حذرت نتائج دراسة نفسية جديدة، من مخاطر تنامي السلوك الانتحاري لدى الفتيات المراهقات اللواتي يجدن صعوبة أكبر في حل المشكلات الشخصية بشكل فعال، خصوصاً عندما يتعرضن لضغوط اجتماعية ويعانين من ضغوط شخصية أكثر في حياتهن.
وفقاً للدراسة التي نشرت في مجلة جمعية علم النفس الأميركية يوم 25 مايو/ أيار، فإن الفتيات المراهقات أكثر عرضة لخطر انتهاج السلوك الانتحاري. وفي حين يعد الانتحار السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين المراهقين بشكل عام، إلا أن العلماء لاحظوا ارتفاع معدلات السلوك الانتحاري بين الفتيات بشكل خاص.
ووجدت الدراسات السابقة أن الضغوط الشخصية، مثل الصراع مع الأقران أو الأصدقاء أو العائلة، مرتبطة بالسلوك الانتحاري. وتشير بعض نظريات السلوك الانتحاري إلى أن مهارات حل المشكلات الاجتماعية الضعيفة، قد تسهم في تعزيز هذا الارتباط. ويرجع الباحثون ذلك إلى احتمالية كون المراهقين ذوي المهارات الاجتماعية الأكثر ضعفاً في حل المشكلات، هم أكثر عرضة لرؤية الانتحار كحل قابل للتطبيق حينما يشعرون بالضيق، لأنهم استنفدوا حيلهم وخياراتهم أمام الآخرين.
بالنسبة للمؤلفة الرئيسية للدراسة أوليفيا بولاك، الباحثة في علم النفس في جامعة نورث كارولينا في الولايات المتحدة، فإن نتائج الدراسة توفر دعماً للنظريات المعرفية والسلوكية للانتحار، يقوم على التجارب الإكلينيكية. تدعم هذه التجارب الفرضيات السابقة التي تشير إلى أن العجز في القدرات على إدارة وحل المشكلات الشخصية بشكل فعال قد يكون مرتبطاً بالسلوك الانتحاري.
وأضافت بولاك، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه من الناحية السريرية، يمكن ملاحظة ودعم الفرضية السابقة، إذ إن حل المشكلات يظهر بشكل بارز في العديد من العلاجات للسلوك الانتحاري أو إيذاء النفس. وأشارت إلى أن الهدف الرئيسي من إجراء هذه الدراسة كان اختبار هذه الارتباطات بين الانتحار واستنفاد الحيل، من خلال النظر في كل من المحاكاة التجريبية والمقاييس الواقعية للتوترات الاجتماعية.
أجريت التجارب على 185 فتاة تتراوح أعمارهن بين 12 و17 عاماً. عانت الفتيات من بعض اضطرابات الصحة العقلية في العامين الماضيين على الدراسة. في بداية الدراسة، أكمل المشاركون استبيانات أو مقابلات حول أعراض الصحة العقلية والسلوك الانتحاري. كما أكمل المشاركون مهمة تقييم مهاراتهم في حل المشكلات الاجتماعية، والتي تضمنت الاستجابة لسيناريوهات تتضمن صراعات شخصية أو تحديات مع أشخاص آخرين، مثل الأقران والأصدقاء وأفراد الأسرة والشركاء الحميمين.
"بعد ذلك، طلبنا من المراهقين أداء مهمة تم عرضها في دراسات سابقة للحث على التوتر الاجتماعي. في تلك المهمة، كان على الفتيات إعداد أنفسهن لإلقاء خطاب مدته ثلاث دقائق أمام ما اعتقدوا أنه جمهور من أقرانهم يشاهدون عبر رابط فيديو. مباشرة بعد هذه المهمة، أكملت الفتيات مرة أخرى مهمة حل المشكلات الاجتماعية لمعرفة ما إذا كانت مواجهة الإجهاد الاجتماعي أدت إلى تراجع قدرتهن على حل المشكلات أم لا"، أوضحت الباحثة.
على مدار تسعة أشهر، تابع الفريق البحثي الفتيات لرصد وتسجيل مستويات الصحة العقلية كل ثلاثة أشهر، ليسألوهن عن الضغوط التي يتعرضن لها في المجالات الشخصية، سواء على مستوى الأسرة أو الأصدقاء، وكذلك عن السلوكيات الانتحارية. أسفرت النتائج عن عدة ملاحظات كان أبرزها أن الفتيات اللائي أظهرن انخفاضاً أكبر في فعالية حل المشكلات في التجربة، واللواتي عانين أيضاً من مستويات أعلى من التوتر الاجتماعي خلال فترة المتابعة التي استمرت تسعة أشهر كن أكثر عرضة لإظهار علامات السلوك الانتحاري على مدى فترة المتابعة.
وقالت بولاك إن عجز الفتيات عن حل المشكلات تحت الضغط الاجتماعي، قد يزيد من مخاطر السلوك الانتحاري في المستقبل، فقط إذا اقترن مع ضغوط شخصية تراكمية أكبر في الحياة الواقعية. لذلك، تشدد الدراسة على ضرورة توفير الدعم النفسي للفتيات من خلال الوالدين أو المدرسة.