يستخدم المرشحون للانتخابات التشريعية المبكرة المقررة غداً في الجزائر منصات التواصل الاجتماعي للتواصل الافتراضي مع المواطنين وكسب جمهور أوسع، خصوصاً في ظل أزمة كورونا وقلة الموارد المالية بالنسبة للمرشحين المستقلين.
ينشط المرشحون، خاصة الشباب منهم، بشكلٍ مكثف على الفضاء الافتراضي، كمساحات أخرى ووسيلة لترويج برامجهم والتعريف بها، حتى قبل خوضهم الحملة الانتخابية وقبل قبول ملفاتهم من طرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، إضافةً إلى الدعامات الدعائية المعتادة كالملصقات والتلفزيون. تحاول الأحزاب توظيف الوسائط الاتصالية والفضاء الافتراضي بشكل أكبر، كوسائل حشد أصبحت متاحة في ميدان الاتصال السياسي، بهدف إقناع الناخبين وكسب أكبر قدر من الأصوات. وشكّلت الأحزاب لهذا الغرض، فرقاً إعلامية متخصصة، تشتغل بشكل مباشر على هذا المجال الحيوي.
والملاحظ في مختلف الصفحات الخاصة بالمرشحين أنها أخذت على عاتقها الطابع المحلي لعرض برنامجها لاهتمامها بظروف الساكنة، والاعتماد على استمالتهم بتوظيف الصور والقضايا القريبة من المواطن وكل حسب ولايته ومنطقة وحيه أيضاً. كما أنّ هذه الوسائط تبقى أحد الحلول البديلة للمرشحين عن التجمعات الشعبية في عزّ أزمة كورونا، حتى وإن أتاحت السلطة العليا للانتخابات قاعات مخصصة للمرشحين لتجمعاتهم عبر الولايات، لكنها في ظل الظرف الصحي غير كافية للترويج. وينشر المرشحون صورًا وفيديوهات للقاءاتهم مع المواطنين، ومشاركة بعض التفاصيل عن الأنشطة في الحملة الانتخابية، خاصة أنّ وسائل الإعلام التقليدية كالقنوات لا تتيح تغطية جميع المرشحين.
تعتقد الأستاذة في علوم الإعلام والاتصال نورة بن عودة أن مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة "فيسبوك"، الأكثر رواجاً بين رواد الفضاء الافتراضي في الجزائر، تعتبر فرصة للمرشحين لتغطية أدائهم الميداني، واستقطاب الناخبين. وتلفت في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنّ هذه المناسبة السياسية مختلفة عن كل المناسبات السابقة بترشح العشرات من الشباب في قوائم حرة، والذين لا يملكون ميزانية للتسويق وترويج برامجهم، وهو ما يجعلهم يستخدمون هذه الوسائط كواجهة لهم للحملة الانتخابية.
ينتهز البعض الفرصة لإعادة نشر مختلف الفيديوهات والخطوط العريضة للبرنامج الانتخابي عبر صفحات فيسبوكية يخصصونها للحملة الانتخابية للقائمة المرشحة. ووفّرت الحكومة دعمًا ماليًا للمرشحين الشباب (أقل من 40 عاماً) في القوائم المستقلة، لتغطية ميزانية الإشهار والإعلانات. بعضهم استغل هذا الدعم في تكليف فريق مصغر للعمل على صفحات التواصل الاجتماعي، باعتبارها الطريقة الأكثر فعالية لمنافسة الأحزاب المهيكلة في مجال الإنفاق على الحملة الدعائية لبرامجهم، وهو ما يجعل من الفضاء الافتراضي أسهل وسيلة وأيسرها مادياً وانتشاراً، وذلك على الرغم من أنّ بعض التجارب في الحملات الانتخابية أثبتت أنّه ليس معيارًا لتوقعات القبول لدى الناخبين. ودفع الوضع الصحي والفترة القصيرة بين إعلان موعد الانتخابات والحملة الانتخابية الكثيرين إلى استغلال الفضاء التواصلي الافتراضي كواجهة ثانية للأحزاب والمستقلين على حدّ سواء.
يعتبر المرشح عن حركة العدالة والتنمية، سهيل مناصر، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "فيسبوك" وسيلة تواصل مع شريحة واسعة من المواطنين، منبهًا أن الميدان له خصوصية أيضاً، رغم الوضع الوبائي، لكنه في النهاية الأكثر قرباً من المواطن، ومن تحسس همومه ومطالبه أيضاً. لكن المرشح عن حزب الحكم الراشد قي ولاية باتنة شرقي الجزائر عوفي عبد الوهاب، طرح قراءة مغايرة لموضوع استخدام وسائط التواصل الاجتماعي، إذ يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "المشكلة تكمن في إقناع الناس في المشاركة في الانتخابات". ويرى أنّ "فيسبوك يستعمله المرشح لنشر صوره وأعماله وبرنامجه، والكل يعلم أنّ له دورًا أبرز، لكنّ فيسبوك في الحملة الانتخابية يعتبر إعلامًا جديدًا يخاطب أشخاصًا بأغلبيتهم لا يشاركون في الانتخابات. الإعلام التقليدي له الدور الأبرز ويبقى الأفضل".