مخاوف من تدهور معيشة العمال المصريين بعد تخفيض قيمة الجنيه

23 مارس 2022
قرارات البنك المركزي تهدد الطبقات الكادحة والوسطى في مصر (Getty)
+ الخط -

أعربت حملة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمال في مصر عن مخاوفها إزاء القرارات الاقتصادية الصادرة أخيرًا برفع أسعار الفائدة بنسبة 1% وانخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار بنحو 11% من قيمته، وتأثيرها على الأوضاع المعيشية للعمال وبيئة العمل. 

وقرر البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بنسبة 1% للإيداع وللإقراض، وهو ما أدى إلى تراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار في مؤشر التداول الدولي (فوركس) بنسبة 11% بعد ساعات من قرار البنك المركزي.

وواصل الجنيه المصري انخفاضه أمام الدولار في بداية تعاملات يوم الثلاثاء، 22 مارس/آذار، ليصل سعر الدولار الواحد إلى 18.5 جنيهًا تقريبًا.

واعتبرت الحملة التي تضم ممثلين عن النقابات العمالية والنشطاء والمنظمات الحقوقية المعنية بالعمال ولجان العمال في عدد من الأحزاب، أن قرارات البنك المركزي المصري، يوم الاثنين الماضي، والتي ترتبت عليها قفزة جديدة في سعر الدولار بالعملة المصرية، جاءت لتهدد الطبقات الكادحة والطبقة الوسطى، وخاصة العاملين بأجر وأصحاب المعاشات والعمالة غير المنتظمة، بتدهور جديد في مستوى المعيشة، وذلك لانخفاض قيمة الجنيه بما يعني انخفاض القوة الشرائية للأجور والمعاشات، وأيضاً لما يؤدي إليه ارتفاع سعر الدولار من زيادة تكاليف الاستيراد والنقل، وبالتالي ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات، مثل ما حدث عقب تعويم العملة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

وقالت الحملة في بيان لها، إن الحكومة وإعلامها بررت اتخاذ تلك القرارات بداعي توفير موارد جديدة تعوض الانخفاض في قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي نتيجة أعباء مواجهة الآثار السلبية لجائحة كورونا، ولمواجهة الأعباء المتوقعة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية بشأن تكاليف الاستيراد والنقل، بما يعني أنها تسعى لتعويض ذلك من دخول الكادحين، الذين يشكلون مع الطبقة الوسطى هم وأسرهم الأغلبية الساحقة في المجتمع، كما تسعى لتغطية تكاليف العلاوة الهزيلة المقبلة والتي أعلنت الحكومة عن صرفها في شهر إبريل/نيسان بدلاً من يوليو/تموز لامتصاص الغضب الشعبي قبل شهر رمضان الذي تتزايد فيه معدلات الاستهلاك، أي أن الحكومة تعطي بالشمال ما تأخذ أكثر منه باليمين.

وأشارت حملة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمال إلى أن تلك الأعباء الجديدة على المواطنين تأتي في ظل غياب أي رقابة حكومية على الأسعار، وأي ضوابط للأسواق، ما يعني المزيد من انفلاتهما، كما تأتي في ظل تشريعات مهدرة لحقوق العاملين وأصحاب المعاشات في التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي، وتحول حقوق المواطنين في الصحة والتعليم إلى مجالات للاستثمار وتحقيق الأرباح، والإعداد لمشروع قانون جديد للعمل يخلو من إلزام جميع القطاعات بحد أدنى للأجور يتناسب مع المستوى الحالي للأسعار ويوفر حياة إنسانية للعاملين وأصحاب المعاشات وأسرهم، ويخلو من آلية ملزمة لزيادة الأجور سنوياً بمعدلات التضخم نفسها، ويضع قيوداً على العمال في استخدام حق الإضراب المكفول دستورياً كوسيلة للضغط خلال التفاوض مع أصحاب العمل، ويزيد سلطات أصحاب العمل في فصل العاملين والتلاعب في أجورهم التأمينية، ويخلو من أي عقوبات رادعة لأصحاب العمل الذين يتأخرون في صرف أجر ومستحقات العمال لعدة شهور، وهي الظاهرة التي استفحلت أخيراً في العديد من مواقع القطاع الخاص. 

وتابعت الحملة "ولم تكتف الحكومة بذلك، بل إن محافظ البنك المركزي أعلن أن حدوث خفض جديد في قيمة الجنيه أمر وارد وفقاً لتوقعات معدلات التضخم في الفترة المقبلة، قائلاً إنه يتم البحث عن موارد من النقد الأجنبي، ونعتمد بشكل كبير على شراء خدمات وسلع من الخارج، متجاهلاً أن الاعتماد على الخارج في سد معظم احتياجاتنا المحلية وضعف مواردنا من النقد الأجنبي سببه الرئيسي، بل والوحيد، هو السياسات الحالية التي تقلص دور القطاعات الإنتاجية، خاصة الصناعة والزراعة، في الاقتصاد المصري، عبر تصفية قلاع الصناعة وخصخصة شركات القطاع العام الإنتاجي التي يتم تحويلها إلى مجالات للاستثمار الريعي، واستمرار استيراد السلع الاستفزازية والكمالية". 

وأكدت حملة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمال أن اتخاذ القرارات دون رؤية سياسية تضمن التوازن والاستقرار المجتمعي، ودون رؤية شاملة تضع في حساباتها الأبعاد الاجتماعية إلى جانب الأبعاد الاقتصادية، وغياب أي خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، من شأنه دفع بيئة العمل، بل والمجتمع كله، إلى حالة من عدم الاستقرار، وخاصة أن الحريات الوحيدة المطلقة من جانب الحكومة وأجهزة الدولة هي حرية السوق وحرية المستثمرين في فعل ما يشاؤون دون ضابط أو رابط أو تشريعات رادعة.

المساهمون