت "على (بي بي سي) للإساءة المهنية بحقها، والضرر الذي لحق بسمعتها، وعدم اهتمامها بحمايتها من خلال السماح لـ(الصحيفة البريطانية) ذا تليغراف بنشر صورتها واسمها". وجاء إعلان عبد الصمد، بعد يوم من إبلاغ "بي بي سي" 5 من موظفيها الذين أوقفوا مؤقتاً عن العمل، وخضعوا لتحقيق داخلي، إعادتهم إلى عملهم، وعدم اتخاذ أي إجراءات تأديبية بحقهم.

المساهمون