إطلاق مشروع متحف شيرين أبو عاقلة للإعلام وعائلتها ستواصل الجهد لمحاسبة قتلتها
تمر الذكرى الأولى لاستشهاد مراسلة قناة "الجزيرة" في فلسطين شيرين أبو عاقلة برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال تغطيتها اقتحام مخيم جنين شمال الضفة الغربية، من دون تحقق العدالة لها حتى اللحظة.
لكنها الذكرى الأليمة التي كان لا بد أن تبدأ بزيارة عائلتها وعدد من زملائها لضريحها في القدس ووضع أكاليل الزهور عليه، قبل أن تشهد الساحة الفلسطينية نشاطات عدة مرتبطة بالذكرى، أهمها إعلان جامعة بيرزيت أسماء الفائزين بجائزة شيرين أبو عاقلة للتميز الإعلامي ظهر اليوم الخميس، ورفع الستار عن متحف شيرين أبو عاقلة للإعلام في رام الله مساءً.
تؤكد العائلة أنها لم تدخر جهداً لمساءلة المتورطين في اغتيال أبو عاقلة. "نجتهد بفتح تحقيق شفاف ويعتمد على حقائق في اغتيالها، هذا أقل شيء من الممكن أن تفعله العائلة"، يقول أنطون أبو عاقلة، شقيق الصحافية الفلسطينية الراحلة، لـ"العربي الجديد"، على هامش الإعلان عن بدء تنفيذ مشروع متحف شيرين أبو عاقلة للإعلام في رام الله.
يشير أبو عاقلة إلى أن جهود العائلة أثمرت بدعم من نواب أميركيين في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي فتح تحقيق في الولايات المتحدة من قبل وزارة العدل الأميركية في جريمة الاغتيال، لكنه أشار إلى أن التحقيق لا يزال في بدايته، مطالباً بتعاون الجميع معه. يستدرك أبو عاقلة بالقول إنه كان يأمل من الولايات المتحدة أكثر، كون شقيقته كانت تحمل الجنسية الأميركية أيضاً، إذ "نشعر بخذلان، والآن بعد فتح التحقيق الأميركي من الممكن أن تكون هناك نتيجة إيجابية".
يصف عاماً كاملاً مرّ على العائلة بالمؤلم، مؤكداً أن شقيقته عملت في جميع مناطق فلسطين، وهي تغطي المعاناة، وآثار احتلال غاشم استمر لسنين، و"لم نستطع حتى الآن التخلص منه وذلك بسبب الصمت الدولي الذي يعطي الحصانة للقتلة والجيش الإسرائيلي لفعل ما يشاء، نأمل أن يكون هناك تحول في الحصانة التي يمنحها المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة، لجيش الاحتلال".
وكشف أبو عاقلة الستار عن لافتة وحجر أساس لمتحف شيرين أبو عاقلة للإعلام، بمشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، وشخصيات من بلدية رام الله، وشبكة الجزيرة، ووزارة الحكم المحلي ومحافظة رام الله والبيرة، على أرض تقدر مساحتها بأكثر من أربعة دونمات تبرعت بها بلدية رام الله، وستمول مشروع المتحف "الجزيرة".
ويقول أبو عاقلة إن المشروع مهم جداً للعائلة ولأجيال قادمة، تخليداً لاسم الصحافية وإرثها، وسيفتح المجال لاستمرارية دور الصحافة في فلسطين.
وكانت بلدية رام الله قد وقعت اتفاقية مع شبكة الجزيرة لإنشاء المتحف، وأقامت حفل إطلاقه اليوم. وتتمثل الاتفاقية المبرمة بين الطرفين في قيام بلدية رام الله بتخصيص قطعة أرض بموقع مميز، في حين تقوم "الجزيرة" بتمويل بناء وإنشاء وتجهيز المتحف.
ويهدف المشروع لإنشاء مركز تفاعلي دائم باسم الشهيدة شيرين أبو عاقلة، بحيث يكون فضاءً تعريفياً وملهماً. وتتمثل غايات المتحف في تخليد ذكرى أبو عاقلة وتوثيق ذكرى شهداء الصحافة الفلسطينية الآخرين، والتعريف بتاريخ الإعلام الفلسطيني، وتوفير مساحات للإعلاميين والأجيال الشابة للتعبير عن الواقع الحالي للقضية الفلسطينية، والمساهمة في نمو وعي الجمهور للإعلام.
ويقول رئيس بلدية رام الله عيسى قسيس، لـ"العربي الجديد"، إن البلدية قدّمت الفكرة وقدمت قطعة أرض في مكان مميز، لينشأ مركز ومتحف تفاعلي غير كلاسيكي، لا يحوي فقط المقتنيات، بل يحكي الحكاية، ويغطي الماضي والحاضر ويتحدث عن المستقبل، باستخدام مستوى تقني عالٍ.
ويؤكد قسيس أن المتحف سيغطي شرائح كثيرة ويخدم الضفة وغزة والقدس والشتات والمخيمات، واعداً بأن يكون أيقونةً ومكاناً لتجمع الصحافيين.
أما مدير مكتب قناة الجزيرة في فلسطين، وليد العمري، فيؤكد لـ"العربي الجديد" أن "الجزيرة" وضعت موازنة وصفها بالمحترمة لتغطية كافة التكاليف لإقامة المتحف وتشغيله، مؤكداً أن التقديرات تشير إلى أن الموازنة التي رصدت ستكون كافية لهذا المشروع الكبير، "لتخليد ذكرى شيرين وذكرى المسيرة الصحافية الفلسطينية، وكل الذين استشهدوا في طريق الحرية والصحافة".
ويشير العمري إلى تقديم شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية في بداية ديسمبر، مؤكداً أن قضية العدالة لشيرين من أولويات شبكة الجزيرة وعلى أعلى المستويات.
ويرى العمري أنه من المفروض أن يقوم النائب العام في المحكمة الجنائية الدولية كريم خان بمهمته ووظيفته وواجبه، ويضيف: "نحن الآن نعمل على أن يقوم بالمهمة، ولن نكل ولن نمل حتى الإعلان عن لجنة تحقيق دولية أو أن يأتي النائب العام إلى هنا".
وأشار العمري إلى "تنفيذ أكثر من 10 تحقيقات من مؤسسات مختلفة مستقلة وبعضها معروف عنه أنه لا يتعاطف مع الفلسطينيين، وجميعها أكدت على الحقائق التي تؤكد أن جيش الاحتلال هو من قتل شيرين أبو عاقلة، ويجب أن يتحمل المسؤولية، مؤكداً أن رفع شعار العدالة لشيرين يهدف للمساءلة، كما يهدف لتوفير الحماية للصحافيين بشكل عام في الأراضي الفلسطينية".
بدوره، قال رئيس الوزراء، محمد اشتية، إن شيرين أبو عاقلة بدأت حياتها كشاهدة، وانتهت شهيدة، مشيراً إلى أنها لو كانت ما زالت على قيد الحياة لكانت تغطي في ساحة الميدان قرب قطاع غزة أو جنين أو نابلس، معتبراً أن المتحف سيخلد ذكراها وسيكون بمثابة توثيق للإعلام الفلسطيني، وكل جرائم الاحتلال بحق الصحافة الفلسطينية.
ومن المقرر أن يُفتتح مشروع المتحف وتشغيله في ذكرى استشهاد شيرين أبو عاقلة الثالثة في الحادي عشر من مايو/أيار العام 2025.