يأتي الاحتفال العالمي بعيد العمال في الأول من مايو/أيار كلّ عام، بينما يقضيه العشرات من القياديين العماليين والنشطاء السياسيين المهتمين بالشأن العمالي، في السجون المصرية، منذ عدة أعوام.
فبالرغم من حملات الإفراج عن عدد من النشطاء والسياسيين والصحافيين في السجون المصرية، على خلفية توازنات ومصالحات يبرمها النظام، مع عدد من رموز التيارات السياسية، لكن هذه التوازنات خلت قوائمها من قياديين عماليين ونشطاء لطالما رفعوا راية النضال في المصانع والنقابات المستقلة.
فبينما أطلقت السلطات المصرية، سراح الصحافي المصري، حسام مؤنس، بموجب عفو رئاسي، بعد حفل إفطار الأسرة المصرية، الذي التقى فيه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بعدد من الرموز السياسية في مصر من بينهم حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي، لكنّ قرار الإفراج لم يشمل على سبيل المثال الصحافي هشام فؤاد، الذي حكم عليه في قضية حسام مؤنس ذاتها.
ويعد حسام مؤنس، أحد قياديي التيار الشعبي، الذي التقى مؤسسه مع عبد الفتاح السيسي على مأدبة الإفطار. بينما هشام فؤاد محسوب على التيار الاشتراكي، وعضو حركة الاشتراكيين الثوريين المصرية، ومختص في الشأن العمالي، وله كتابات دورية مهمة في بوابة الاشتراكي التابعة لحركة الاشتراكيين الثوريين، من أوائل الحركات السياسية في مصر التي اعترفت بأن أحداث الثالث من يوليو/تموز 2013 كانت انقلابًا عسكريًا على سلطة حرة منتخبة.
كانت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ مصر القديمة، قد قررت في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حبس المحامي زياد العليمي 5 سنوات، و4 سنوات لكل من الصحافيين هشام فؤاد وحسام مؤنس، وفرض غرامة على الجميع قيمتها 500 جنيه، في القضية المعروفة إعلاميا بـ" خلية الأمل"، وهم محبوسون فيها احتياطيا منذ يونيو/حزيران 2019، قبل الإفراج عن حسام مؤنس في عفو رئاسي نُشر في الجريدة الرسمية. وتضم القضية أيضا حسام ناصر كامل ومحمد وبهنسي مسعد وفاطمة رمضان.
وهشام فؤاد، ناشط سياسي ومختص في الشأن العمالي رفيع المستوى، منذ أول لقاء له مع الحركة العمالية عام 1989 خلال اعتصام شركة الحديد والصلب عندما انضم لحركة التضامن مع العمال الذين اعتُقِلوا على خلفية الاعتصام.
ثم برز دور فؤاد عام 2006 مع بداية صعود الحراك الاجتماعي والعمالي، حيث عكف على تغطية أخبار إضراب شركة غزل المحلة واعتصام الضرائب العقارية وغيرها من الإضرابات العمالية التي شهدت صعوداً متواتراً في مواجهة سياسات نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
كما كان لفؤاد دور كبير في دعم النقابات المستقلة منذ عام 2010، منذ تأسيس أول نقابة عمالية مستقلة في مصر، وهي نقابة "موظفي الضرائب العقارية" وكان رئيسها آنذاك القيادي العمالي كمال أبو عيطة، الذي شارك في مأدبة إفطار الأسرة المصرية، مع الرئيس السيسي.
وشارك فؤاد في تأسيس اللجنة القومية للدفاع عن الفلاحين عام 1997 ضد قانون الإصلاح الزراعي، وكان له دور بارز في ظهور هذا الكيان للنور. كما شارك في تأسيس حركة "كفاية" المناهضة لحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك والتي كانت ضد التوريث وكان أحد العناصر القيادية بها.
ما يقال عن الصحافي هشام فؤاد، ودوره المهم في الحركة العمالية المصرية منذ نحو عشرين عاماً، ينطبق كذلك على الناشط السياسي والمحامي العمالي هيثم محمدين، عضو حركة الاشتراكيين الثوريين أيضاً، الذي ألقي القبض عليه في 11 مايو/أيار 2019، وما زال محبوسا حتى الآن رغم مرور عامين على حبسه احتياطيا.
وفي 8 مارس/آذار 2021، صدر حكم قضائي بالإفراج عن محمدين وإبقائه تحت المراقبة؛ لكن ما أن أخلي سبيله حتى عرض في اليوم التالي مباشرة على نيابة أمن الدولة العليا ليواجه بالتهم نفسها، ولكن في قضية جديدة.
ويواجه هيثم محمدين في القضيتين، اتهامات ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن القومي، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ومشاركة جماعة إرهابية، ولا يزال محمدين محبوسا احتياطيا على ذمة القضيتين منذ القبض عليه في مايو/أيار 2019.
واللافت في يناير/كانون الثاني 2015، أن لجنة حصر أموال جماعة الإخوان المسلمين، التابعة لوزارة العدل، قررت التحفظ على أموال وممتلكات 112 شخصا، كان من ضمنهم اثنان من الاشتراكيين الثوريين، وهما هيثم محمدين وهشام عبد الرسول.
أما والده فهو القيادي العمالي فوزي محمدين، وهو من القياديين العماليين الذين شاركوا في اعتصام عمال الحديد والصلب عام 1989، وكان له دور ونشاط سياسي وعمالي بارز.
وكثيرا ما تعرض هيثم محمدين للاعتقال إذ جرى القبض عليه قبل ذلك في قضية "الأرض" بسبب مشاركته في احتجاجات رفض نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية في 2016، ثم ألقي القبض عليه في قضية "معتقلي المترو" في 2018.